اليوم الجمعة 06 يونيو 2025م
أبرز تطورات الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة في يومها الـ 609الكوفية مراسلنا: قصف مدفعي يستهدف وسط مدينة خانيونسالكوفية مراسلنا: طائرات الاحتلال تنفذ غارات على شرق جباليا البلد شمال قطاع غزةالكوفية جيش الاحتلال يحدد أوقات التوجه إلى مراكز توزيع المساعدات في قطاع غزةالكوفية فرنسا: عازمون على الاعتراف بدولة فلسطينالكوفية سجون الاحتلال تواصل إخفاء آلاف الأسرى الفلسطينيين وتعذيبهم بظروف قاسيةالكوفية إصابات بهجوم مستوطنين على خربة حمصة الفوقا بالأغوار وتوسع حملة الاحتلالالكوفية ترامب يفرض عقوبات على قضاة الجنائية الدولية.. والمحكمة تعتبرها محاولة لتقويض استقلالهاالكوفية الأردن يكتب التاريخ ويتأهل لأول مرة إلى نهائيات مونديال 2026الكوفية تقدّم في أزمة تجنيد الحريديين بعد اجتماع بين نتنياهو وإدلشتاين ودعم "أغودات يسرائيل" لحل الكنيستالكوفية أربعة قتلى في هجوم روسي بمسيّرات وصواريخ على كييف ومناطق أوكرانية عدةالكوفية ماسك يطالب بعزل ترامب.. فما القصة وراء الخلاف؟الكوفية أكثر من 130 وسيلة إعلام ومنظمة تطالب إسرائيل بالسماح بدخول المراسلين الأجانب إلى غزة فوراًالكوفية محاكمة "توتال إنرجي" بتهمة "الغسل الأخضر" في قضية تاريخيةالكوفية تصعيد إسرائيلي وتهديد الجيش اللبناني بتجميد التعاون مع لجنة مراقبة وقف إطلاق النارالكوفية أزمة تجنيد الحريديين في إسرائيل: صراع سياسي ومجتمعي يهدد استقرار الحكومةالكوفية المحكمة تمدد اعتقال سناء سلامة دقة حتى الأحد بعد استئناف الشرطةالكوفية مراسلنا: 5 شهداء ومصابون بنيران الاحتلال قرب مركز توزيع المساعدات غربي رفحالكوفية لولا دا سيلفا: الاعتراف بدولة فلسطين واجب أخلاقي وما يجري في غزة إبادة جماعيةالكوفية سلاح الخبز في حرب الإبادةالكوفية

إمّا صفقة سريعة، وإما إلى فوضى شاملة!

18:18 - 05 يونيو - 2025
عبد المجيد سويلم
الكوفية:

وصلت الأمور إلى الحالة التي لم تعد تحتمل الاستمرار على نفس منوالها.

جيش الاحتلال إذا قرّر أن يواصل عدوانه كما وعد وتوعّد، فهو لن يفعل ذلك إلّا بأعلى درجات البطء والحذر، لأن مراهناته ليست على قدراته العسكرية، ولا على معنوياته جنوده، ولا على الدعم السياسي له من المجتمع الإسرائيلي، ولا على كل تجاربه التي كانت مرّة كالعلقم، وإنما هو يراهن على سلاح جديد للتدمير الشامل وهو سلاح الجوع.

دولة الاحتلال أصبحت عارية أمام كل العالم، وأصبحت مكشوفة بل ومفضوحة أمام مجتمعها من أنها فقدت القدرة على الحسم. والحسم نفسه بالوسائل العسكرية الكارثية انتهى وأصبح خلفها، ولم يتبّق أمام هذه الدولة الإجرامية سوى التجويع، أو بالأحرى التعذيب بالتجويع.

وعندما تحشد دولة بمعظم قواتها البرية الغازية العاملة في بقعة جغرافية مثل قطاع غزّة، وتكون قد دمّرت كل شيء، وأبادت عشرات آلاف الأرواح المدنيين، ومسحت بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى أكثر من 70 أو 80% من أبنيته ومرافقه، ثم لا يمتلك جيشها الإجرامي سوى أن يتفنّن في قتل الناس وتجويعهم، فهذا يعني أنه ليس أمامه الآن إلّا هذا السلاح بعد أن فقدت كل الأسلحة الأخرى قدرتها على الحسم.

والحرب العدوانية الآن كما تدور هي التعذيب بالتجويع مطعّمة باستمرار القتل والإجرام ضد مراكز الإيواء و»التوزيع»، بعد أن تحوّلت كلها إلى «مصائد» للإعدام على الهواء مباشرةً.

عندما يبدأ الموت بالعشرات، ثم بالمئات، ويصل إلى الآلاف من الجوعى، ستحصل الفوضى الشاملة في كل الإقليم، والنار ستأكل الأخضر واليابس، ولن يسلم منها أحد.

سلاح التجويع هو السلاح الأخير، وهو البداية للإبادة الشاملة، وهو البداية للفوضى الشاملة.

تعتقد دولة الاحتلال أن هذا ما تبقّى أمامها للحسم، وليس بعيداً عن هذا الاعتقاد تذهب الإدارة الأميركية بحذر وخوف شديدَين، وهذا بالضبط ما يرى «العرب والمسلمون» بأنهم يغامرون بالسكوت عنه بكل ما خافوا عليه حتى الآن، وكل ما حاولوا تجنّبه طوال فترة هذه الحرب الهمجية ضدّ الشعب الفلسطيني.

وصلنا إلى ساعة الحقيقة، حقيقة أن الاختيار بات أمام نوعين من «الانتحار».

التعذيب بالتجويع سيؤدي إلى الفوضى الشاملة، ووقف هذه العملية الانتحارية هو عملية انتحارية بحدّ ذاتها.

وهذا ينطبق برأيي على الحالة الفلسطينية كما ينطبق على الحالة الإسرائيلية.

تدرك حركة «حماس» أن الحل الوحيد الممكن لتفادي المأساة الإنسانية سيعني بعد عدة أسابيع فقط الانتقال المؤكّد إلى «فرض» التهجير و»التطهير العرقي» بدوافع «إنسانية»، وليس أمامها سوى البحث عن حل وسط، وهي تقترب كثيراً من الموافقة عليه مرغمة.

وتدرك دولة الاحتلال أن الانفجار في كل المنطقة أصبح على الأبواب، بل ولديها المعلومات والمعطيات حول هذه الإمكانية، داخلياً وإقليمياً ودولياً، وهي بالتالي أمام عدة أيام أو أسابيع، فإما أن تقبل بحلّ وسط أو تغامر بكلّ شيء.

نجح نتنياهو بمشاغلة ترامب بالتهديد المباشر ببقاء الملف النووي الإيراني على طاولة التفاوض من خلال «ضربة» إسرائيلية للمفاعلات النووية الإيرانية معتمداً على جناح قوي مؤيد له في هذه الإدارة، ونجحت «الدولة العميقة» الأميركية بإرباك رئيسها من خلال العملية الاستخبارية «الأوكرانية» في روسيا، بصورة مؤثّرة وعلى أعلى درجات الخطور والإتقان، فكان أن بدأ حملات تطهير جديدة في إدارته سيدفع نتنياهو ثمنها غالياً جداً، وسيخرج منها ترامب منتصراً ومنتشياً في غضون عدّة أسابيع فقط.

لعب نتنياهو بالورقة الداخلية الأميركية بصورة تتجاوز قدرة ترامب على السكوت عنها، وظهر له أنه بسبب أزمته التي يعرفها عن قرب مستعد لأن يلعب بكل شيء، وليس لديه أي «محرّمات»، بما في ذلك اللعب في إدارته نفسه، وهذه المسألة بالذات ثمنها سيكون رأس نتنياهو نفسه.

ما كان نتنياهو أن يلعب بكل هذه الأوراق لو كانت لديه أوراق عسكرية للحسم، وما كان أن يفضح نفسه وكيانه وحكومته أمام درجات غير مسبوقة من الاحتجاج الأوروبي والعالمي ضده، لولا أنه فقد كل الأوراق التي كانت بحوزته حتى الآن.

وبهذه المعاني كلها فهو يلعب لعبة انتحارية، ولم ينجح بلعبة ابتزاز ترامب في المسألة الإيرانية، ولم ينجح بلعبة الضغط على الأخير من داخل الإدارة نفسها.

أما توفير الأمن، فالأمور تسير نحو الأسوأ بتسارع كبير.

«جماعة أنصار الله» (الحوثيين) اليمنية تزيد من وتيرة إطلاق الصواريخ بهدف واضح ومعلن وهو إبقاء دولة الاحتلال تحت الضغط المباشر، وإرباك المجتمع الإسرائيلي حتى يعلي من وتيرة تصدّيه لاستمرار الحرب قبل الانتقال إلى وتيرة أكبر وأدقّ في الإصابات والأهداف عند درجة معينة من تطوّر الأحداث، خصوصاً التجويع.

وعلى الجبهة الإيرانية، يزداد تصلّب إيران في مسألة الردّ على أي هجوم إسرائيلي، وانتهت حتى في ذهن الإدارة الأميركية مناقشة الدور الإيراني في الإقليم، ورُفعت الصناعات الصاروخية من جدول أعمال المفاوضات، وهنا فإن نتنياهو يكون قد خسر الابتزاز، وخسر نمط المفاوضات بين إيران وأميركا.

