- صفارات الإنذار تدوي في عكا وحيفا وبمستوطنات بالضفة
بلا سابق انذار، أطلقت حركة حماس، بدعم من "اللهو الخفي" حملة سياسية مفاجئة، تستهدف ترسيخ حضورها التمثيلي، على حساب منظمة التحرير الفلسطينية، حملة متكاملة، داخل "بقايا الوطن"، وفي الخارج حيث تقيم قياداتها السياسية، في قطر وتركيا بضمانة أمنية أمريكية، لعدم المساس الأمني الإسرائيلي بها.
حملة حماس الجديدة، المتوافقة جوهريا مع الهدف الأمريكي – الإسرائيلي، تطوير لرؤيتها عند "تأسيس" الحركة أواخر 1987 وبداية 1988 (رسميا فبراير 1988)، من "البديل الموازي" الى "البديل الوراثي"، استنادا الى نظرية "سد الفراغ".
وفقا للقراءة الاستراتيجية لمواقف حماس، دورا وأهدافا وتنفيذا، يمكن ملاحظة انها جوهر سياستها قائم على حركة الإزاحة والاحلال لمنظمة التحرير، ولا تقف عند الوسيلة التي يمكن لها تحقيق "أهدافها الرئيسية" التي تتوازي مع الرؤية الإخوانية العامة.
مع انطلاقة حماس خلال الانتفاضة الوطنية الكبرى 1987 – 1993، رفعت شعار الجماعة الإخوانية وشعارها "الإسلام هو الحل" مستندين الى دعم حركة الإخوان في الأردن، والتي وفرت لها دعما سياسيا وأمنيا من المخابرات الأردنية، كما ضمنت موافقة نسبية من المخابرات الإسرائيلية، على قاعدة "البديل الموازي"، جاء رفع الشعارات الطائفية للمرة الأولى في المشهد الفلسطيني منذ انطلاقة الثورة عام 1965، ما مثل خنجرا مسموما لوحد الشعب الفلسطيني بزرع "الطائفية" لنهش وحدته الوطنية.
وانطلاقة حماس الطائفية، تعيد للذاكرة ما كان من تأسيس جماعة الإخوان عام 1928، ورفعهم شعار "الإسلام هو الحل"، والذي كان ترتيبا استعماريا مع فرض السفير البريطاني في دستور مصر عام 1923، أن الإسلام دين الدولة، لكسر عامود الحركة الوطنية المصرية في حينه، حزب الوفد وشعاره عاشت وحدة الهلال مع الصليب، فجاءت الجماعة الإخوانية لتكسر وحدتهما، خدمة للمستعمرين ضد حزب الأمة آنذاك.
وهو ما كان من حماس منذ خروجها للعمل، رفضت العمل الوحدوي في أي من الأشكال القائمة، منظمة التحرير كممثل شرعي وحيد، وحاولت أن تفرض شروطا غبية على الزعيم الخالد الشهيد المؤسس ياسر عرفات، ورفضت أي علاقة مع "القيادة الوطنية الموحدة" التي مثلت رأس الحربة للانتفاضة الكبرى.
وطوال 6 سنوات عملت حماس وفقا لنظرية "الإزاحة السياسية" حتى جاء اتفاق أوسلو 1993، بين منظمة التحرير وإسرائيل، فبدأت حركة تحالف "موضوعي جديد" من أعداء الاتفاق، دول عربية وأطراف في الإدارة الأمريكية، واليمين الصهيوني التوراتي، وبعض المؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وفي المقدمة منها يهود براك رئيس أركان جيس الكيان في حينه، وأطراف فلسطينية وأبرزها حركة حماس، التي أصبحت أداة تنفيذية لإسقاط الاتفاق.
بعد الاتفاق، دخلت حماس في مرحلة تدمير السلطة الوطنية عبر مسلسل من "العمليات العسكرية" داخل إسرائيل، وكان مخططي تلك العمليات يهدفون الى اظهار ان السلطة عاجزة وليست شريكا في عملية سلام، وتحريض المجتمع الإسرائيلي ضد الاتفاق، الى جانب أن حماس الأداة الأكثر أهمية.
