اليوم الاحد 24 نوفمبر 2024م
لبنان.. 12 شهيدًا بمجزرة إسرائيلية في "شمسطار"الكوفية "ألماس".. حزب الله يستنسخ الصواريخ الإسرائيليةالكوفية مستوطنون يعتدون على مواطنين بمسافر يطا جنوب الخليلالكوفية شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزةالكوفية تشكيلة ترامب للمناصب في إدارته الرئاسية – طالع الأسماءالكوفية 6 شهداء في غزة وخانيونس وتدمير مسجد بالنصيراتالكوفية شهداء وجرحى بقصف الاحتلال مجموعة من المواطنين قرب مدخل قرية المصدر وسط قطاع غزةالكوفية أبو عبيدة يعلن مقتل أسيرة إسرائيلية في شمال قطاع غزةالكوفية دعوة للجنائية الدولية لطلب مساعدة "الإنتربول" للقبض على نتنياهو وغالانتالكوفية إصابات بقصف الاحتلال مركبة في مدينة صور، جنوب لبنانالكوفية لمعاينة مواقع المستوطنات - تفاصيل دخول زعيمة حركة استيطانية إلى غزةالكوفية جيش الاحتلال يطلق قنابل دخانية بشكل كثيف غرب مخيم النصيراتالكوفية أوستن يتحدث مع كاتس بشأن اتفاق مع لبنان يضمن هذا الأمرالكوفية مدفعية الاحتلال تقصف محيط دوار أبو شريعة في حي الصبرة جنوب مدينة غزةالكوفية تطورات اليوم الـ 414 من عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزةالكوفية طيران الاحتلال يشن غارتين على منطقة قاع القرين جنوب شرقي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزةالكوفية قصف إسرائيلي بالقنابل الحارقة على محيط بلدة المنصوري في قضاء صور جنوبي لبنانالكوفية "شؤون الكنائس" تدعو لاقتصار عيد الميلاد على الشعائر الدينيةالكوفية 120 شهيدا و205 مصابين في 7 مجازر جديدة بقطاع غزةالكوفية جنوب إفريقيا: نية إبادة غزة لدى "إسرائيل" صارخةالكوفية

إطلالة على عمر الحاجة «صبحية يونس»

11:11 - 14 يونيو - 2022
الأسير المقدسي: حسام زهدي شاهين
الكوفية:

تحل علينا الذكرى الأربعون لرحيل الحاجة صبحية يونس عن هذه الدنيا الفانية، الأمّ التي شاخت وشابت وهي تنقب عن الحرية المسلوبة على بوابات السجون، وعلى خلاف كل نساء العالم حولت هي وكل الأمهات الفلسطينيات قاعات الانتظار، وغرف الزيارة، إلى أفضل الأماكن لممارسة الطقوس الاجتماعية وتبادل القصص والحكايا.

فعلى بوابات السجون تجتمع فلسطين، كل فلسطين، وعلى بواباتها نشأت عشرات قصص العشق والحب بين العديد من الشباب والصبايا، وكان للحاجة صبحية فضل كبير، ويد طيبة في تزويج البعض منهم، ومن عجائب الزمن الفلسطيني تحت الاحتلال، زمن الحاجة صبيحة تلعب الأقدار أحيانا لعبتها السريالية المؤلمة، والقذرة قذارة الاحتلال نفسه، لتثير حنق الحاجة صبيحة، وتتحشرج الكلمات في حنجرتها، وتتقافز الدموع من عينيها، عندما أتت لزيارة كريم، ووجدت بجواره على شباك الزيارة شابًا عشرينيًا، هو ابن لامرأة ورجل زوجتهما قبل ثلاثة وعشرين عامًا، فما كان منها إلا أن شتمت الزمن، وشتمت الاحتلال، وشتمت الزعماء السياسيين، وكل من تسبب في هذا الوجع المزمن!

