- طائرات الاحتلال تشن غارة عنيفة على وسط مدينة جباليا البلد شمال قطاع غزة
منذ القفزة التاريخية لحزب الليكود، وتحقيقه نصرا غير محسوبا في الانتخابات الإسرائيلية عام 1977، على حزب العمل "المؤسس" للكيان، وتطورات فتحت الباب لإحداث تغييرات جوهرية في البنية الحزبية، وبالتأكيد نال ممثلي أبناء الشعب الفلسطيني داخل إسرائيل تطورا هاما، وصل في الانتخابات الأخيرة ليصبح التمثيل رقما سياسيا، وليس رقما انتخابيا، ما سيصنع حضورا خاصا ومميزا لم يكن لهم منذ الاغتصاب التاريخي للوطن الفلسطيني عام 1948.
دروس الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة، متعددة الرسائل، لا تقتصر على بروز التمثيل الفلسطيني، بل وتشكيل تحالف "أزرق ابيض" كقوة حزبية من بقايا "أحزاب" وشخصيات لتصبح المعادل للحزب الحاكم، وهي تجربة ليست فريدة، بل تكررت في انتخابات سابقة، أبرزها تجربة حزب "كاديما"، لكنه سريعا ما تفكك برحيل مؤسسيه، وسجن أحدهم واعتزال أخرين.
لكن الدرس الذي يستحق القراءة لما فيها من درس عميق، ما حدث لحزب العمل الإسرائيلي، الذي لعب الدور الرئيسي في قيادة الإرهاب الصهيوني ضد شعب فلسطين، وكان الحزب الحاكم الأبرز منذ اعلان الكيان كدولة على غالبية أرض فلسطين التاريخية، منذ العام 1948 وحتى عام 1977 عندما قفز بيغن بتكتله الليكودي الى الحكم، نتيجة حرب أكتوبر والهزيمة الخاصة لجيش الاحتلال، وتطورات عام 1976 في الأراضي الفلسطينية التي مثلت هبة غضب سياسية وانتخابات البلديات حيث حققت الحركة الوطنية نصرا ساحقا على ممثلي المحتل، ما أدى الى معركة شكلت علامة فارقة في تاريخ الكفاح الوطني.
في الانتخابات الأخيرة، حصل "الحزب المؤسس" للكيان الإسرائيلي على أربعة نواب من ضمن 7 لتحالفه الحزبي، ما يمثل نصف ما حدث عليه حزب ليبرمان، وأحزاب تشكلت في سياق الغلو الصهيوني التوراتي، ويكمن القول أن الحزب بات "أثر سياسي" بلا تأثير سياسي، وقد لا يكون في أي انتخابات قادمة ما دامت قيادته لا تملك رؤية او فعلا سوى انها "أم الأحزاب" المشكلة للكيان.
وفي لبنان حدث يماثل تقريبا ما حدث لحزب العمل الإسرائيلي، تكرر بشكل ما مع حزبي (الكتائب والأحرار الشمعوني)، حيث يمكن للمراقب أن يقرا ارقام الانتخابات اللبنانية، ليتكشف ان أهم حزبين سياسيين (موارنة) باتا اثرا رقميا محدودا جدا، في حين يمثل تيار القوات اللبنانية الذي اسسه بشير الجميل نجل بيار مؤسس الكتائب منشقا عن حزبه الأم، ليصبح الان مع تيار الرئيس عون القوى المركزية لموارنة لبنان "كلاهما بلا تاريخ"
في فلسطين، حدث اول انقلاب سياسي فلسطيني عندما تمكنت حركة حماس من "خطف" الدور القيادي لحركة فتح "أم الجماهير" وقائدة الثورة الفلسطينية المعاصرة، والمهيمنة بلا منازع على مفاصل القرار السياسي وخاصة منظمة التحرير منذ عام 1968 وحتى يناير 2006 عندما حققت فوزا تاريخيا في انتخابات المجلس التشريعي...
لا مجال هنا لقراءة مسببات التغيير التاريخي الذي أصاب الخريطة السياسية الفلسطينية، فنحن لا نقوم ببحث أكاديمي بل قراءة سياسية كمؤشر لواقع قائم، يتطلب الوقوف امامه من قبل حركة فتح، كادرا قبل قيادة، فلا يستطيع أي كان تجاهل حركة "الوهن السياسي العام" الذي أصاب حركة فتح، منذ اغتيال الخالد ياسر عرفات، تزامنت مع بداية "نهوض" لحركة حماس "الإخوانية"، دون ان نحلل الأسباب الخاصة بها، لكن الأهم ان فتح لم تعد هي قائدة المشروع الوطني، بل أنها تتراجع مع أي انتخابات تحدث في فلسطين، بما فيها مجالس الطلبة في الضفة، ولعل الحضور المعنوي العام، دون تأثير مباشر في قطاع غزة بدوافع لا ترتبط بالقيادة الراهنة لحركة فتح.
ما يستحق القراءة السياسية، درس حزب العمل الإسرائيلي والكتائب والأحرار في لبنان، ان الاعتماد على تاريخ الأحزاب وحدها لم يعد يمثل حصانة لها، بل لم يعد يمثل قوة خاصة، أو هيبة تمنحها قوة فعل، فحركة تفتقد الرؤية والقوة على العمل وقيادة المسيرة، لن تتمكن مع البقاء كما تدعي، رغم انها تتحكم في مفاصل القرار الفلسطيني، دون انتخابات بل ضمن "واقع ما"، وليت البعض يعيد قراءة احداث المجلس الوطني الأخير لمنظمة التحرير 2018، حيث التزوير التاريخي للعضوية والنتائج، ما يكشف أن الحكم ليس بقوة شعبية بل بقوة غيرها.
حركة فتح تحتاج حركة نهوض و"تنمر سياسي"، لو اريد لها ان تبقى كقوة مركزية في الخريطة السياسية، والتاريخ لا يقف امام احداث الماضي التاريخي والتغني بـ "أمجاد يا فتح أمجاد"، دون "انتفاضة شمولية في الموقف والأداء والبناء فهي على طريق أحزاب استسلمت لمواقف خارج سياق تاريخ جديد، ومصيرها لن يكون استثناءا لمن أضاع المسار ففقد المسيرة.
الوقت السياسي له حسابات خاصة ولا يوجد به فراغ ولا يحتمله، ولا يعترف بما كان من مكانة ودور، فتلك مهمة لـ "زمن المؤرخين"...حركة فتح على باب مرحلة تاريخية إما الانتفاض لما لها حق، وإما سلاما على زمن كان "ذهبيا"!
ملاحظة: أزمة الأطباء في فلسطين يجب حلها وفقا للمصلحة الوطنية، بعيدا عن "العنترية الرسمية"...حكومة رام الله تتحمل المسؤولية الأولى للتفاهم...فالمشهد الراهن لا يحتمل "ردحا سوقيا"!
تنويه خاص: أوصت حكومة رام الله عدم سفر "المسؤولين" بالطائرات، انسوا انها سمحت للمواطنين بذلك دون تفسير، شو البديل هل يكون "الجمل" أو السيارة...طيب بالمرة كلفوا هنية ووفد حماس تنفيذ المهام الخارجية في زمن الغياب!