نشير إلى أن هذه الخطوة تأتي في سياقات الخلاف بين الرئيس ترامب ونتنياهو من جهة، وتندرج في سياق توجهات الرئيس ترامب التي يعمل على تحقيقها في المنطقة أي صفقة شاملة بمسمى فرض السلام وتوسيع الإتفاقيات الإبراهيمية بما يؤهله للحصول على جائزة نوبل للسلام من جهة أخرى، لذلك وجهت هذه الخطوة إشارة واضحة بأن أمريكا مستعدة للذهاب بعيدا في تحركها لأجل تنفيذ أجندة الرئيس ترامب في المنطقة حتى لو كان ذلك التفاوض مع حركة حماس التي هي موجودة على قوائم الإرهاب لدى واشنطن، وكما يبدو فإن المبعوث الأمريكي بوهلر والذي تم ترقيته الى منسق شؤون الرهائن مع كل الأجهزة. ومبعوث ترامب للشرق الاوسط ويتكوف مقتنعان بأن الحديث المباشر مع حركة حماس سيؤدي إلى تحقيق إنجاز فعلي، لذلك جرى التفاوض مباشرة مع حركة حماس ونتيجتها صفقة إلكسندر عيدان
هذا التحرك الأمريكي تجاوز نتنياهو ووزيره المقرب ديرمر "الذي يعتبر الخبير في الشأن الأمريكي"، ومن باب ان مصلحة أمريكا فوق المصالح السياسية ل "نتنياهو" وحكومته، وأن أمريكا ترامب تبحث عن تحقيق إنجازات عملية وليس مفاوضات لأجل المفاوضات وفق طريقة نتنياهو والتي إعتبرها الرئيس ترامب تلاعب به
لذلك نستطيع القول حول هذه الخطوة ما يلي:
*أولا- هذه الخطوة ينظر إليها من الزاوية البرغماتية التي تميز السياسة الأمريكية خاصة مع رئاسة الرئيس ترامب والذي يبحث عن تحقيق إنجازات عبر صفقات وبغض النظر مع من او من خلال من، المهم أن يحدث ما يمكن القول عنه بأن طريقة عمله مجدية وفعالة وقادرة على تحقيق الأهداف
ثانيا- الأمريكي دائما يبحث عن النتيجة وما الذي سيحققه خاصة أن الغالبية العظمى من الرأي العام الإسرائيلي مع وقف الحرب مقابل الإفراج عن الأسرى، فجائت خطوة الاسير عيدان لتشكل ثقل جديد ضد نتنياهو وحكومته، وهي رسالة موجه للرأي العام الإسرائيلي قبل نتنياهو، بمعنى أن على الرأي العام التحرك أكثر لفرض الذهاب لصفقة تبادل ووقف الحرب
ثالثا- هذه الخطوة ستعزز الضغط الأمريكي على نتنياهو في مجالين، الأول: اهمية المفاوضات للوصول إلى صفقة شاملة تنهي الحرب لأن الرئيس ترامب يريد وقف هذه الحرب الوحشية، والثاني: دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة وبحيث سيستمر الضغط الأمريكي بهذا الخصوص.
رابعا- المبعوث الأمريكي للرهائن بوهلر سابقا إلتقى مع قيادة حماس في الدوحة، ونتنياهو وديرمر وأقطاب حكومة إسرائيل هاجموه واقتضى من الإدارة الأمريكية أن تصدر توضيح، ليتبين للرئيس ترامب والذي أبقى على ثقته بمبعوثه أن نتنياهو يناور ويكذب، فاتخذ القرار بالتفاوض المباشر وهذا يعد أكبر إنجاز ل "حركة حماس"، فإسرائيل التي تريد القضاء عليها وأمريكا التي تدعمها، إضافة إلى الأوروبيين وبعض العرب، جائت هذه الصفقة لتعطي إشارة مختلفة، بأن أمريكا مستعدة للتعامل مع حماس وفق شروط، وحماس ردت بمبادرة حسن النية وإطلاق سراح الأسير "إلكسندر عيدان"
خامسا- هذه الخطوة ستعرقل خطة نتنياهو-زامير لتوسيع الحرب، وستفرض دخول المساعدات، وستدفع نحو التفاوض للتوصل إلى صفقة شاملة، فالرئيس ترامب يريد إنهاء الحرب
سادسا- خطوة ستنعكس على الداخل الإسرائيلي وتحرك بعض اقطاب الحكومة مثل الحريديم الذين لا يريدون اتهامهم بعرقلة الصفقة المطلوب عقدها، حيث ايضا أن نهاية الحرب ستخفف من حدة التحريض على تجنيدهم، لأن إستمرار الحرب تتقاطع طرديا مع الضغط على التجنيد، أي ان الخطوة الأمريكية سوف تحدث تغيير في التوجه وفي الضغط
أخير، أمريكا تقول بوضوح أن حماس لاعب مركزي في المجتمع الفلسطيني ويجب التعامل معها كما يتم التعامل مع سوريا "الشرع" ومع طالبان، بمعنى أنها جاهزة للجلوس مع حماس الجديدة والمتجددة، اي حماس وفقا لمتطلبات المرحلة، وهذا يعد إنجاز كبير لحماس، فمن شعار القضاء عليها إلى الجلوس معها
ما حدث هو متغير كبير في المنطقة وفي النظرة الأمريكية لها، واذا ما تم الإتفاق مع "إيران" أيضا فكل المعادلات سوف تتغير وحماس ستكون جزء فاعل في هذه المعادلات ولكن كما قلنا أعلاه. حماس الجديدة، حماس بدون السلاح
ختاما، يجب أيضا التعامل بحذر، فقط يكون ما تم هو تبادل أدوار بين أمريكا وإسرائيل، فنحن أمام رئيس أمريكي بحلة جديدة ولا يمكن التنبؤ بتصرفاته لكن يمكن من معرفة طموحاته تقدير خطواته