اليوم الاثنين 17 مارس 2025م
وفد الاحتلال يغادر القاهرة دون تحقيق تقدم في مفاوضات غزةالكوفية طرد سيرخيو راموس في الدوري المكسيكيالكوفية بوفون: إيطاليا لن تكون الطرف الأضعف أمام ألمانياالكوفية مصر تستعد لمؤتمر دولي لإعمار غزة وتكشف عن مبادرة لنشر قوات حفظ سلامالكوفية مقتل 8 عسكريين ومدنيين 2 بقصف لـ«حزب الله» على ريف حمصالكوفية هيئة الأسرى تحذر من انتشار فيروس خطير في سجن مجدوالكوفية شهيد بقصف إسرائيلي جنوب لبنانالكوفية "حماس" تدعو لتنفيذ استحقاقات المرحلة الثانية من "هدنة غزة"الكوفية الصحة: 5 شهداء و9 إصابات وصلوا مستشفيات قطاع غزة بـ24 ساعةالكوفية معركة "الجبهة الثامنة"..نحو "مملكة نتنياهو" أم مقبرته!الكوفية مجرّد محاولة لفهم شخصية ترامبالكوفية المشروع الصهيوني ومراحل قيام دولة كيانه!الكوفية دلياني: الاحتلال يغتال من لم يُولد بعدالكوفية شهداء ومصابون في قصف الاحتلال تجمعا للمواطنين في جسر وادي غزة وسط القطاعالكوفية "هيئة الأسرى" تحذر من انتشار فيروس خطير في قسم (3) من سجن "مجيدو"الكوفية ارتفاع عدد الأسيرات إلى 26 وأغلبيتهن اعتُقلن بحجة "التحريض"الكوفية الثوابتة: الاحتلال ينفذ إبادة بطيئة لـ2,4 مليون إنسان بغزةالكوفية أبو الحمص يبحث مع مدير مكاتب الصليب الأحمر في الضفة والقدس أوضاع المعتقلين في سجون الاحتلالالكوفية الاحتلال يُخطر بالاستيلاء على 120 دونما من أراضي جلبون شمال جنينالكوفية هيئة حقوقية: نقص المعدات الطبية يعطل علاج آلاف من مصابي الحرب بغزةالكوفية

المشروع الصهيوني ومراحل قيام دولة كيانه!

13:13 - 17 مارس - 2025
عبد المجيد سويلم
الكوفية:

لاحقاً لنقاشنا السابق مع الأستاذ عبد المجيد حمدان، وفي معرض ردّه على مقالنا المنشور في («الأيام»، 3/3/2025)، كتب حمدان مقالاً مهمّاً للغاية، لأنه انتقل من خلاله بسلاسة يُحسد عليها إلى توضيح أفكاره، ليس من خلال المزيد من الأطروحات حول عدم «استعمارية» المشروع الصهيوني في مراحله الأولى، بمعنى ارتباطه المباشر بمصالح الاستعمار «الغربي»، وإنّما من خلال عدم قبوله (أي قبول حمدان) لانخراط اليهود ومشاركتهم في الحرب العالمية الثانية كدليلٍ على الارتباط بالمشروع الاستعماري «الغربي» العام، مبيّناً في دفاعه عن هذه الأطروحات أمرين أسياسيَّين:
الأوّل، أنّ الفترة الممتدة بين بدايات المشروع الصهيوني، والتحاقه بالمشروع الاستعماري «الغربي» هي فترة طويلة لأنها زادت على حوالى 7 عقود، 4 منها في العهد العثماني، و3 في المرحلة البريطانية. ما يعني من وجهة نظر حمدان أنها لا تزكّي أطروحتنا حول الارتباط بين المشروعين، «الغربي» والصهيوني.
والثاني، هو أنّ التحاق اليهود والقتال في صفوف «الحلفاء» لم يكن حالة استثنائية، لأن بريطانيا، وكذلك الأمر فعلت فرنسا، كانتا قد جنّدتا من بلدان المستعمرات جيوشاً كاملة للقتال إلى جانبهما في الواقع في آسيا وإفريقيا، وبالتالي، وحتى «وعد بلفور» لم يكن «الالتحاق» بالمشروع الاستعماري قد تمّ فعلاً في الواقع.
وهنا عرض حمدان الظروف الجديدة التي أملت على حاييم وايزمان البحث عن «عرّاب» للمشروع الصهيوني بعد وفاة ثيودور هرتزل، وكان أن تبنّت بريطانيا هذا المشروع من موقع مصالحها الكبيرة في المنطقة، هي والدول الاستعمارية الأخرى.
وهنا، ومع اتفاقي حول طول المدة الزمنية، فإنني لا أراها سبباً لاستنتاج حمدان، لأن المشروع الصهيوني قد جاء في سياق مرحلة الانهيار العثماني، وفي سياق لاحق لتقاسم «التركة» العثمانية، وتبدو عملية فصل المشروع الصهيوني عن هذين السياقين بالذات غير ممكنة، وغير دقيقة حتى لو أنّ العامل الديني قد لعب دوراً معيناً في أسباب دعم «الغرب» و»الشرق» لهذا المشروع الصهيوني.
أما كيف نفسّر دعم «الشرق» للمشروع الصهيوني، فليس السبب هنا هو «الجذر» الديني، بين المسيحية واليهودية في هذا الدعم، وإنّما، وما زلت أرى، هو في تأثير اليهود، والرأسمال اليهودي في هذا الإطار، شأنه شأن كلّ رأسمال، والذي كان يمثل البرجوازية اليهودية الكبيرة منها والمتوسطة.. كان العامل الحاسم في مثل هذا الدعم، هذا إضافةً إلى أن عالم تلك الحقبة الزمنية كان عالم العيش تحت سيطرة وتأثير البلدان الاستعمارية «الغربية»، والتبعية المباشرة، وغير المباشرة من بلدان العالم لهذه البلدان الاستعمارية.
والاستخلاص هنا هو أنّ أطروحة حمدان حول الطابع الديني في دوافع الدعم «الغربي» و»الشرقي» كنتاج للتحالف اليهودي المسيحي، في الفكر والثقافة في معظم البلدان، وعلى الرغم من مرور 4 عقود كاملة قبل «التحام» المشروعين لا يبرّر ما ذهب إليه، ومشاركة سكان المستعمرات في حملات الحروب في جانب، وفي جيوش البلدان «الغربية» ولا يبرّر استخدام نفس أداة القياس للمشاركة اليهودية في هذه الحروب. ذلك لأن حمدان نفسه، قد توافق معي، كما كنت قد توافقت معه، على أن المشروع الصهيوني مشروع فريد من نوعه، وليس، ولم يوجد له مثيل لا قديماً ولا حديثاً، بما يماثله، أو حتى يوازيه، وهذه المعاني وردت في مقال الأخير.
أقصد أنّ التطوّرات الموضوعية، وليس الرغبات في البلدان الاستعمارية «الغربية»، ولا حتى الرغبات الخاصة للبرجوازية اليهودية، هي التي أملت على المشروع الصهيوني طابعه كحليف «أصيل» للمشروع «الغربي» الاستعماري بصرف النظر عن المدة الزمنية، وعن ملابسات «الالتحاق» اليهودي بهذا الحلف.
أما القسم الأهم، والأكثر جوهرية في ردّ حمدان، فكان ذلك القسم الذي أعقب ذلك كله، وذلك حين أصبح المشروع الصهيوني جزءاً عضوياً من المصالح الاستعمارية «الغربية»، وعندما أصبح هذا الالتحام العضوي (العضوي هو تعبير لنا وليس لحمدان)، هو المظهر المباشر للصراع.
في هذا الإطار أتفق مع حمدان في أطروحته حول كامل ملابسات التعاطي مع نتائج واستحقاقات «لجنة بيل» البريطانية، وحول قرار التقسيم رقم (181)، وكذلك حول ملابسات اغتيال السويدي الكونت فولك برنادوت.
وأجد نفسي متفقاً معه تماماً حول دور حزب الحاج أمين الحسيني، وحول تحشيد القوات البريطانية، وقتالها وتصميمها على قمع حركة الشعب الفلسطيني، بل وأتفق معه حول «تلعثم» الشيوعيين، وتفسيرهم للاختيار بين السيئ والأسوأ، ولكنني أتفق قبل ذلك أن الديماغوجيا السياسية التي مورست على شعبنا في ذلك الوقت قد أدّت موضوعياً إلى ممارسة ضغوط معنوية على الشيوعيين، وعلى «عصبة التحرّر الوطني» تحديداً.
وأنا شخصياً، ما زلت أعتبر أن موقف الشيوعيين كان في ذلك الوقت، وعلى الرغم من كل ما أشار إليه حمدان من «تلعثم» إلّا أنه كان الموقف الأكثر وطنية، والأكثر وعياً بطبيعة المشروع وأهدافه وأخطاره، وأرى كما يرى حمدان أن «الغطاء» الذي قدمته هذه الديماغوجيا السياسية التي مورست على شعبنا، والتي تعرّض لها موقف الشيوعيين، قد شكّلت في محصّلتها الساتر الذي تسلّل من تحته المشروع الصهيوني بمكرٍ ودهاءٍ كبيرَين.
وبالمقابل وبدلاً من أن يُقرأ موقف الشيوعيين آنذاك، باعتباره الموقف الأكثر وعياً وإدراكاً لطبيعة المخطط، ولطابع المشروع، وقوة ومكانة تحالفاته، فقد تم بالفعل الاختباء وراء المواقف «القومية» أو «القومجية» بالأحرى بادعاء «عدم تقبُّل» فكرة التقسيم شعبياً، وأحياناً «شرعياً» أي «دينياً»، وكلّها كانت سياسات شعاراتية تفتقد إلى «قدرات» حقيقية في الواقع العربي المحيط، وإلى حركة شعبية لم تكن قادرة على دحر المشروع الصهيوني، وليست مؤهّلة للتصدي الفعّال لهذا المشروع.
ولم أقتنع يوماً أن رفض قرار التقسيم كان موقفاً صائباً، حتى لو أن نوايا الرافضين كانت سليمة الحسّ الوطني، وكانت تعكس رفض شعبنا للمشروع من أساسه، لأن الجدل الذي دار حول القرار، كان جدلاً حول الأخطار على الحق، وليس حول الحق نفسه.
وأكاد من هذه الزاوية أرى أنّ قيادات الحركة «الوطنية» الفلسطينية، شأنها في ذلك شأن قيادات أخرى من هذه الحركة الوطنية في مراحل سابقة، وفي مراحل لاحقة على فترة «قرار التقسيم قد «أطاحت» بالفرص التي أُتيحت للشعب الفلسطيني بوضع حد لنجاح المشروع الصهيوني على أرض فلسطين، وتمكينه من المضيّ قدماً في التطهير العرقي، وتشريد واقتلاع أكثر من نصف شعبنا من أرضه.
«تلعثم» الشيوعيون نعم، لكن «الحركة الوطنية» ضلّت الطريق كله.
الحركة القومية التي ظهرت بعد النكبة، والتي تبلورت فيما بعد في فصائل كثيرة من الحركة الوطنية الجديدة بقيت، واستمرت في فكر المكابرة القومية، ولم تراجع نهجها، وتراث هذا النهج، وهي اليوم تعيش نفس مستوى الأزمات التي تتميّز أكثر ما تتميّز به وهو السير إلى «الأمام» من دون مراجعة، ومن دون فهمها أن هذا السير سيبقى سيراً إلى الخلف إذا لم تتمّ المراجعة، لأنه لا تجديد لهذه الحركة، ولا نهضة لها قبل هذه المراجعة، خصوصاً بالعلاقة مع المحيط العربي، وهي قضايا تستحق النقاش كما أشار عن حق حمدان نفسه.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق