تحلّ اليوم الذكرى السابعة والثلاثون لاستشهاد القائد الفلسطيني خليل الوزير، المعروف باسم "أبو جهاد"، أحد أبرز رجالات الثورة الفلسطينية، وصاحب البصمة التي لا تُمحى في تاريخ النضال الوطني وأبرز كلماته رأسنا سيبقى في السماء و أقدامنا مغروسة في تراب وطننا.
في مثل هذا اليوم من عام 1988، سقط الوزير شهيدًا في العاصمة التونسية، لكن إرثه المقاوم ما زال حاضرًا في ذاكرة الشعب الفلسطيني.
من هو خليل الوزير؟
خليل الوزير، أو "أبو جهاد"، هو أحد المؤسسين الأوائل لحركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، ونائب القائد العام لقوات الثورة الفلسطينية. اشتهر بلقب "العقل العسكري المدبر للثورة الفلسطينية"، لما كان له من دور محوري في رسم استراتيجيات الكفاح المسلح ومتابعة تنفيذها ميدانيًا.
النشأة والبدايات
وُلِد الوزير عام 1935 في مدينة الرملة بفلسطين. بعد نكبة عام 1948، هجّرت قوات الاحتلال عائلته إلى قطاع غزة، وهناك بدأ يتبلور وعيه الوطني مبكرًا. انخرط في الحركة الوطنية منذ صباه، وكان من أوائل من سعوا لتأسيس نواة العمل الفدائي ضد الاحتلال الإسرائيلي.
دوره في تأسيس حركة "فتح"
في أواخر خمسينيات القرن الماضي، شارك الوزير إلى جانب ياسر عرفات وآخرين في تأسيس حركة "فتح". أسندت إليه مهام التنظيم العسكري، حيث لعب دورًا رئيسيًا في بناء كتائب الفدائيين، وكان من أوائل من أطلقوا شرارة المقاومة المسلحة، معلنين بدء مرحلة جديدة من المواجهة مع الاحتلال.
عمليات نوعية:
ومن العمليات العسكرية التي خطط لها أبو جهاد، عملية نسف خزان زوهر عام 1955، وعملية نسف خط أنابيب المياه (نفق عيلبون) عام 1965، وعملية فندق (سافوي) في تل أبيب وقتل 10 إسرائيليين عام 1975، وعملية انفجار الشاحنة المفخخة في القدس عام 1975، وعملية قتل "البرت ليفي" كبير خبراء المتفجرات ومساعده في نابلس عام 1976، إضافة إلى عملية دلال المغربي التي قتل فيها أكثر من 37 إسرائيليا عام 1978، وعملية قصف ميناء ايلات عام 1979، وقصف المستوطنات الشمالية بالكاتيوشا عام 1981.
كما تحمل إسرائيل الشهيد المسؤولية عن أسر 8 جنود إسرائيليين في لبنان ومبادلتهم بـ 5000 معتقل لبناني وفلسطيني و 100 من معتقلي الأرض المحتلة عام 1982، وكذلك وضع خطة اقتحام وتفجير مقر الحاكم العسكري الإسرائيلي في صور، الأمر الذي أدى إلى مصرع 76 ضابطا وجنديا، بينهم 12 ضابطا يحملون رتبا رفيعة عام 1982، وكذلك إدارة حرب الاستنزاف من 1982 إلى 1984 في جنوب لبنان، وعملية مفاعل ديمونة عام 1988، والتي كانت السبب الرئيسي لاغتياله
مهندس الانتفاضة الأولى
عُرف أبو جهاد بلقب "مهندس الانتفاضة الأولى"، إذ كان له الدور الأبرز في إشعالها عام 1987. أشرف على التخطيط للعمليات الفدائية النوعية ضد الاحتلال، منها: عملية الطائرة "سافوي"، الهجوم على معالوت، وعملية الشهيدة "دلال المغربي"، التي لا تزال حاضرة في وجدان الفلسطينيين كنموذج للفداء والتضحية.
الاغتيال
فجر 16 أبريل 1988، اغتالته وحدة كوماندوز إسرائيلية خاصة في العاصمة التونسية تونس. نفّذ الموساد العملية بإشراف مباشر من إيهود باراك، وبتوجيه من رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحاق شامير. ورغم الإجراءات الأمنية، استطاعت الوحدة التسلل إلى مقر إقامته وإطلاق أكثر من 70 رصاصة عليه.
إرث لا يُنسى
رغم مرور أكثر من ثلاثة عقود على استشهاده، لا يزال أبو جهاد حاضرًا في الوجدان الفلسطيني كرمز للقيادة والشجاعة والوفاء للقضية. مثّل نموذجًا للمناضل القائد الذي لا يهادن، وترك مدرسة في النضال والكفاح الوطني لا تزال تدرّس في ساحات الثورة.
من أقواله الخالدة:
❝ لا صوت يعلو فوق صوت الانتفاضة. ❞
❝ الطريق إلى القدس لا تمر إلا عبر فوهة بندقية. ❞
❝ رأسنا سيبقى في السماء ، و أقدامنا مغروسة في تراب وطننا . ❞
❝ جماجمنا نُعَبِدُ بها طريق النصر والعودة الأكيدة . ❞
❝ البوصلة لن تخطئ الطريق ، ستظل تشير الى فلسطين. ❞
في ذكراه، يظل خليل الوزير أحد أعمدة الرواية الوطنية الفلسطينية، وصوتًا لا يخبو من ذاكرة شعب ما زال يقاوم على درب الحرية.