الكوفية:القدس المحتلة: نشرت القناة 12 العبرية، اليوم الإثنين، مقالاً لإيهود باراك، رئيس الحكومة ووزير الأمن والخارجية ورئيس هيئة الأركان سابقاً، ورد فيه: تقف إسرائيل على حافة الهاوية، تحدق بأمنها القومي أخطار فورية واضحة. تتعرض فيها استقلالية المحافظين على القانون والمحاكم للخطر كما تتعرض لأخطار مماثلة الديمقراطية والفصل بين السلطات وأنظمة السلطة وجيش الشعب والتضامن الداخلي والمكانة الدولية والهوية القومية وقيمها ومستقبلها. نتنياهو هو الذي وضعها على حافة الهاوية وهو الذي يصر على دفعها إليها من أجل إنقاذ نفسه من نتائج أخطائه، من فقدان السلطة، من التحقيقات في قضية قطرغيت ومن قرار المحكمة في قضاياه ومن قرار حكم التاريخ عليه.
يتوجب أن تكون أعمى، فاقداً للاتزان، أو جباناً من أجل ألا ترى هذه الحقيقة الواضحة. قد تكون هذه حقيقة مؤلمة: فقد نتنياهو خلال العامين والربع الأخيرة البوصلة وخرب ما تم بناؤه في البلاد بجهد ودماء الإسرائيليين خلال الـ 140 عاماً الأخيرة.
تبذل مجهودات كبيرة لتحويل إسرائيل إلى ديكتاتورية تحت ستار أسافين وإعلام وتصريحات مفرغة المضمون عن الحكم والاصلاحات "بالاتفاق" وعن حقوق الأغلبية وتعديل الإجحاف وذلك في الوقت الذي تستمر فيه الحرب. لقد تم الحط من مكانة السلطتين التشريعية والقضائية. عملوا على الحط من مكانة المعارضة وأفرغوا مضامين "المحافظين على القانون" وقادة خدمات الجمهور.
شرطة ساقطة وأجهزة سرية برئاسة "موالين للملك" تضمنان سلطة متحررة من الرقابة ومن الالتزام بالقانون وبحقوق المواطن، بدون وجود معارضة وبدون محاسبة الجمهور لها، سلطة فرد وزمرة ذات قوة، أموال تفرض الاحترام والدعم السياسي من قطاعات بعضها يعيش على حساب الجمهور بدون تحمل أعباء، بعضها عنصري. يستطيع هؤلاء عمل ما يحلو لهم ويقودون إلى دولة ديكتاتورية ظلماء، فاسدة ومفسدة لا قومية تتغلل إليها الفاشية، ضعيفة معزولة ومصابة بالصرع بالمنظور الدولي.
عاد نتنياهو من الولايات المتحدة مهاناً خائب الآمال وشرعت واشنطن بإجراء مفاوضات مع إيران وأردوغان. قال ترامب لنتنياهو:" أنتم وكما يبدو تتلقون أربعة مليارات دولار سنوياً". ويبدو أن ترامب بدأ يتعافى من تأثير نتنياهو. سيزور المنطقة بعد حوالي الشهر ومن المتوقع تجنيده من السعودية والإمارات حوالي ترليون دولار ومن المحتمل أن يحمل معه لهم أنباء عن نية إنهاء الحرب على غزة حتى وإن كان هذا يحمل في طياته ممارسة ضغوط على إسرائيل. لهذا يترك الأمر الآن بأيدي نتنياهو لكنه يرمز إلى انتهاء الحرب قريباً.
ليس بالإمكان تحقيق استمرار الحرب نتائج استراتيجية حقيقية، ومن المشكوك فيه أن يؤدي الضغط العسكري إلى دفع حماس لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين، وبصورة مؤكدة سيؤدي استخدام قوة مبالغ بها إلى فرض حكم إعدام لعدد غير معروف من المحتجزين.
هذه "حرب سلامة نتنياهو"، حرب ينعدم فيها التفكير الاستراتيجي أو السياسي، وفقط الحاجة السياسية الخاصة بنتنياهو الذي يستمر بالحرب لمنع سقوط حكومته ولخدمة مواقفه في التحقيقات في محاكمته وفي لجنة التحقيق الرسمية. تحدث نتنياهو هاذياً في اجتماع الحكومة قبل حوالي 12 يوماً عن انهيار حماس وعن نزع أسلحتها وعن تهجير قادتها وذلك من خلال "الترانسفير الطوعي" وتنفيذ "مخطط ترامب". لكن من الواضح لكل نافذ بصيرة أن ترامب لم يعد يفكر بـ "الريفيرا" بغزة ويعيش عالماً آخر مغايرا نهائياً، سيكتشف نتنياهو ذلك متأخراً بأسلوب قاسٍ.
الأسلوب الصحيح الذي يتوجب أن تتبناه أي حكومة عقلانية هو إعادة جميع المحتجزين حتى وإن كان الثمن هو وقف إطلاق النار التي بإمكان إسرائيل استئنافها إذا وجدت أي حاجة لذلك. الأسلوب الوحيد لضمان عدم سيطرة حماس على القطاع وعدم تهديدها إسرائيل هو استبدالها بمؤسسة شرعية أخرى تحل محلها، قوة عربية تسيطر على القطاع لفترة مرحلية طويلة بدعم جامعة الدول العربية والولايات المتحدة، بتمويل سعودي وإماراتي لمشروع إعمار القطاع.