في سورية، بدأت حركة جديدة باتجاه تسخين جبهة الجولان السوري المحتلّ وتيرتها في الأيام والأسابيع القادمة، وفي لبنان خسرت الحكومة مراهنتها على الحلول السياسية والدبلوماسية، وسقط خيارها أمام استمرار دولة الاحتلال باستباحة بلدها، ورفض الذهاب إلى الانسحاب من القرى التي لا تزال تحتلّها أو تسيطر عليها.

وهنا، أيضاً، فالأمور قابلة للانقلاب في أي لحظة، ولا تمتلك دولة الاحتلال سوى أن تتورّط في متاهات جديدة من دون أي آفاق حقيقية بتغيير الواقع للصالح أهدافها.

وفي هذه الحالة، فإن خسائر جيش الاحتلال ستكون أكبر من قدرته على تحمّلها في ظروف انعدام أهداف واضحة للحرب، وفي ظروف عزلة دولية قاتلة، وفي ظروف تراجع غير مسبوق من المجتمع الإسرائيلي في الوقوف خلفه دون أهداف، ودون حسم، ودون نتائج، ودوامة من الموت فقط.

و»حماس» ما زالت تراهن على أن أي اتفاق معياره هو فيما إذا كان سيعني النصر لدولة الاحتلال أم لا.

وهي مستعدة برأيي إلى أي حلول وسط دون هذا المعطى بالذات، لأنه هو المدخل للتهجير والاقتلاع، وليس لأسباب أخرى رغم وجود مثل هذه الأسباب الأخرى.

الضغط على «حماس» هائل باتجاه القبول عملياً بورقة المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف كما هي، بما في ذلك الضغط من الفصائل المتحالفة مع «حماس» بصرف النظر عن «علنية» هذا الضغط، لكن الأخيرة لن تقبل أبداً به، ولن ترضخ له، وهي تفضل الذهاب إلى الحرب الاستشهادية إذا لزم الأمر، لأن مثل هذه الحرب العدوانية، رغم كلفتها العالية جداً على الحركة نفسها أولاً وقبل كل شيء، إلّا أن إمكانية تفادي التهجير من خلال حرب كهذه هي أعلى بكثير من تفاديه في حالة إن سلمت لدولة الاحتلال «رخصة» العودة إلى الحرب.

المعلومات التي تتسرّب من أوساط داخل «حماس» تشي بأن الرفض للورقة لن يطول، والتعديلات التي تحاول الحركة إدخالها لن تكون جوهرية، لأن التعديلات عليها تعني هزيمة الاحتلال وهزيمة الأميركان، بل وهزيمة العرب والمسلمين الذين سكتوا عن كل ويلاتها طوال أكثر من 600 يوم من الإبادة والإجرام.

خلال أيام قليلة فقط ستقرر «حماس» موقفها، حيث يتنازعها من المواقف ما هو مربك إلى أبعد الحدود. فهناك من يقول لها، من داخلها ومن دائرة تحالفاتها، ومن خارجها، أيضاً: لماذا لا تقبلي بالورقة لتفادي الجوع الآن، وإلى 60 من الأيام قد تتغير فيها المعادلات والمعطيات، ثم تعودين إلى «الحرب الانتحارية» إذا لزم الأمر، أو إذا عادت دولة الإجرام إلى إجرامها وعدوانها من جديد.

وهناك من داخل الحركة من يردّ على هذه المواقف بأن «خسارة» الأسرى ستنهي حركة الشارع الإسرائيلي، وستنقل المعركة إلى نزع السلاح، وإلى «حرية» التهجير الصامت، وإلى تحويل الأخير إلى تسريب جماعي نحو دول غير عربية مرشحة للموافقة على استقبال عشرات الآلاف تحت مسمّيات مختلفة.

وفي هذه الحالة، لن يكون بمقدور أحد أن يمنع الفصل النهائي للقطاع، وإعادة تجويعه بعد إفراغ القسم الأكبر منه، وهذه هي الصورة الوحيدة التي تحقّق الأهداف الإسرائيلية.

باختصار، فإن «حماس» ترى أن ثمّة «حرباً استشهادية» يجب أن تُخاض لنرى فيما إذا كانت هي ذاتها ستتولّى مهمّة تغيير المعادلات والمعطيات.

وباختصار، أيضاً، ترى قيادات وازنة داخل الحركة أن النتيجة النهائية لورقة ويتكوف هي انتحار سياسي، ويرى نتنياهو أن أي تعديل عليها باتجاه أي قيود للعودة إلى الحرب العدوانية هو بمثابة انتحار سياسي مقابل.

وبين حالتين من الانتحار السياسي يضيق الوقت ويضغط بشدّة، فإما صفقة سريعة، وإما إلى فوضى شاملة.

الحلّ الوسط في الشكل وليس في الجوهر ما زال متعذّراً، والنقاش كلّه يدور حول شكل الحلّ الوسط ليس أكثر.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق