حقّق اللقاء الذي عقده جبريل الرجوب وصالح العاروري في اسطنبول، يوم 24 أيلول الماضي، تعبيراً للمعنى الكبير الذي توليه قيادتا المعسكرين الفلسطينيين للتطورات التي تدحر القضية الفلسطينية عن جدول الاعمال الإقليمي.
فهم يعتبرون نشر خطة ترامب في كانون الثاني 2020، ونية ضم الأراضي في الضفة الغربية، والتي أعلن عنها نتنياهو إضافة إلى اتفاق التطبيع بين إسرائيل والامارات والبحرين – والذي أجل حالياً خطوة الضم – تهديداً لمستقبل المشروع الوطني الفلسطيني وحصرية تمثيل الفلسطينيين له.
وعزّز هذا الإحساس رفض وزراء الخارجية العرب في اجتماع الجامعة العربية في 9 أيلول شجب اتفاق التطبيع بصفته خروجا عن المبادرة العربية.
كان اللقاء في اسطنبول حدثا آخر في سلسلة المساعي التي يبديها المعسكران الخصمان لتحقيق المصالحة، عبر النضال المشترك، أو على الأقل مظهراً لوحدة الصفوف في المعسكر الفلسطيني.
وسبق هذا اللقاء مؤتمر صحافي مشترك للرجوب في رام الله والعاروري في بيروت في بداية آب، وكذا اجتماع واسع، أول من نوعه، لكل قادة الفصائل الفلسطينية، بما فيها «الجهاد الاسلامي»، في 3 أيلول برئاسة رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن.
وفي ختام اللقاء خوّل ممثلو الطرفين بوضع خطة مشتركة لمواجهة التحديات الكامنة أمام الحركة الوطنية الفلسطينية في الوقت الحاضر، فيما عكس خطاب الطرفين التقارب والاستعداد للتوافق.
وانتهى اللقاء في اسطنبول بتفاهمات حول اجراء انتخابات للمؤسسات الفلسطينية، ولكن الوثيقة لا تزال تحتاج إلى إقرار من «فتح» و»حماس» وباقي الفصائل.
وأفاد جبريل الرجوب بأنه لم يتحقق توافق بشأن انعقاد لقاء الأمناء العامين للفصائل؛ إذ إن «حماس» لا تزال تدرس المخطط المقترح.
كما أشار إلى أنه اتفق بين «فتح» و»حماس» على التقدم في قناتين: الثنائية والوطنية – إطار واسع لمشاركة كل الفصائل التي توافق على المخطط المطروح.
اما اللجنة المركزية لـ «فتح» فقد صادقت من جهتها في الأول من تشرين الأول على المخطط الذي عرضه عليها الرجوب.
يوم اللقاء في اسطنبول أُجري في معهد بحوث الامن القومي حوار في إطاره عرض نهجان حول فرص التقارب بين القطبين الفلسطينيين.
عرض يوحنان تسورف النهج المتماثل مع تغيير يمكن أن يؤدي إلى توحيد الصفوف، وبموجبه فان العزلة الاقليمية والدولية للفلسطينيين تلزم بوضع فكر وطني محدث.
فـ «فتح» و»حماس» على حد سواء لا يمكنهما وحدهما أن يحققا استراتيجيتهما الكفاحية للتحرر الوطني، وعليه فيستوجب من ناحيتهما تفكير جديد أساسه هو الانطواء، دون وساطة عربية وخارجية اخرى، وكذا تغيير في نهج رئيس السلطة الفلسطينية، ابو مازن، من مسألة الخصومة بين الفصيلين، والتي كانت حتى الآن هي المانع الأساس أمام ترتيب العلاقات مع «حماس».
اما كوبي ميخائيل فعرض نهج الفجوات بين الفصيلين غير القابلة للجسر، والتي تعتقد باحتمالية متدنية لدرجة عدم حصول المصالحة بين «فتح» و»حماس»، بسبب الفجوات العميقة بينهما على خلفية المنافسة على قيادة الساحة الفلسطينية، فضلاً عن زعم لاعبين خارجيين لـ «حماس» – تركيا وقطر الداعمتين الاساسيتين لمحور الاسلام السياسي واللتين يوجد لهما جدول أعمال يختلف عن ذاك الفلسطيني ويرتبط بالكفاح في سبيل الهيمنة الإقليمية.
نهج التقارب
إن الاحتكاك مع إسرائيل هو المصمم شبه الحصري لمنظومة العلاقات بين «فتح» و»حماس»، الفصيلين الأكبرين في الساحة الفلسطينية، منذ 1987.
والاحتكاك هو الذي احدث الانقسام بينهما وهو الكفيل في الظروف الحالية بالمساعدة في التقارب بينهما.
على خلفية الاحتكاك، أُعلن في اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني الـ 19، في تشرين الثاني 1988، عن الاستقلال الفلسطيني، والذي سمح لاحقا بالتوصل إلى اتفاقات اوسلو واتفاق السلام بين إسرائيل والأردن.
أما في الوقت الحالي فيهدد الاحتكاك بالتراجع عن الانجازات السياسية للحركة الوطنية الفلسطينية.
حرّك مخطط الرئيس ترامب الأمور باتجاه الموقف الموحد للمعسكرين الفلسطينيين، إذ ليس فيه جواب حتى على مطالب الحد الادنى للجناح الاكثر اعتدالا في الساحة الفلسطينية.
فقد اعتبر ضما إسرائيليا لكل الارض الواقعة بين البحر والنهر، ولا سيما لانه بموجبه ستبقى المسؤولية الامنية في كل هذه الارض وكذا السيادة على الاماكن المقدسة في شرق القدس في يد إسرائيل حتى بعد أن تقوم دولة فلسطينية. فضلا عن ذلك فان اتفاق التطبيع بين إسرائيل والامارات والبحرين اوضح للفلسطينيين أن نية إسرائيل ضم اراض في الضفة الغربية تأجلت ولم تلغ.
كما جسد هذا الاتفاق عمق العزلة التي علقوا فيها وضياع التضامن العربي الذي بنوا عليه سواء استراتيجية الكفاح ضد إسرائيل أم استراتيجية المفاوضات معها.
وبالتالي يسود الساحة الفلسطينية اليوم الاحساس بانه «إذا لم أكن أنا لي فمن لي»، والذي يستوجب الانطواء ووضع خطوط عمل فصائلية مشتركة، كجواب على الضعف.
وتشارك في هذا الفهم كل الفصائل، وهي تعرب عن استعدادها للتجند. ولكن ليس واضحاً كم يمكنها أن تعتدل في مواقفها الأساس ومصالحها الخاصة كي تعمل جسما واحدا.
ومع ذلك فان الاحساس في معسكري «فتح» و»حماس» هو أنه بمجرد محاولات التقارب هذه توجد استجابة لمطلب الجمهور الذي يرى في الانقسام بينهما سبب الاسباب للضعف الفلسطيني، والذي يسمح لكل جهة خارجية التدخل في شؤونهم. إن الاستراتيجيتين المختلفتين لـ «فتح» و»حماس» في الكفاح ضد إسرائيل، والصراع على القيادة، والرواسب العميقة العديدة التي خلفتها المواجهات المباشرة بينهما تطرح علامة استفهام على قدرتهما على التقارب أو المصالحة. ثلاث مسائل يمكنها أن تشكل عقبة خلاف:
المقاومة المسلحة ومسألة استخدام السلاح – مع انتخاب أبو مازن رئيساً للسلطة في العام 2005 أمر بوقف كل انواع العمل العنيف في الصراع ضد إسرائيل، وأعلن بدء عصر جديد «سلطة واحدة، قانون واحد، وسلاح واحد»، وكذا عن تنسيق أمني كامل مع إسرائيل، وصفه مرات عديدة بالمقدس.
وخلق انقلاب «حماس» في العام 2007 في القطاع عزلة بين المنطقتين، ما سهل على حفظ التنسيق الامني والهدوء الامني في ارجاء الضفة. سعى ابو مازن منذئذ إلى تحكم السلطة بالسلاح في الساحة الفلسطينية كشرط للمصالحة مع «حماس».
اما «حماس» فرفضت ذلك، وتمسكت بالمقاومة المسلحة طريق عمل مركزيا. ومع ذلك، في السنوات الاخيرة، في اعقاب جولات المواجهة مع إسرائيل، لطفت موقفها قليلا.
في العام 2017 نشرت برنامجا سياسيا جديدا لـ «حماس»، يمكنه أن يسمح للتنظيم ولـ «فتح» بالتوافق على عمل مشترك غير عنيف ضد إسرائيل، وان لم يكن بالضرورة في اطار مصالحة كاملة. وأوضحت «حماس» في هذا البرنامج أنها مستعدة لتضع استخدام السلاح تحت مسؤولية جهة وطنية مشتركة تقرر اي شكل تتخذه المقاومة ومتى يسمح باستخدام السلاح.
ميزان القوى بين الفصائل – يسود في إسرائيل التقدير بان «حماس» جسم متماسك وقوي، ذو ايديولوجيا محددة لا تعترف بإسرائيل وبحقها في الوجود، وبالايمان بعدالة طريقها.
اما الفلسطينيون من جهتهم فيرون في المقاومة قمة التضحية ووسيلة للتنفيس عن مشاعر الغضب والثأر، ولكنهم لا يؤمنون على الاطلاق بأن فيها ما يحقق التحرير والتأثير على المواقف الاساس لإسرائيل او تحقيق اي هدف استراتيجي.
والدليل على ذلك هو التقليص الكبير الذي طرأ على المقاومة المسلحة من قطاع غزة منذ 2014.
و»حماس» على علم جيد بان استمرار حكمها في القطاع هو نتيجة قرار إسرائيلي عدم اعادة احتلال المنطقة، وان فارق القوى مع إسرائيل هائل.
وفي الوقت ذاته فان الادعاء الذي يكثرون في «حماس» من اطلاقه، بشأن ردع إسرائيل، هو عمليا نتيجة الخطاب الإسرائيلي العلني، الذي يعزز هذا الادعاء.
وعليه فمن الصعب الحديث اليوم عن منظومة علاقات فصائلية بين «فتح» و»حماس» كلعبة محصلتها صفر.
وفي الوقت ذاته فان «حماس» على وعي أكبر مما في الماضي بالحاجة للعمل الفصائلي المشترك، وبالانخراط في الأسرة الدولية.
حتى لو سيطرت «حماس» على م.ت.ف فانها ستكون مطالبة بأن تتصدى لمسائل معقدة اكثر من هذه، يصعب عليها التصدي لها في قطاع غزة اليوم.
فهل يمكنها أن تتجاهل التواجد الإسرائيلي في الضفة الغربية ونيل الدعم السياسي او المادي من جهة اوروبية دون تغيير النهج من النزاع وحله المنشود؟ واكثر من ذلك – هل ستبقى «فتح» مركزية في م.ت.ف إذا ما سيطرت «حماس» على المنظمة، اما ان «حماس» ستربط م.ت.ف بالمحور الراديكالي الاقليمي، وهكذا تخاطر بمواجهة دائمة مع إسرائيل ومع قسم مهم من الشعب الفلسطيني ايضا والذي يرى الارتباط بالمحور الراديكالي امراً غير مشروع؟
الارتباط بمحور تركيا – قطر – ان الخطوات التي نفذتها «حماس» و»فتح» حتى الآن تشير الى التقارب نحو محور تركيا – قطر.
ومن شأن هذا الارتباط أن تكون له معانٍ ثقيلة الوزن من ناحية «فتح». وذلك رغم أن علاقاتها مع قطر سليمة ولا توجد رواسب اشكالية بينها وبين تركيا.
ولكن مزيدا من التقارب لـ «فتح» من هذا المحور سينطوي على ابتعاد عن المعسكر البراغماتي والوطني الذي هو اقل إسلامية.
وعليه، فينبغي ان نرى التقارب احتجاجا على الدول العربية التي أيدت التطبيع مع إسرائيل، وبقدر أقل كمحاولة للانفصال عن المعسكر البراغماتي. وبالفعل، سافر جبريل الرجوب وروحي فتوح بعد اللقاء في اسطنبول الى الدوحة ومن هناك الى القاهرة، كون مصر أعربت عن استيائها من محاولة إقصائها عن الحوار الفلسطيني الداخلي.
وكان هدفهما هو الإيضاح بأن دور مصر في الحوار بين الفصائل يبقى في مكانه، باستثناء ان هذه المرة يدور الحديث عن مبادرة فلسطينية داخلية.
