- صفارات الإنذار تدوي في عكا وحيفا وبمستوطنات بالضفة
لا شرق أوسط جديدًا، كما يريده الغرب، ولا دولة خلافة كما يحلم بها "الإخوان" وداعموهم ومموّلوهم، وكفانا ما ألحقه بِنَا أولئك وهؤلاء من فوضى وخراب، فقد رُدَت إليهم مخططاتهم، وها هم يدفعون الثمن إقصاء وانسحاباً وخيبات متتالية في مناطق مختلفة.
الرئيس قيس سعيِّد ومعه الشعب التونسي أطلقا الرصاصة القاضية على الحلم "الإخواني"، وقد أتت بعد رصاصات متتالية صوّبتها إليهم مصر قيادة وشعباً منذ يونيو 2013 وحتى اليوم، ورصاصات متنوعة تلقوها من زعماء وشعوب عربية عدة، وكلها تؤكد أن الأرض العربية لن تكون لهم أبداً، وأن نجاحهم في خداع شعوبنا بعض الوقت، لا يعني استمرار الانخداع والانبطاح لفكرهم الانتهازي كل الوقت.
25 يوليو، كان يوم الجمهورية التونسية، ولأن التونسيين أرادوه يوماً لتونس الحاضر والمستقبل، فقد أبوْا أن يمر إلا وهم يصدحون بأعلى الأصوات في الشوارع والميادين مطالبين بوضع نهاية للعقد الأسود الذي تحكم به "الإخوان" في الشعب والقرار التونسي، مطالبين بحل البرلمان وإقالة الحكومة، وأمام أصوات الجموع الهادرة لبّى الرئيس قيس سعيّد نداء الشعب ليحوّل حلمه إلى حقيقة، ويجعله يوم عيد حقيقي لكل "التوانسة" التواقين إلى دولتهم الديمقراطية المدنية المنيرة والمستنيرة، أصدر قراراته التي هزت الأرض تحت أقدام قادة "الإخوان" ليس في تونس وحدها، ولكن في مكاتبهم ومنازلهم الفخمة في «بلادهم» وزنازينهم الضيقة في بلادنا التي كانت وطناً لهم، ولكن نتيجة أفعالهم حُرِمت عليهم، وزلزلت هذه القرارات الفضاء الإلكتروني ليطل ذبابهم المختبئ بيننا، محاولاً نشر سمومه، ولكن هيهات هيهات، فما كان مقبولاً بالأمس أصبح مرفوضاً مدحوراً منبوذاً اليوم، وصارت تغريداتهم وتعليقاتهم لا تلقى سوى الهجوم، وأكاذيبهم لا يتجاوز الرد عليها حدود التفنيد والفضح وكشف المخبّأ.
لا يُنكر أحد أن "الإخوان" نجحوا منذ ظهورهم في 1928 في أن يسرقوا عقول الناس ويفكروا بالنيابة عنهم، ويضعوا لديننا الحنيف قواعد جديدة أقنعوا بها السذّج، وزرعوا في مجتمعاتنا قيماً لم يعرفها الأولون، وزعزعوا قيم الأجداد وشوّهوا موروث التاريخ، ورفعوا شعارات للترغيب والترهيب، وعندما جاء الخريف العربي امتطوه وامتطوا مجتمعاتنا، وتحقق لهم الحلم بالقبض على السلطة بأيديهم، وتوهّموا أنهم بذلك أحكموا قبضتهم على الشعوب فإذا بها القبضة التي تخنقهم وتفضح عُوارهم الديني وأطماعهم السياسية وعجزهم الفكري، لتنقض عليهم مصر وتنفض عن نفسها غبار عامهم الأسود في 30 يونيو 2013، وعلى نفس الدرب سارت دول أخرى، وبعد أن طال احتمال تونس فاض الكيل بها، وكانت ثورتها التصحيحية.
قد يكون الغنوشي وحركة "النهضة" الأكثر قدرة على المناورة من غيرهم من "الإخوان"، تظاهروا بالدفاع عن تونس، وتنكروا للجماعة الأم وللفروع أيضاً، حتى قبضوا على الدولة، وتوهم زعيم "النهضة" بعد وصوله إلى رئاسة البرلمان أنه أصبح الآمر الناهي في تونس، وحاول تهميش الرئيس واستفزّه مراراً، وفرض حكومات "إخوانية"، وزج بالشباب المضَلل في قلب نار الإرهاب ليكون وقوداً لتحقيق وهم الخلافة، وتاجر بآلام الشعب حتى كان سقوط المنظومة الصحية، وحوّل البرلمان إلى ساحة سباب وملاكمة وتجاوز بحق معارضيه حتى كانت عودة الروح في اليوم الموعود، ليُثبت الشعب التونسي حرصه على إصلاح مساره، وليثبت الرئيس أنه كان وسيظل الحارس الحقيقي للدستور ولمكتسبات أهل بلده، وأن الصمت بعض الوقت لا يعني عجزاً؛ بل هو وعي واستيعاب وقدرة على اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.
ارتفعت شعبية الرئيس إلى حد لم يكن متوقعاً، والمشيشي استسلم وسلم واعترف بأخطائه، والغنوشي سقط من عليائه مغشياً عليه، وبعد القرارات التصحيحية حاول الاعتصام أمام البرلمان، ثم دعا الناس للخروج ضد الرئيس وتوعد بالعنف وبحرائق تلتهم الجميع، وعندما وجد الداخل قد أدار له ظهره، خرج ليهدد الخارج بموجات من الهجرة غير الشرعية، وبأفعال تنال من استقرار المنطقة والعالم إذا لم يتدخل في تونس ويعيده إلى رئاسة البرلمان، نفس سيناريو وخطاب "الإخوان" في مصر والسودان، وغيرهما، وها هم اليوم إما خلف القضبان أو مطاردين من العدالة الشعبية والقضائية في أحضان من يوهمونهم بأن المباراة لم تنته.
المباراة انتهت، والشرق الأوسط سيظل بنفس ملامحه، والخلافة لن تتجاوز حدود الوهم، والغنوشي ينتظره نفس مصير سابقيه من القيادات "الإخوانية" في دول مختلفة، والمراهنة على بعض العناصر في ليبيا أو بقايا المسلحين في سوريا خاسرة.
الغنوشي ينتظره نفس مصير سابقيه من القيادات "الإخوانية" في دول مختلفة، ورهانه خاسر.
صحيفة الخليج