واشنطن - ألغت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مذكرة أصدرتها إدارة سلفه جو بايدن، كانت تحظر استخدام حلفاء واشنطن للأسلحة المصنّعة أميركيا بشكل ينتهك القانون الدولي الإنساني.
وأصدر بايدن المذكرة في فبراير/شباط 2024 في محاولة للتوفيق بين دعمه العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والمخاوف من الخسائر البشرية الكبيرة في صفوف المدنيين.
وقالت صحيفة "واشنطن بوست" إن مستشار الأمن القومي مايكل والتز أصدر يوم الجمعة الماضي، أمرا يتضمن قرار ترامب إلغاء المذكرة التي أصدرها بايدن بشكل فوري.
وحصلت الصحيفة على تأكيدات بصدور هذا القرار، من العديد من المسؤولين الأميركيين، الحاليين والسابقين، والذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم، نظرًا لعدم الإعلان رسميًا عن هذه الخطوة حتى الآن.
واستندت مذكرة بايدن -في حينه- إلى قوانين قائمة تتعلق بنقل الأسلحة، وطلبت من الدول التي تحصل على أسلحة أميركية الصنع تقديم ضمانات خطية بعدم استخدامها في انتهاك القانون الدولي الإنساني، وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية الأميركية تحت تهديد تعليق إمدادات الأسلحة.
وقال مؤيدو مذكرة بايدن إنها كانت وسيلة للضغط على "إسرائيل" لتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية في غزة، وهي نقطة خلاف رئيسية بين المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين منذ بداية العدوان في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
في حين، انتقد آخرون المذكرة، قائلين إن إدارة بايدن فشلت في استخدام قواعدها الخاصة لتحسين وضع المدنيين في غزة بشكل فعال.
وفي هذا السياق، قالت مديرة فرع واشنطن في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، سارة ياغر، إن هذه المذكرة "لم تكن ضرورية أصلًا لو التزمت إدارة بايدن بالقوانين الأميركية الخاصة بتصدير الأسلحة".
وتساءلت ياغر: "هل ستلتزم إدارة ترامب بالقوانين الأميركية عند إرسال الأسلحة إلى الحلفاء؟".
وأثار هذا القرار انتقادات واسعة في الأوساط السياسية الأميركية، حيث وصفه السيناتور الديمقراطي، كريس فان هولين، بأنه "إضرار بالأمن القومي الأميركي وبمكانة الولايات المتحدة عالميًا"، معتبرًا أن الخطوة تمثل "استهانة صريحة بالقيم الأميركية".
وقال كريستوفر لومون، الذي شغل منصب مسؤول كبير في وزارة الخارجية لحقوق الإنسان خلال إدارة بايدن، إن إلغاء المذكرة سيؤدي إلى قتل المزيد من المدنيين باستخدام الأسلحة الأميركية، وسيلحق الضرر بمكانة أميركا في العالم.
وأضاف لومون "الشيء الوحيد الذي تفعله إدارة ترامب بإلغاء المذكرة هو إرسال إشارة إلى شركاء الولايات المتحدة بأن الإدارة ببساطة لا تهتم بكيفية استخدام هذه الحكومات الأسلحة الأميركية، بغض النظر عن مدى عدم أخلاقية أو عدم قانونية سلوكها".
في المقابل، رحّب نواب جمهوريون بارزون بإلغاء المذكرة، معتبرين أنها كانت "مجرد عراقيل بيروقراطية غير ضرورية".
وهذا ليس الإجراء الأول الذي تتخذه إدارة ترامب الجديدة في إطار تفكيك القيود التي فُرضت لحماية حقوق الإنسان في النزاعات العسكرية، وسبق لترامب -خلال ولايته الأولى- تخفيف القيود المفروضة على القادة العسكريين الأميركيين عند تنفيذ عمليات ضد تنظيم الدولية (داعش) وجماعات أخرى.
كما أصدر سياسة جديدة لنقل الأسلحة التقليدية تضع الاعتبارات الاقتصادية فوق المخاوف المتعلقة بحماية المدنيين.
وفي خطوة جديدة، بدأت وزارة الدفاع "البنتاغون" مؤخرًا بإغلاق مكتب أنشئ في عهد بايدن كان مخصصًا لتعزيز سلامة المدنيين في العمليات العسكرية، وهو ما اعتبره معارضو الإدارة الجديدة مؤشرًا على نهجها المتساهل تجاه استخدام القوة العسكرية.