وفي كل الأحوال يبدو أن «فتح» لن تتخلى عن علاقاتها مع المعسكر البراغماتي، بينما تبذل «حماس» منذ زمن جهودا للتقرب منه، وإن كان بلا نجاح. فما بالك انه يلوح تسويف في عقد المحافل التي يفترض بها أن تقر استمرار عملية المصالحة وثمة في الجانب الفلسطيني ما يربط ذلك بانتظار نتائج الانتخابات الأميركية. وأمل أبو مازن هو أن ينتخب جو بايدن فيتراجع عن خطوات ترامب، ما يجعل مسيرة المصالحة لا داعي لها.
نهج حفظ الفجوات
توجد الساحة الفلسطينية في احدى لحظات الدرك الاسفل التاريخي لها. حيث فقد الفلسطينيون قوة الفيتو التي كانت لهم على التطبيع مع إسرائيل؛ والقدرة على التأثير على السياسة الأميركية حول النزاع والحل، فضلا عن الدعم الاقتصادي الأميركي؛ فقد علقوا في ازمة اقتصادية عميقة؛ وفقدوا دعم المعسكر العربي البراغماتي، وبقوا مع دعم المعسكر الراديكالي، وبخاصة تركيا، قطر، وايران؛ وطرأ تآكل دراماتيكي في ثقة الجمهور بقيادة السلطة الفلسطينية. كل هذا بينما تنقسم الساحة الفلسطينية بين كيانين مستقلين ومتنافسين، يمثلان فكرين واستراتيجيتي عمل مختلفين.
في القيادتين الفلسطينيتين «فتح» و»حماس» يسود إحساس بحالة الطوارئ، ولكن ضائقة كل منهما ليست متشابهة.
في نظر «حماس» فان تراجع مكانة القضية الفلسطينية والساحة الفلسطينية نفسها هو بمثابة دليل على فشل استراتيجية المفاوضات التي يقودها أبو مازن ودليل قاطع على صحة خطها: ضرورة مواصلة الكفاح المسلح ضد إسرائيل. وبالفعل من هنا ينشأ فكر قيادة «حماس» بأن هذه لحظة مناسبة لإلغاء الهيمنة التاريخية لـ «فتح»، والعمل على تنفيذ الغاية الاستراتيجية للمنظمة ألا وهي السيطرة على الساحة الفلسطينية.
قيادة «حماس» برئاسة هنية والعاروري تعبر عن التقارب مع المحور التركي – القطري وايران، وهي مستعدة للمصالحة مع «فتح» ولكن بشروطها. ولكن الأجندة التي تمثلها لا تتطابق مع أجندة السنوار، الذي يفضل الاعتماد على مصر.
يركز السنوار على المستوى المحلي وهمه هو تحسين الواقع الإنساني في القطاع وتعزيز قبضة «حماس» في المنطقة كجهة سياسية على مدى الزمن، بينما اهتمامه بالضفة محدود مقارنة مع اجندة هنية والعاروري الأوسع.
من ناحية قيادة «حماس»، فان الاستعداد للمصالحة هو خشبة قفز لتحقيق الغاية الاستراتيجية في السيطرة على الساحة الفلسطينية. وفي نظرها فان سعي «فتح» للمصالحة ليس سوى مدخل لحماية قبضتها في الساحة الفلسطينية.
وهي ترى في المصالحة ممكنة فقط اذا ما ضمنت لها الشراكة في مراكز القوة في الساحة الفلسطينية. وهذا هو الاساس لمطالبة قيادة «حماس» باجراء فوري للانتخابات الرئاسية، وللمجلس التشريعي، وللمجلس الوطني الفلسطيني: الهدف هو دخول «حماس» إلى إطار م.ت.ف والتمثيل المناسب لمؤسسات المنظمة.
وهذه المطالب كانت ولا تزال سيفا مسلطا على رقبة «فتح» وقيادة السلطة. أما «فتح» من جهتها فتسعى للانتخابات بشكل متدرج. وقيادة «فتح» والسلطة تعارض اقامة حكومة وحدة لإجراء الانتخابات، وتطالب بان تكون الحكومة الحالية هي المسؤولة عن كل الاستعدادات اللازمة.
قيادة «حماس» مقتنعة بأن انتخابات موازية للرئاسة والتشريعي والوطني ستحقق للمنظمة إنجازات واضحة، بل ستحقق لها انتصارا على «فتح»: في القيادة والسيطرة على الساحة الفلسطينية.