الحاجة صبحية، التي صعدت النصف الثاني من عمرها على عتبات بوابات السجون، تسلقت جدار التاريخ لأربعين عاما، وهي تبحث عن لحظة تستطيع اختلاسها من هذا الزمن المسروق من أعمارنا، كي تتمكن فيها من احتضان ابنها كريم، لكن نصف الزمن لم يسمح لها بذلك، لا وهي حية ولا وهي ميتة، لأن مشاعره يسكنها الفراغ، وأحاسيسه الإنسانية مفقودة، فيا ليتنا كنا قادرين على منحها وقتاً من أعمارنا، حتى يتحقق حلمها وحلم كريم، الحلم الذي طالما حدثت أحفادها عنه، وصار حكاية شعبية تتداولها نساء فلسطين عن الحاجة صبحية، التي خبأت لابنها كريم، في خابية الزمن، حفنة من عمرها الفلسطيني قبل أن يبتلعه الغول.

إن الرحلة عبر الزمن، من أصعب الرحلات التي يمكن أن يسافرها الإنسان، رحلته ما بين الولادة والموت أصعب كثيراً من رحلته عبر الجغرافيا، وإن تصاحبت الرحلتان معاً، هكذا كانت رحلة الحاجة صبحية، قاسية ومريرة، مليئة بالمكابدة والألم، ومع ذلك واصلت مسيرتها بلا كلل أو ملل، كانت تخبز الأمل في كل صباح، وتطعمه لكل من هم حولها، مغموساً بالزيت والزعتر، قبل أن تجوب البلاد بحثاً عن السجن الذي استقر فيه كريم، تجوع كلما جاع، وتضرب عن الطعام كلما أضرب، وتتوجع كلما مرض وكلما قُمع.

صارت تعرف جيداً كل ملامح فلسطين، من شمالها حتى جنوبها، أحبت هذه الرحلة كثيراً، لأنها أخذت من ملامح فلسطين تضاريسها الجميلة ونحتتها على وجهها ويديها، ومنحت من ملامحها لفلسطين بريق عينيها، فباتت تشبه واحدتهما الأخرى، لذلك شعرنا كلنا بمرارة فقدانها، لأن فيها من كل أمهاتنا أجمل خصلة، ومن سبق له وأن فقد أمه، عاود تذوق مرارة الفقدان مرتين!

أُرهقت الحاجة صبحية وهي تفتش عن ذكريات لكريم في عمرها، فلم تجد سوى طفولته والمرحلة الأولى من ذاك الشاب اليافع، الذي اختطف من بين أحضانها قبل "أربعين عاماً"، فغرست له في كل سنة قضتها بعيدة عنه زيتونة، وراحت تسقيها من دمع عينيها، وترعاها بنبض قلبها، ومع ذلك لم يسعفها الوقت، ولا كل صفقات التبادل، ولا أوسلو، ولا الدفعة الرابعة، خُذلت من قبل الجميع، فمن سيسقي غرساتها ويرعاها بعد اليوم؟! ومن سيمنح كريم دفء وحنو كف أمه؟! الذي انتظره:

أربعين شتاءً، ليمسح عن وجنتيه رذاذ المطر

وأربعين ربيعاً، ليُمسد شعره على ضوء القمر

وأربعين صيفاً، لينفض عن ياقته غبار السفر

وأربعين خريفاً، ليطعمه فرحاً من ثمار الشجر

سيخرج كريم من السجن في مطلع العام القادم، وسيجد في قلب كل أمّ فلسطينية قطعة من الزمن الثمين الذي خبأته له أمه، لحين تحرره، فالحاجة صبحية كانت تعلم تماماً بأن كريم سيخرج من زمن السجن بوتيرته المملة، إلى زمن الحياة اليومية الصاخبة، لذلك حرصت بفطرتها الأمومية، أن تترك له حصته من عمرها، الذي حُرم منه، أمانة في أعناق آلاف الأمهات اللواتي في معظمهن يصغرنه سناً.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق