- إصابتان في استهداف طائرة مسيّرة (كواد كابتر) مواطنين بمنطقة الزنة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة
متابعات|| نشرت صحيفة "البوابة نيوز" المصرية، تحقيقًا صحفيًا، في عددها الصادر اليوم، السبت، رصدت خلاله انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسيرات في السجون..
وكشفت الصحيفة في التحقيق، الذي وثقه الصحفي المصري شعبان فتحي، بالصوت، عن ممارسة الاحتلال جرائم بحق الأسيرات تبدأ باقتحام منازلهم وتدمير محتوياته، وتفتيشهن عرايا، وتقييدهن بقيود حديدية وانتهاك آدميتهن.. "الكوفية" تعيد نشر التحقيق.
“البوابة” ترصد انتهاكات الاحتلال بحق الأسيرات الفلسطينيات
داخل زنزانة تفوح من جنباتها رائحة الموت.. مظلمة لا تدخلها الشمس.. عفنة تنتشر في أرضيتها الحشرات والفئران، تقبع عشرات الأسيرات الفلسطينيات، في انتظار قرار من السجان الإسرائيلي الذي انتهك كل المحرمات، ضاربا عرض الحائط بالقوانين كافة.
الدخول إلى “زنزانة الموت” كما وصفتها الأسيرات يمر عبر بوابة “التفتيش العاري” وانتهاك كرامة الأسيرة، ومعاملتها بشكل غير إنساني وتقييدها من يديها وقدميها وتركها عدة ساعات بعد وضع كيس قذر على رأسها حتى لا تتعرف على مكان احتجازها، وكذا إنهاكها نفسيا وجسمانيا.. بعدها تبدأ مرحلة جديدة من الانتهاكات، في سلسلة لا تنتهي حتى بعد مغادرة سجون المحتل.
نجوان عودة: أجبروني على التفتيش عارية 40 مرة.. وكبلوني مثل الحيوانات
رغم مرور قرابة 4 سنوات على انتهاء محنة أسرها في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إلا أنها لا تزال تتذكرها بكل تفاصيلها، فكما تروي الشابة نجوان عودة، من سكان مدينة البيرة في الضفة الغربية الفلسطينية لـ”البوابة”، أن عمرها عند الاعتقال في شهر سبتمبر 2015، كان 33 عاما، حيث فوجئت في الساعة الثانية والنصف فجرًا يوم 7 سبتمبر، بتفجير قوات الاحتلال باب المنزل واقتحام غرفة نومها واقتيادها لجهة مجهولة.
أسوأ أيام حياتي
تقول الأسيرة المحررة “عودة”: “قيدوني من يدي وقدمي وعصبوا عيني، ووضعوني في مركبة عسكرية ثم نقلوني إلى موقع مجهول وأُلقيت في العراء من الخامسة فجرًا وحتى الساعة 10.30 صباحًا، إلى أن وصلت مركبة أخرى علمت لاحقًا أنها تُسمى (البوسطة)، وتم نقلي بها من الخامسة فجرا وحتى الساعة 5.30 المغرب، بعدها وصلت لمركز توقيف الجلمة (كيشون) شمال فلسطين، حيث وصلت هناك الساعة 5.30 مساءً، وهناك التقيت بمحققي جهاز المخابرات الإسرائيلية (الشاباك)، وكانت تلك أسوأ أيام حياتي”.
وتضيف: “قضيت في زنازين التحقيق 18 يوما، خلالها كان يجري التحقيق معي بشكل يومي، وسألني المحققون عن عملي، بعدها نقلوني إلى سجن هشارون، وهناك قضيت شهرين ونصف، ثم نقلوني لسجن الدامون في مدينة حيفا شمال فلسطين، ووُجهت لي اتهامات بالعمل في جمعية غير قانونية، رغم أنها جمعية دولية تقدم مساعدات خيرية للفلسطينيين ومسجلة في وزارة الداخلية الفلسطينية”، مشيرة إلى أن فترة التوقيف استمرت 18 شهرا، وهي نفس مدة الحكم الصادر بحقها حيث أخلي سبيلها في اليوم التالي لصدور الحكم.
التفتيش العاري
“انتهاكات الاحتلال تبدأ منذ لحظة الاعتقال”.. هكذا قالت “السيدة عودة”، مضيفة أنه “في أول يوم للاعتقال تتعرض الأسيرات للتفتيش العاري من طرف السجانات الإسرائيليات، اللاتي يهددن الأسيرات الرافضات بتمزيق ملابسهن عنوة”.
بكلمات مخنوقة تقول إن “التفتيش العاري هو من أكثر الانتهاكات وأشدها قسوة وامتهانًا لكرامة الأسرى والأسيرات بشكل عام، كما أنه ليس له موعد محدد فيمكن تفتيش الأسير عاريًا في أي وقت، فقد تتعرض الأسيرة للتفتيش على أي بوابة أو أثناء وجودها في السجن، وكذلك عند الذهاب إلى المحكمة أو العودة منها، حتى إنها عرضت على 40 محكمة، وفي كل مرة تخضع لمثل هذه الانتهاكات، التي تركت في نفسها عقدة لا تستطيع نسيانها”.
انتهاك القوانين
تؤكد “المحرَّرة عُودة” أن القانون ينص على وجوب وجودة سجانة عند القبض والتحقيق ونقل الأسيرة، إلا أنها فوجئت باختفاء السجانتين المشاركتين في عملية اعتقالها وبقى الجنود فقط، كما أنها حرمت من حقها في الحديث مع محاميها، حيث رفض الاحتلال زيارة المحامي الخاص بها، وأجبروها على التحدث للمحقق الإسرائيلي، رغما عنها.
كاميرات مراقبة
وتضيف أن الاحتلال وضع كاميرات مراقبة في كل مكان، بما في ذلك ساحة التريض -أو ما يُسمّيها الأسرى بساحة (الفورة)- لرصد كل تحركات الأسيرات، الأمر الذي أجبر الأسيرات على ارتداء ملابس طويلة وتغطية رؤوسهن حتى في الفترة المسموح لهن فيها بالتريض لأنهن يكن مراقبات، ما جعل الساحة أقرب ما تكون للزنزانة.
الإهمال الطبي
تقول “عودة” إن جميع الأسرى والأسيرات يعانون من الإهمال الطبي، حيث اكتفى الاحتلال بمعالجة أي مرض مهما بلغت شدته بـ”حبة أكامول” (مسكن صداع)، وحتى هذا المسكن لا يحق للأسير رؤيته، حيث يقوم السجان بإعطاء الأقراص للأسير وإجباره على تناولها أمامه بوضعها في فمه دون الاطلاع على حقيقتها، وبالتالي لا نعرف ما هي الأدوية التي نتناولها.
وتشير إلى عدم وجود طبيبة نسائية في سجون الاحتلال، ما يجعل بعض الأسيرات يرفضن الخضوع للكشف تحت يد طبيب رجل، حتى أن بعضهن قد يقضين فترة حبسهن ويخرجن دون تلقي أي علاج، وتتفاقم معاناة بعضهن، لعدم تلقي العلاج.
المِعبار
هي زنازين عبارة عن نقاط عبور كما تقول “عودة” حيث يجري نقل الأسيرة لها قبل يوم من محاكمتها، ومنها إلى المحكمة، في انتظار انتهاء جميع المحاكمات حيث يجري وضع الأسيرات في زنزانة أخرى تسمى “الهامتاناة”، وبعدها تنقل نقطة عبور أخرى تسمى “معبار الرملة”، ومن ثمّ العودة إلى نقطة العبور الأولى، وفي فجر اليوم الثالث يجري إعادة الأسيرة إلى معبار السجن الذي تقضي فيه فترة محكوميتها أو إيقافها وفي حالتها نقلت إلى “معبار هشارون”، وفي اليوم الثالث أُعيدت إلى “سجن الدامون”، في عملية مرهقة جدًا.
