الكوفية:لم يحدث يوما، في أقذر الحروب التي عرفتها البشرية، أن كانت المشافي ومقرات العلاج والإسعاف هدفا مباشرا للقصف التدميري، كما حدث في قطاع غزة، باستهداف جيش الفاشية المعاصرة "النتلرية" كل ما له صلة بالطب والعلاج والاستشفاء.
فمنذ حرب العدو على قطاع غزة بعد حادث نكبة 7 أكتوبر 2023، وهي تضع مختلف الأماكن الصحية هدفا مباشرا، وقتلت المئات وجرحت آلاف ممن كانوا بها، تحت ذريعة أن هناك من هم مطلوبين لها، تصل لأن تغتال عشرات من أجل وجود شخص دخل يوم الحادثة الأكتوبرية بقدميه، دون أن يرتكب جرما سوى الدخول، لترتكب جريمة حرب بتدمير المكان وما به للخلاص منه.
جرائم دولة الفاشية اليهودية في قطاع غزة، وضد المواقع الصحية والطبية، لم تبق مؤسسة إنسانية وسياسية فوق الكوكب الأرضي، لم تهتز لها وتراها كما هي وصفا ضمن أفعال الإبادة الجماعية، عدا الولايات المتحدة، كونها الشريك المركزي لدولة الكيان الاحلالي، وبعض أذناب كيانية لا تمثل قيمة إنسانية وليس سياسية.
وكانت فضيحة اغتيال عمال الإغاثة الإنسانية والمسعفين الثمانية في رفح، ونشر فيديو لعملية الإعدام في أهم صحيفة أمريكية "نيويورك تايمز" بيد قوات الجيش النتلري نموذجا، ليس على جرائم حكومة الفاشيين فحسب، بل على موقف أمريكا الأكثر وقاحة من تل أبيب لمنح الحق في قتل الفلسطيني بصفته فلسطيني.
آخر جرائم "الحكومة النتلرية"، ما كان ضد المستشفى الأهلي المعمداني في غزة، أحد أقدم المشافي، ليس في فلسطين بل في المنطقة العربية إذ يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر (1882)، هو أيضًا المستشفى المسيحي الوحيد في القطاع، تحت ذات الذريعة الشاذة، بأن به عناصر مسلح، وقد كشف مدير عام الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس حقيقة التدمير، مؤكدا أنها محمية بموجب القانون الدولي.
ساذج من يعتقد أن حكومة الفاشية المعاصرة في الدولة الاحلالية، يمكنها أن تلتزم بأي قانون وإجراءات قانونية، كونها لا ترى القانون سوى من الباب الأمريكي، والذي تحتله راهنا "إدارة توراتية" تنتقد نتلر العصر بعدم قيامه العمل المتسارع لتنفيذ المشروع التهويدي العام.
لم يكن مصادفة أبدا، مسارعة فعل الإبادة في قطاع غزة، وتركيزه على المواقع الصحية والطبية بعد عودة "نتلر" من لقاء الرئيس الأمريكي ترامب، الذي طالب حكومة الفاشية المعاصرة القيام بتطهير قطاع غزة من سكانه، من أجل فتح الطريق لبناء "المجمع السياحي العام" على أنقاض ما كان يعرف "قطاع غزة"، خاصة وأنه لم يكن هناك رد فعل فلسطيني رسمي أو عربي واحد ضد ما قاله ترامب.
تسارع حركة "تطهير المستشفيات" من مراجعيها، وتدميرها حرقا على من كان بها، أثار بعض من "غضب عربي ودولي"، ولكنه لم يترافق مطلقا بخطوة عملية واحدة، بل ما يحدث نقيضا، وكأن بيانات الغضب العربية أصبحت "ضوء أخضر" للفاشية باستكمال حربها "التطهيرية" في قطاع غزة.
مع فقدان القدرة على وقف الحرب التطهيرية الجديدة، ولا مجال ممكن بحماية المواقع الطبية والصحية، ربما يصبح ضرورة أن تطالب الصحة الفلسطينية والهلال الأحمر، والكنيسة في فلسطين، بوضعها تحت رعاية دولية كاملة، تتولى الإشراف الكامل على مختلف المؤسسات الطبية، ولقطع الطريق على العدو بمواصلة جرائمه المتلاحقة.
وضع المؤسسات الطبية والصحية جميعها في قطاع غزة تحت "الرعاية الدولية" خطوة لا بد منها، لمواجهة جرائم الإبادة والتطهير المتسارعة الأمريكية – الإسرائيلية.