وجاء اغتيال اسحق رابين، الشريك الإسرائيلي في اتفاق أوسلو ليفتح الباب لليمين التوراتي لنسف الاتفاق، لتبدأ رحلة جديدة من نظرية "الإزاحة السياسية"، والتي بدأ الاعداد لمرحلتها الجديدة مع فوز نتنياهو بالحكم 96، وانقلاب قطر أواخر 95.
طوال زمن الخالد، وقفت حماس الى جانب التحالف العربي – الإقليمي المعادي لاتفاق أوسلو، كل بذريعته، ومثلت جسرا لطعن السلطة الوطنية حيث أمكنها ذلك، ورغم المواجهة الكبرى بعد قمة كمب ديفيد 2000، وطوال أربع سنوات كانت حربا حقيقية بين السلطة الوطنية وقائدها الخالد أبو عمار ودولة الاحتلال، لم تتقدم حماس بخطوة إيجابية سياسية لأي من مظاهر "الشراكة"، وما قامت به من عمليات عسكرية بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية، لكنها حافظت على مسافتها البعيدة عن السلطة الوطنية ضمن تحالف قطري إيراني سوري، في حينه.
والمفارقة السياسية التاريخية، حدثت بعد اغتيال الخالد ياسر عرفات، عندما سارعت حماس الى قبولها العرض الأمريكي – الإسرائيلي عبر قطر بالمشاركة في الانتخابات التشريعية، لتصبح جزءا من السلطة التي رفضتها مع أبوعمار، وقبلتها بعد اغتياله.
وكانت تلك محطة جديدة في مسار نظرية الازاحة والاحلال السياسي، التي تسير وفقها حماس بتنسيق كامل مع قطر الت اعلنت رسميا أنها تقوم بذلك الدور بطلب أمريكي إسرائيلي.
المهزلة السياسية، ان حماس جزء من السلطة منذ عام 2006 أي طوال 14 عاما، لكنها تمارس كل اشكال الاتهام لمرحلة تأسيس الكيانية الفلسطينية، وهي أكثر الأطراف استفادة منها، ولسنا مجبرين لوصف هذه الحالة التي تعيشها حماس.
مع عرض خطة ترامب، انتقلت حماس الى تعزيز حركة الإحلال من "البديل الموازي" الى "البديل الوراثي"، عبر تعزيز "كيانية غزة" المنفصلة عن السلطة في رام الله، برعاية مالية قطرية.
وأخيرا بدأت حركة الإعلان الرسمي عن انتهاء مرحلة "البديل الموازي" لتعلن أنها "البديل الرسمي" لمنظمة التحرير، توافقا سياسيا كاملا مع الخطة الأمريكية الإسرائيلية وبعض أطراف فلسطينية لتدمير منظمة التحرير بصفتها الممثل الشرعي الوحيد، جسده خطاب رئيس حركة حماس إسماعيل هنية بتاريخ يونيو 2020، ثم رسائله الى زعماء 40 دولة، اعلان عن "الرئيس المناوب" للشعب الفلسطيني.
يتم ذلك العمل من دولة قطر ورعايتها تنفيذا للتكليف الذي كشفه حمد بن جاسم.
خطاب هنية ورسائله اعلان بأن حماس دخلت مرحلة تطبيق نظريتها بـ "سد الفراغ" كبديل رسمي للمنظمة والسلطة في انتظار المهمة القادمة...
ملاحظة: فجأة سربت حماس خبرا انها رفضت لقاء مع المخابرات الأمريكية مقابل ملايين الدولارات...طيب هي ملايين دولارات قطر مش معها موافقة الأمريكان والناقل المخابرات الإسرائيلية... يا أحفاد البنا حبة حبة بالكذب!
تنويه خاص: أن تعيد أجهزة أمن السلطة في بقايا الضفة إسرائيليين الى حكومتهم بعد دخول منطقة فلسطينية عبر الصليب الأحمر خطوة مهمة..لكن الخطوة القادمة لازم اعتقالهم في سجن فلسطيني كرسالة سياسية مش أمنية!