يسعى رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، إلى تسريع إقالة رئيس جهاز الشاباك، رونين بار، قبل أن يقدم الأخير إفادة أو تصريحًا للمحكمة العليا يكشف ملابسات ودوافع قرار الإقالة، بما يشمل الضغوط التي مارسها نتنياهو على بار لتقديم تقييم أمني يساهم في تأجيل محاكمته، ورفض بار التدخل لتقييد الاحتجاجات على الخطة القضائية لحكومة الاحتلال، إضافة إلى مسؤوليته عن التحقيق مع مقربين من نتنياهو، وفقًا لصحيفة "يديعوت أحرونوت".
وكان القضاة قد أصدروا حينها قرارًا ببقاء بار في منصبه، ومنع نتنياهو من تعيين قائم بالأعمال أو رئيس بديل لجهاز الشاباك حتى 24 نيسان/ أبريل، بانتظار حل النزاع مع المستشارة القضائية والتوصل إلى تسوية بشأن الإقالة.
وفي تطور لافت، طلبت حكومة الاحتلال، مساء الأربعاء، من المحكمة العليا تسريع إصدار القرار، وربطت بين القضية وبين اعتقال أحد عناصر الشاباك الاحتياط بشبهة تسريب معلومات سرية، وقالت في رسالتها: "استمرار ولاية رئيس جهاز أمني فاشل، عبّرت حكومة الاحتلال بالإجماع عن انعدام الثقة به، بموجب أمر احترازي قضائي، هو خطر على أمن الدولة، وعلى صورتها الدولية، وعلى التعاون مع أجهزة الاستخبارات".
ويرى خبراء قانونيون أن نتنياهو يسعى لتجنّب تقديم بار لتصريحه الذي طلبه القضاة، والذي من المقرر أن يُقدم خلال الأيام المقبلة، ويتضمن، بحسب التقديرات، سردًا لضغوط مورست عليه من جانب مكتب رئيس حكومة الاحتلال.
ومن المتوقع أن يُجبر هذا التصريح نتنياهو على تقديم رد مفصّل للمحكمة العليا، يشرح فيه دوافعه لإقالة رئيس الشاباك، بدلًا من الاكتفاء بتصريحات عامة حول "فقدان الثقة" كررها سابقًا ضد بار.
وحتى بعد مرور أسبوع على الجلسة الأخيرة، وقبيل المهلة المحددة لتقديم مواقف الطرفين، تُصرّ حكومة الاحتلال على إقالة بار فورًا، أو تحديد موعد قريب لمغادرته. بينما يرى بار، بدعم من المستشارة القضائية، أن الادعاء بانعدام الثقة لا يُعد سببًا قانونيًا كافيًا، لا سيما في ظل عدم انتهاء التحقيق مع مقربين من نتنياهو. فيما تحذر المستشارة القضائية من سابقة قد تُتيح إقالة أصحاب مناصب مهنية لمجرد تعارضهم مع توجهات سياسية.
وفي رسالتها للمحكمة، اعتبرت حكومة الاحتلال أن "قرارات المحكمة العليا التي تصادر صلاحية الحكومة في تعيين وإقالة رؤساء الأجهزة الأمنية تخلق واقعًا خطيرًا". وكررت التحذير من ربط استمرار ولاية بار بالتطورات في ملف تسريبات الشاباك، قائلة: "حذرنا من الخطر، وها هو يتجسد بعد أيام".
وزعمت حكومة الاحتلال أن استمرار ولاية بار يهدد العلاقات الخارجية والتعاون الاستخباراتي، وادّعت أن جهاز الشاباك شهد مؤخرًا انتهاكات لسيادة القانون، بما يشمل اعتقالات دون أدلة وبشكل منحاز، وتدخل مباشر من مكتب رئيس الجهاز، الذي وصفته بأنه "في حالة تضارب مصالح واضحة، ويتخذ قرارات بدوافع شخصية وغير مهنية".
وجاء في الرسالة أيضًا: "لا بد من التأكيد أن خضوع رئيس الجهاز لسلطة حكومة الاحتلال ليس مسًّا بالديمقراطية، بل هو تعبير عنها. من لا يخضع لممثلي المواطنين، قد يتصرف دون قيود ضدهم وضد حكومتهم. استمرار ولاية رئيس الشاباك رغم موقف حكومة الاحتلال يقحم الجهاز في قلب الخلاف السياسي، ويقوض مكانته كجهة مهنية محايدة".
وترى حكومة الاحتلال أن المحكمة يجب أن تُقر بعدم وجود أي مبرر للاستمرار في ولاية بار، قائلة: "لا يوجد مبرر لاستمرار فرض ولايته. الوضع القائم يمثل خطرًا يوميًا على أمن الدولة وتعاونها الدولي".
ووفقًا للتقرير، فإن من بين النقاط التي تعرقل التوصل إلى تسوية، تضارب المصالح الذي يعاني منه نتنياهو ذاته، بحسب المستشارة القضائية. وفي سياق الجلسة السابقة، طرحت القاضية دافنا باراك-إيريز اقتراحًا يقضي بتمكين بار من إنهاء التحقيق مع المقربين من نتنياهو أولًا، ثم مناقشة مسألة استمراره في المنصب. غير أن ممثل حكومة الاحتلال عارض ذلك بشدة.
ورغم تأكيد القضاة على صلاحية حكومة الاحتلال في الإقالة، أوصوا بأن يتم الأمر وفق معايير إدارية سليمة. إذ اقترح القاضي نوعام سولبرغ "تصحيح" الإجراء، من خلال تقديم أسباب للإقالة أمام بار في جلسة رسمية، ومنحه فرصة للرد، قبل اتخاذ القرار النهائي، وإذا أُقرّت الإقالة فعليها المرور عبر لجنة تقييم التعيينات في المناصب الرفيعة.
وفي ظل عدم تعامل اللجنة سابقًا مع قضايا إقالة، فإن عليها بلورة مسار قانوني خاص، يشمل فحص المستندات والتصريحات، ومن ثم تمكين بار من تقديم ردوده. ووفق خبراء قانونيين، فإن "جميع هذه الإجراءات ستستغرق وقتًا طويلًا"، ما يتعارض مع نية حكومة الاحتلال تسريع المسار قبيل تقديم إفادة بار.