- صفارات الإنذار تدوي في عكا وحيفا وبمستوطنات بالضفة
حتى الفترة الأخيرة درجت جهات في اليمين ومن محيط بنيامين نتنياهو على القول إن المتظاهرين أمام مقر رئاسة الحكومة وفروعهم أمر جيد لرئيس الحكومة، لأنهم يكشفون عن "الوجه الحقيقي للمحتجين" ويوحّد صفوف مؤيديه من ورائه. وقال ابن رئيس الحكومة، يائير نتنياهو، إنهم يسلّون نتنياهو: "أعرض على والدي صور هذه الكائنات الفضائية، وهذا يضحكه".
على ما يبدو لم تعد التظاهرات تُضحك سكان مقر رئاسة الحكومة. وإلاّ لا يمكن بغير ذلك أن نشرح تعديلات القانون والصلاحيات لمواجهة وباء "كورونا"، والتي كل هدفها إحباط التظاهرات ضد رئيس الحكومة في إحدى أصعب الفترات التي عرفتها الديمقراطية الإسرائيلية. كثيرون سخروا من الفيديو الذي نشرته إيلان شاحر، هذا الأسبوع، والذي تظهر فيه الصبيّة تبكي بغضب وتصف المتظاهرين بـ"المسوخ". لا يوجد ما يدعو إلى السخرية في هذا الفيديو. ليس من المبالغة الافتراض أن شاحر تعبّر على طريقتها، وبصورة صافية أصيلة مثيرة للإعجاب، عن مشاعر الموجودين في مقر رئاسة الحكومة ووسط مؤيدي نتنياهو. هؤلاء يتحركون بحدة بين قطبين من القلق الرهيب والكراهية الشديدة، وبين تضخيم صور المتظاهرين وتصويرهم كمسوخ ليست بشرية.
منع التجمعات هو خطوة منطقية لكبح المرض، لكن لا يوجد شيء منطقي في خطوات هذه الحكومة، التي من جهة تعارض حتى احتجاج قافلة من السيارات لا تشكل أي خطر على انتشار العدوى، ومن جهة ثانية تسمح بالكثير من الفوضى في جزء من مؤسسات المجتمع الحريدي. هذه الفوضى الفاضحة السائدة في أجزاء من المجتمع الحريدي المتباين تضحي قبل أي شيء بجزء من الجمهور هناك، الذي يحرص على احترام التعليمات، لكنه يجد نفسه، رغماً عن إرادته، عالقاً في فخ المرض، ولاحقاً أيضاً بالمنظومة الصحية والمرضى الذين سيحتاجون إليها. كل إنسان عاقل يدرك أنه إذا كان المطلوب إجراءً عاجلاً، يتعارض مع حقوق الفرد، وحرية الحركة والعبادة وحقوق مقدسة أُخرى في دولة ديمقراطية، فإنه يجب أن يُتّخذ قبل كل شيء هناك [المجتمع الحريدي]، في منطقة الكارثة.
مجرد حقيقة أننا وصلنا إلى هذا التشريع الجهنمي- ليس مهماً ضد من- هو فشل مروع للحكومة. الدول التي تنجح في التعايش بطريقة ما مع الوباء تمتاز بوجود علاقات ثقة بين الحكومة والشعب- الحكومة تقود سياسة هدفها الدفاع عن المواطنين وعن المنظومة الصحية، من خلال المحافظة على أكبر قدر من حقوقهم والاهتمام بحاجاتهم. المواطنون من جهتهم يردون الجميل من خلال الالتزام بالانضباط الذاتي الصارم والتضحية الذاتية. فقط من خلال حركة مشتركة يمكن مواجهة عاصفة رهيبة مثل "كورونا" وتقليص أضرارها.
وماذا يجري في إسرائيل؟ في خضم أزمة مخيفة، ذات متغيرات مهمة، مثل الصحة الجسدية والنفسية والاقتصادية والمجتمعية، وفي خضم دوامة سياسية لا تنتهي يحاول صاحبها استغلالها بأي طريقة لإلغاء محاكمته، تتقدم إسرائيل بخطى كبيرة نحو حرب أهلية. في الجهة الأولى من المتراس هناك إيلان شاحر وفي الجهة الثانية - معارضو نتنياهو. القانون الذي أُقر في الأمس في الكنيست صب الزيت على هذه النار.
عن "هآرتس"
*محللة سياسية.