وتشير إلى أن حضور جلسة محاكمة مدتها 5 دقائق، يتطلب انتهاك آدمية الأسيرة 3 أيام، تبدأ بالاقتياد مثل الحيوانات وبعدها التفتيش العاري، ثم الانتظار في زنازين غير آدمية غارقة بمياه المجاري، كما أن الأسيرة قد تُترك بدون طعام داخلها لمدة يومين.
قوات النخشون
“حثالة البشر” هكذا وصفتهم المحررة “عودة”، موضحة أنهم تابعون لشركة أمنية يتعاقد معها الاحتلال، مهمتهم نقل الأسرى والأسيرات ما بين مراكز الاعتقال ومراكز التوقيف والسجون والمحاكم، حيث يجري تقييدهن بشكل همجي بقيود وسلاسل حديدية في اليدين والقدمين، وإلقائهن داخل مركبة “البوسطة” لا توجد بها تهوية، مضيفة: “ولا تخلوا عملية التنقل من الدفع والركل والاعتداء بالضرب وإطلاق الكلاب على الأسرى والأسيرات”.
طعام لا تأكله الكلاب
وتؤكد “عودة” أن الاحتلال يجبر الأسيرات على الوقوف داخل الزنزانة 5 مرات يوميًا من أجل “العد” من قِبل السجانين، كما يقدم لهن طعاما سيئًا حتى إن الكلاب ترفضه، ما يضطرهن لإعادة طبخه، وهي عملية شبه مستحيلة، خاصة أن كل ما لديهنم هو سخان كهربائي بدائي غير مهيأ للطبخ.
وتشير “المحررة” إلى أن عملية الاستحمام مرهقة جدًا، لعدم وجود “دوش” داخل الزنازين وبالتالي تضطر الأسيرات لانتظار فترة “التريض” للاستحمام، حيث يوجد بالساحة 4 “دوشات” وهو ما يشكل عبئًا كبيرا على الأسيرات، حيث يكن مطالبات بانتظار دورهن والتضحية بفترة التريض.
إيقاف التنفيذ
وتؤكد “عودة” أن الانتهاكات بحق الأسرى لا تنتهي بقضاء فترة الحبس داخل السجن، حيث يُصدر الاحتلال قرارات بالحبس مع إيقاف التنفيذ بحقهم بعد الإفراج عنهم، وفي حالتها صدر حكم بحبسها عاما مع الإيقاف لمدة 5 سنوات، وهو ما يعني تنفيذه حال وجه لها الاحتلال اتهامات بالقيام بأي عمل يخل بالأمن الإسرائيلي، ويجعلها مقيدة لمدة 5 سنوات رغم الإفراج عنها، لافتة إلى أن الحكم الصادر بحقها منعها أيضا من دخول مدينة القدس والمناطق المحتلة بالعام 1948 لمدة 10 سنوات، وقد يتم تجديدها، حسبما يرى الاحتلال، الذي انتهك كل القوانين والمقدسات.
لمى خاطر: حرموني من النوم لانتزاع اعترافات بجرائم لم أرتكبها
قالت الأسيرة المحررة لمى خاطر، من مدينة الخليل في الضفة الفلسطينية، إن تجربة الاعتقال لا يمكن إيجازها في لقاء صحفي أو عدة لقاءات، مشيرةً إلى أنها قضت 13 شهرًا في سجون الاحتلال يمثل كل يوم فيها مرحلة مهمة من تاريخ المقاومة الفلسطينية.
وأضافت خاطر، وهي كاتبة وإعلامية فلسطينية وأم لـ5 أطفال، “تم اعتقالي في الثانية فجرًا أثناء نومنا، فوجئنا بطرقات عنيفة على أبواب منزلنا، وحين فتحنا وجدنا قوة كبيرة من عناصر الاحتلال وأبرز أحد الضباط أمر الاعتقال في وجهي، فودعت عائلتي بينما أيادي جنود الاحتلال تنتزعني من أحضانهم".
وداع يحيى
وأردفت، بينما اغرورقت عيناها بالدموع، “لك أن تتخيل مشاعر أم تودع طفلها الذي لم يتجاوز عمره عامين اثنين، ونظرات الطفل وهو يرى أمه وقد اقتادها جنود العدو مدججين بالسلاح، طفلي يحيى اعتقد حينها أنني خارجة للتنزه، فسبقني إلى الباب لكنه فوجئ بمن يمنعه”.
وأضافت، “اعتدنا على اعتقال الاحتلال للرجال، لكن اعتقال المرأة يعني انهيار أسرة كاملة، فقد اضطرت ابنتي لتأجيل دراستها الجامعية والتفرغ لرعاية شقيقها فكانت له أمًا وأختًا في آنٍ واحد”.
بداية المعاناة
وأشارت الأسيرة المحررة، التي تم اعتقالها في 24 يوليو 2018، إلى أنهم كبلوها بالأغلال قبل وضعها في حافلة عسكرية ضخمة تفوح من جنباتها رائحة الخوف والمجهول، ثم انطلقت إلى مركز اعتقال قريب من مدينة الخليل، وبقيت في العراء حتى الصباح، ثم نقلوها إلى مركز تحقيق في سجن عسقلان لتبدأ معها رحلة معاناة استمرت 35 يومًا.
وتابعت، “كان جنود الاحتلال يقومون بتقييدي إلى كرسي التحقيق ويستجوبونني لمدة تزيد على 20 ساعة يوميًا، حيث يركز المحققون على تعريضنا للضغوط النفسية والعصبية ويتعمدون عدم حصولنا على قسط كافٍ من النوم، كنوع من التعنيف الجسدي لانتزاع اعترافات على جرائم لم نرتكبها”.
وأوضحت، أن الاتهامات الموجهة إليها تمثلت في ممارسة نشاط محظور وأنشطة ميدانية، وعندما لم يستطع المحققون إثباتها بدأوا في محاولة إدانتها من خلال كتاباتها باعتبارها إعلامية وصاحبة قلم، ووجهوا لها اتهامات بالإرهاب.
وأضافت، “انحيازي لحق شعبي ليس إرهابًا، ومطالبتي بإنهاء احتلال بلادي ليس نشاطا محظورًا، ومع ذلك تم تحويلي إلى سجن (هشارون) لمدة 45 يوما ثم نُقلت بعدها إلى معتقل “الدامون” في حيفا.
زنزانة الموت
بصوت متهدج، تحكي الأسيرة المحررة لمى خاطر، تفاصيل العرض الشهري على محكمة الاحتلال، مضيفة: “كانوا ينقلوننا بسيارات مخصصة للسجناء ليس فيها سوى مقاعد حديدية قاسية، في عملية تسمى (البوسطة) وتستغرق في العادة قرابة الـ10 ساعات، وعند وصولنا المحكمة يدفعون بالأسرى والأسيرات إلى (زنزانة الموت) وهي غرفة باردة جدا جدا تشهد نقوش الأسرى على جدرانها ببشاعة المعاملة التي يتلقونها هناك”.
وأضافت: “الغريب أن عملية العرض على المحكمة لا تستغرق سوى دقائق معدودة، لا يستدعي التحضير لها كل هذه الساعات من المعاناة، لكنه صلف السجان وعنفوان المحتل، الذي يمعن في انتهاك كرامة وحقوق الأسرى، وفي النهاية يتم تأجيل المحاكمة لنعود من حيث أتينا بنفس التفاصيل الباردة المقيتة والقاتلة.
ساعات الفُورة
وتصف المحررة، حياتها داخل الزنزانة فتقول، في معتقل سجن “هشارون” كنا بين 7 و8 أسيرات في الغرفة الوحدة، غرفة ضيقة غير آدمية بمثابة دورة سكن كاملة ففيها نطهو طعامنا وفيها ننام وفيها نجلس، حتى الساعات الـ5 المخصصة لـ”الفُورَة”، المسموح لنا خلالها بالتريض في الساحة الخارجية ودخول المرحاض، لم نكن نستمتع بها، كونها مراقبة بالكاميرات بحجة الدواعي الأمنية.
نتشارك الهم والذكريات
وتابعت، داخل الغرفة نعيش أسرة واحدة، نتشارك الهمّ والذكريات، فإذا حلّ موعد عيد ميلاد ابن إحدى الأسيرات فإن الباقيات يشاركنها الاحتفال، وإذا مرّت ذكرى رحيل أحد أقاربها شاركنها الحزن وقدمن لها المواساة، في محاولة للتغلب على غربة الزنزانة ووحشة القضبان.
وتشير إلى أن الاحتلال يرفض إدخال ملابس للأسيرات، وفي حال أرادت أسيرة استقدام ملابس جديدة، فإن إدارة السجن تصر على تسليم قطعة مقابلها.
تعلمنا بقدر ما تألمنا
“تعلَّمنا بقدر ما تألّمنا”، كان العنوان الذي اختارته الأسيرة المحررة لمى خاطر لمرحلة اعتقالها التي استمرت 13 شهرا كاملة، مشيرة إلى أن مرحلة السجن قادتهن إلى اكتشاف ذواتهن مجددًا، فقد اضطرتهن الظروف إلى الاستغناء عن أساسيات ضرورية اكتشفن –بمرور الوقت – أن الحياة بدونها ليست مستحيلة.
وتؤكد لمى، أنه حتى بعد انتهاء فترة حبسها، رفض الاحتلال أن يكتب لها الفرحة، بعناق أسرتها خارج الزنزانة، فاعتقل ابنها الأكبر الهندسة قبل الإفراج عنها بـ25 يومًا، وكأنه كُتب على أسرتها أن تعيش ناقصة العدد.
حليمة أبو صلب: لا حدود للانتهاكات ووفاة والدتي ضاعف معاناتي
الأسيرة المحررة حليمة خليل إبراهيم أبو صلب، التي ولدت في مدنية القدس، قالت إن تجربة الأسر ستظل محفورة في ذاكرتها، موضحة أنه “في يوم 16 أغسطس 1987، وفي الساعة الثانية عشرة مساءً، حضر جنود الاحتلال وحطموا باب المنزل، وفتشوا محتوياته، ولما لم يجدوا شيئا اعتقلوني واقتادوني لمعتقل المسكوبية”.
وأضافت، “عند الوصول اقتادتني السجانة إلى غرفة مغلقة لا يوجد بها سوى طاولة وكراسي من الحجر، وطالبتني بخلع جميع ملابسي، وتركتني عارية، لمدة ساعة، بعدها حضرت مع أحد السجانين وأعطتني ملابس، ومنها اقتادتني إلى غرفة الشَبْح”.
غرفة الشَبْح
أكدت “المحررة أبو صلب” أن “غرفة الشبح عبارة عن غرفة بها جنازير وسلاسل معلقة على الحائط، وما أن دخلت حتى أجلسوني على كرسي ووجهي للحائط ووضعوا كيسًا قذرًا على وجهي، وقيدوا يدي وقدمي في الكرسي وتركوني، وبعد ساعات من الزمن ناديت أحد السجانين، وأخبرته أنني أريد الذهاب للحمام، فغاب قرابة الساعة، وبعدها عاد ومنحني دقائق لإنهاء حمامي، وأعادني بعدها للزنزانة”.
غرفة التحقيق
وتابعت، “في الصباح اقتادوني إلى غرفة التحقيق، كانت الساعة الموضوعة على الطاولة تشير إلى الثامنة صباحا، وهناك التقيت مع المحقق المدعو (أبو نهاد) وسجانة أخرى، واستمر التحقيق بشكل يومي لمدة شهر كامل، تنقلت خلالها على عدد من الزنازين، وحاول المحقق خلال تلك الفترة الحصول على اعتراف بشيء لم أفعله، وفي النهاية لم يحصل على أي اعتراف لأنني لم أفعل شيء”.
لا حدود للانتهاكات
“لا حدود للانتهاكات”، هكذا وصفت المحررة أبو صلب، جرائم الاحتلال بحق الأسيرات الفلسطينيات، مؤكدة أن زنازين الاعتقال ضيقة جدا، وتحتوي على “حمام بلدي قديم قذر”، ينتشر حوله الذباب والحشرات والبراز.
وأضافت، على مدى شهر كامل كانت كل حياتي عبارة عن تنقلات بين الزنزانة وغرفة الشبح وغرفة التحقيق، مشيرة إلى أن الزنازين باردة وغير آدمية وتنتشر داخلها الفئران والحشرات.
وأكدت أنها تعرضت لكل أنواع التعذيب خلال فترة الأسر، بداية من الضرب والتقييد في الكرسي وإجبارها على الوقوف على “حديدة” سمكها لا يتعدى سنتيمترا واحدا لساعات، ما تسبب في جرح قدميها، بخلاف حرمانها من النوم، ورفض إدخال الملابس أو المستلزمات التي تعينها على مواجهة “العادة الشهرية”، ووصل الأمر إلى التهديد بالاغتصاب.
اكتبي القصة!
وأوضحت، أن فترة التحقيق معها تناوب عليها عشرات المحققين، واستمر التحقيق معها 24 ساعة متصلة في إحدى المرات، وكان كل ما يطلبونه هو كتابة القصة، مضيفة: “هددوني بعمل أشياء غير إنسانية، حال عدم الاعتراف بما يريدونه، ولكني رفضت الاعتراف بشيء لم أفعله”.
اتهامات كيدية
وأكدت أنه خلال التحقيقات، وجهوا لها اتهامات بالانضمام لحزب محظور وحيازة أسلحة، رغم أنهم لم يجدوا أي أسلحة عند التفتيش، وفي النهاية صدر الحكم بالسجن الفعلي 3 سنوات، وسنتين مع الإيقاف لمدة 5 سنوات.
وأكدت، أن أصعب فترة مرت عليها في الاعتقال كانت عندما وصلها خبر وفاة والدتها عقب اعتقالها بـ9 أشهر، ومنذ تلك اللحظة أصبح العذاب مضاعفا، فكان كل تفكيرها كيف ستعود للمنزل ولا تجد والدتها هناك.
فروانة: الاحتلال اعتقل 130 فتاة وسيدة في 2020
من جانبه قال عبد الناصر فروانة، الباحث الفلسطيني المختص في شئون الأسرى والمحررين، إن سلطات الاحتلال اعتقلت العام الماضي قرابة 130 فتاة وسيدة، لا تزال 41 منهن معتقلات، لافتا إلى أن بعض الأسيرات مريضات.
وأكد في تصريحات لـ”البوابة”، أن انتهاكات الاحتلال لا تفرّق بين الرجال والنساء، كما أن الفتيات والسيدات يتعرضن للتعذيب والمعاملة القاسية ويحتجزن في ظروف لا إنسانية ويحرمن من أبسط حقوقهم المتمثلة في تلقي العلاج المناسب ومواصلة التعليم والتواصل مع الأهل.
وأضاف: “منذ انتشار جائحة كورونا لم تراعِ سلطات الاحتلال أعمار المعتقلات واحتياجاتهن الخاصة، ولم توفر لهن الحد الأدنى من مقومات الوقاية وإجراءات السلامة في السجون، وأماكن الاحتجاز، ودون الأخذ بعين الاعتبار وجود مريضات وجريحات بينهن، كما لم تُعالج مشكلة الاكتظاظ، ولم تُخفض مستوى الاحتكاك والمخالطة أو الإجراءات (الأمنية) اليومية، حماية لهن من العدوى والإصابة في ظل تزايد الإصابات بالفيروس في صفوف السجانين والسجانات”.
وحذر “فروانة” من خطورة الأمر على حياة الأسيرات وأوضاعهن الصحية، محملا الاحتلال مسئولية إصابة الأسرى والأسيرات بفيروس “كورونا”.