في انتخابات حرة يتحقق فيها انتصار لـ «حماس» وتثبت مكانها في الداخل، بل تلزم الاسرة الدولية بالاعتراف بالمنظمة، ما يسمح لها بتحطيم دائرة العزلة الدولية التي تعيشها.
كما أنها اذا ما انخرطت في م.ت.ف فمن غير المعقول ان تتمكن قيادة «حماس» (هنية والعاروري) من أن تفرض على مراكز القوة في القطاع التخلي عن إنجازاتها العسكرية.
إذ ان هذه هي بوليصة التأمين والاساس لحكم قيادة «حماس» في القطاع. فضلا عن ذلك، فان «حماس» لا توافق على المنطق الكامن في اتفاقات اوسلو، وتؤيد الكفاح المسلح على الكفاح الشعبي.
ان الوجود العسكري ليس حيويا لوجود «حماس» فقط بل وسيلة لتأكيد الاستراتيجية ولتثبيت ضرورة الاعتراف بتصدر الكفاح المسلح. والمساومة الكبرى من جانبها قد تكون موافقة «حماس» في هذا الوقت بالسماح للسلطة الفلسطينية بالعودة الى قطاع غزة وتحمُّل ادارته المدنية على عاتقها.
غير أن هذه المساومة قد تتبين منزلقا يؤدي بالساحة الفلسطينية الى «واقع لبناني» يخافه رئيس السلطة ولهذا فمن غير المعقول أن يقبل به.
خلاصة ومعانٍ لإسرائيل
رغم الوضع الاستراتيجي المتهالك للساحة الفلسطينية، لا يزال من السابق لأوانه القول إن الجواب على التحدي سيكون اعادة التنظيم على اساس ترتيب العلاقات بين التنظيمين الرئيسين والمتنافسين «فتح» و»حماس».
فأساس الشرعية ومصدر قوة «فتح»، من خلال السلطة، وبخاصة رؤياها في الدولة الفلسطينية المستقلة على اساس حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية تلقت ضربة شديدة من الولايات المتحدة والدول العربية.
بالمقابل، ترى قيادة «حماس» في الأزمة فرصة استراتيجية لتعزيز مكانتها، على حساب «فتح» والسلطة. ورغم ذلك يجب الأخذ بالحسبان بأن الساحة الفلسطينية ستمر بتغيير حقيقي إذا ما اعتزل أبو مازن، او اختار الشراكة مع «حماس» لوضع استراتيجية كفاح مشتركة تساعد على تعزيز وزن الورقة الفلسطينية في الساحتين الاقليمية والدولة، وتحديدا مع إسرائيل.
لا يزال ابو مازن يفضل المسار السياسي مع إسرائيل على المصالحة مع «حماس»، والتي قد تؤدي بها الى رئاسة السلطة وم.ت.ف، التطور الذي يتعارض مع المصلحة الإسرائيلية.
اما إسرائيل من جهتها فمعنية بسلطة فلسطينية مستقرة تؤدي مهامها، وتسمح بالتنسيق الامني والمدني معها، وضمان واقع اقتصادي محسن واستقرار في الضفة الغربية، اضافة الى تثبيت التهدئة الأمنية في القطاع من خلال حكم ناجع وملجوم عسكريا لـ «حماس».
وفي هذا الإطار على إسرائيل ان تستأنف التنسيق الأمني، الاقتصادي والمدني مع السلطة في الضفة، ومنع تموضع «حماس» في المنطقة. كما ينبغي العمل على تحسين واستقرار الواقع الإنساني في القطاع بالتوازي مع تحسين الوضع الأمني في هذه الساحة واستقرارها وذلك من خلال الاستعداد الإسرائيلي لتسوية واسعة مع قطاع غزة.
ان استئناف المسيرة السياسية سيعزز السلطة الفلسطينية، وسيجعل من الصعب على «حماس» و»فتح» توحيد الصفوف وبلورة استراتيجية مشتركة لكفاح قتالي ضد إسرائيل، تتعارض بطبيعتها مع التطلع إلى تحقيق تسوية متفق عليها للنزاع.
عن موقع «معهد بحوث الأمن القومي»