- طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط مدينة جباليا البلد شمال قطاع غزة
سنترك كل تفاصيل صفقة ترامب ونهتم برقم (4)، وهو عدد سنوات رهان ترامب لرضوخ الفلسطينيين لصفقته، ولذلك إجعلوها مدخلا لفهم الصفقة "غصب عن عينينا".
الصفقة التي جاءت بتفاصيل حوالي 181 صفحة من الشروط والمسؤوليات والمتطلبات وتفاصيل التفاصيل، تلك الصفحات الـ 181 التي حتى الآن لم يسارع أو يتفرغ عربي أو فلسطيني لترجمتها للعامة، وكأنهم إعتبروها قائمة أكل في مطعم سياحي لا يهم فهم ما يكتب فيها، لأنه في النهاية سنأكلها حتى لو كانت سلطة بصل وخضار بايتة يفيح منها رائحة الكبريت وفي صفقة ترامب الكبريت أنواع.
كل ما رآه وقرأه الناس هو ما وزعته أو نشرته علينا وكالات الأنباء والمواقع الإليكترونية والتلفاز، وقالوا إنها الصفقة، أو خطة السلام الأمريكية_الإسرائيلية.
ولكن لأننا كشعب صاحب قضية، نريد فهم التفاصيل، فهذه مهمة ومهمة جدا، لأن هذه الأوراق قد تقرر مصير وطن وشعب وقضية.
ماذا كان يعني ترامب في بيانه بأن لدى الفلسطينيين 4 سنوات للتفكير في صفقة القرن؟.
لا شيء في السياسة يأتي عبثا أو سهوا، وخاصة الأرقام.. فما بالك عندما تكون الأرقام محددة الزمن بالسنين الأربعة؟.. هل تحمل هذه السنوات برنامج عمل وأجندة و”تايم تيبل” حسب مصطلحات المتفرنجين، لتحرز الهدف وهو القبول بالصفقة؟
تعالوا نرى الخيال والحقيقة مع ترامب:
هل لدى ترامب قراءة سياسية لتغيير القيادات الفلسطينية الرافضة إذا ما كان هناك موافقون على الصفقة مختفين؟ أو أن هناك خطط حربية لتصفية كل المعارضين مثلا؟ هذا خيال لن يصبح حقيقه فالشعب الفلسطيني كله رفض الصفقة، أي كله معارض فهل يمكن تصفية كل الشعب الفلسطيني؟
هل لدى ترامب ضمانات عربية لحصار شديد سينفذ على الفلسطينيين ماليا وسياسيا وحياتيا وتنقلا، لإجبارهم على القبول بالصفقة خلال 4 سنوات؟. هذا خيال قد يصبح حقيقة.
هل لدى علماء الجيولوجيا والبيئة والأحياء الأمريكان تقديرات بأن زلزالا أو إعصارا “ديموغرافيا” سيصيب فلسطين وينتقي قيادات الشعب الفلسطيني المعارضين؟ وهنا قمة خيال جنون ترامب الذي لن يصبح حقيقة.
هل لدى الأمريكان دراسة دقيقة بأن الفلسطينيين سيوافقون على الصفقة خلال 4 سنوات من اليوم؟ وكيف؟
هل وضع الأمريكيون والإسرائيليون خطة ولديهم ضمانات وقدرة على تنفيذها بحيث تعيد تشكيل الشخصية، والبيئة، وكل حيثيات الحياة الفلسطينية نحو الموافقة على الصفقة؟
تعالوا نرى الحقائق العلمية التي نغفل عنها ولا يتخيلها الكثيرون… وهذه هي القصة الواقعية والحقيقية المستوحاة من حالنا المايل.
التخطيط العلمي المتطور والمبني على معلومات وبيانات دقيقة يمكنه صياغة مواقف ومزاج مجموعة من الناس، هم وضعوهم في ظروف يتحكمون فيها بحكم الإحتلال، ولديهم كل معلوماتنا الإقتصادية والإجتماعية والسياسية وحتى العلاجية منها، وبالمناسبة كتبت قبل سنوات مقالا عن الأمن القومي أو الإستراتيجي، وتساءلت حينها عن مسميات مستشاري الأمن القومي، وما فائدة وجودهم، في الوقت الذي نحن لا نتحكم في أمننا القومي وليس لنا أمن قومي في الأساس، حيث تشكل بيانات ومعلومات سكان قطاع غزة “كمثال والضفة الغربية مثلها مثل قطاع غزة” هي في الهواء الطلق وليست ملكنا.
معلوماتنا أكثر من 70% هي في سجلات وكالة الغوث و 10% في الـ NGOs محلية أو دولية، وبيانات الهويات الشخصية هي أصلا تصدر من جهة الاحتلال أو تذهب إليه وبيانات إحصاءات السكان وفئات الأعمار، والمواليد يمكن معاملتها حاسوبيا لتصبح معلومات دقيقة تبنى عليها الخطط. وهنا لا نتحدث عن معلومات نووية أو عسكرية، فهذه ليست لدينا أولا، وثانيا هي في عالم اليوم تعتبر معلومات من الدرجة الثانية أو الثالثة للأمن القومي.
الدرجة الأولى من الأمن القومي هي بيانات/معلومات السكان وحالتهم الاقتصادية والسياسية والعلاقات المجتمعية والمرضية، وأكلهم وشربهم، وحتى نسب البروتين والدهون والمعادن التي تحتويها مجموعاتهم الغذائية لمن يتذكر إتفاق باريس الإقتصادي وضوابطه بالسعر الحراري، وما كثيره متفجر فقليله ممنوع.
معلومات الأمن القومي الأثمن تبدأ بالأسماء والأعمار والوظائف والأمراض والأمصال واللقاحات والعقاقير، مرورا بالخدمات والبرامج والمناهج والعربات، ولا تنتهي بالوقود واستهلاك الكهرباء والمساعدات المقدمة لنا، وحتى نوعية الغذاء المقدم ومعدلات وأسباب الفقر ومعدلات البطالة والمباني وأوقات العمل والإجازات، وحتى الحضور والغياب في العمل أو المدارس، ولا تنتهي بأنواع الطيور والماشية وأعلافها، وكل بيانات تتحول لمعلومات بمعاملات بسيطة على الحاسوب.
هل تسطيع إسرائيل والولايات المتحدة التدخل لتغيير أو توجيه نمط التغذية والمرض والتفكير والضغط النفسي والعلاقات الإجتماعية وتوجيه ذلك سياسيا؟
أقول: نعم تستطيع إسرائيل وأمريكا، وهما تمتلكان معلومات السكان ونمط حياتهم واهتماماتهم ومواد رفع ضغطهم وزيادة اكتئابهم، وهكذا تدخلات واسعة في هذا المجال لخلق حالة قابلة لأي حل تريده خلال 4 سنوات، فهم وأتباعهم من يدفعون ومن يعالجون ومن يقدمون المساعدات والعقاقير ومن يصدرون الزيت والسيرج والبقوليات والخضروات والفواكه، وحتى المخدرات وكل مستلزمات السكان الأخرى، ولذلك يمكن التلاعب في مواصفاتها بالإضافة أو النقصان في عناصر تؤثر على حالة السكان في كل المجالات، وتقودهم لما خططوا له.
بالعلم قد يصلون لتوجيه بوصلة الفلسطينيين للقبول بالصفقة، لكنهم سيكتشفون بعد 4 سنوات مدى إرتفاع منسوب العداء والعنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وبعد أن يجري الإسرائيليون ترتيباتهم لضم وتطوير المستوطنات وتمكنهم من أراضي الفلسطينيين الذي يبدأونه كما أمر طاغوت العصر ترامب نتنياهو بفورية تنفيذ الصفقة على الأرض، وترامب عاير الفلسطينيين لأنه يعرف أن صفقته مجرمة في حقهم وهي لصوصية على الهواء مباشرة، هو عايرنا بإنتظاره موافقتنا على الصفقة 4 سنوات وليست رخرخة منه ..
بعد سنوات ترامب الأربعة سيتأكد الفلسطينيون من ظلم صفقة ترامب، ومن صحة موقفهم بأن هذا الحل لا يلبي حاجات شعب سرقت أرضه بشكل دراماتيكي،وسيعود الصراع أشد وأكثر عنفا وعندها سيندم الإسرائيليون على ما ورطهم فيه "دونالد دراكيولا ترامب".