أكّد ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، أنّ نتائج استطلاعات الرأي التي نُشرت مؤخرًا عن مؤسسات إعلامية وبحثية إسرائيلية مرموقة، ومنها موقع واللا الإخباري الشهير، تكشف ما وصفه بـ"الاندماج المجتمعي الإسرائيلي الكامل في مشروع الإبادة الجماعية"،
حيث أظهر الاستطلاع أن غالبية شعب دولة الاحتلال ومنهم 73% من مؤيدي الائتلاف الحاكم يدعمون صراحة استمرار الحصار التجويعي الابادي على أكثر من مليون طفل فلسطيني في قطاع غزة.
وأشار دلياني إلى أن هذا الدعم الشعبي الصريح لسياسة التجويع الإبادي يكشف عن تمأسس جريمة الإبادة الجماعية في الوعي الجمعي الإسرائيلي، وترسيخها كأداة مركزية في البنية الاستعمارية للمشروع الصهيوني، مضيفاً: "في المشهد السياسي الإسرائيلي الراهن، نرى تفككًا كاملاً للحدود الأخلاقية الفاصلة بين السلوك الإنساني والوحشية المؤسسية. إن قبول المجتمع الإسرائيلي لسياسة التجويع الإبادي كأداة عسكرية مشروعة، بل وتأييد أغلبيته لها، يعكس منظومة قيمية مبنية على نزع الإنسانية عن الفلسطيني والفلسطينية، وتحويل مجرد بقاء شعبنا حيّ على ارضه إلى عبء وجودي على المشروع الصهيوني يستدعي الإزالة من خلال جرائم الابادة والتطهير العرقي."
واستحضر القيادي الفتحاوي في سياق حديثه دروس من التاريخ قائلاً: "في ألمانيا النازية، لم تكن سياسات الإبادة نتاج ديكتاتورية منفصلة عن مجتمعها، بل نتيجة منظومة دعائية رسّخت التفوق العرقي وشرعنت القتل الجماعي تحت ذريعة ’مصلحة الوطن‘. وفي رواندا، مهّد الخطاب العنصري الطريق لإبادة جماعية نفذها مواطنون عاديون بتأثير مباشر من آلة تحريض منظّمة. واليوم، يتجلى النموذج ذاته بشكل فج في دولة الاحتلال، حيث تُنتج جرائم الإبادة وتُسوّق داخليًا كسياسة مشروعة وضرورية، تحت غطاء مصلحة ما يسمونه ب 'الشعب اليهودي‘."
واستدعى دلياني تحذير الفيلسوفة الألمانية اليهودية حنة آرندت، قائلاً: "ما نراه هو اندماج الإبادة في البنية الإدارية والاجتماعية لدولة لا ترى في الابادة الجماعية خطأ، بل ممارسة ضرورية. عندما تصبح سياسة التجويع الإبادي جزءًا من الاستراتيجية الرسمية وتحظى بتأييد شعبي، فذلك يعني أن الخيال الأخلاقي الذي يميز الإنسان قد تآكل بالكامل".
