- إطلاق نار من آليات الاحتلال شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
قلنا في الحلقة (2) أن كل المحاولات التي بدأت بعد كامب ديفيد لإحلال سلام في المنطقة قد أجهضت على مذبح صفقة ترامب... وأن دولة الإحتلال والولايات المتحدة إعتمدوا حلا مجحفا للفلسطينيين في صفقة ترامب، وهذا الحل الذي يحاولون فرضه من جانب واحد يشكل أخطر ما واجهته القضية الفلسطينية الآن وفي حال تم إعتماده كحل نهائي للصراع أو كمرجعية لأي محاولة حل لاحقا.
أي نقاش جديد للقضية مع اسرائيل والولايات المتحدة لاحقا أو مع أي وسطاء فإن الدولتان أصبحتا طرفا واحدا مختلفا عما سبق، وإذا إستمر حال العرب والفلسطينيين بهذا السكون والضعف ودون إستخدام أوراق قوة يمتلكانهما ودون تطوير أو تغيير وجهة العرب في إتجاه إستراتيجي جديد لإستعادة الضفة والقدس وغزة بالقوة وإقامة دولة فلسطين عليها دون إنتقاص أي شبر من الأرض، فسيصبح على عاتق الفلسطينيين جهدا أو حملا زائدا لعقود أخرى ليس لإنجاز دولة أراضي ال67 ، بل لإلغاء صفقة ترامب كوثيقة ستتمسك بها الولايات المتحدة وإسرائيل كخيار وحيد للحل وفرض القبول بالصفقة.
الآن وهو الأهم، ونحن نكتشف من جديد أننا إبتعدنا عن فهم طبيعة الصراع وعن فهم دورنا وما حدث في المنطقة العربية بعد زحف المشروع الصهيوني للمنطقة العربية وتكريس وجود دولة إسرائيل وإستمرار توسيع مساحتها، وتهافت العرب على التطبيع لابد من الرجوع للتأصيل النظري الذي من خلاله نفهم نحن والعرب أن الصراع العربي الصهيوني هو الأساس وكيف نفهم دورنا نحن كفلسطينيين، وننتج معا معادلة جديدة، لأن المعادلة كانت السابقة ثبت خطؤها بشقيها العربي والفلسطيني.
تعالو نعيد قراءة القصة لنعرف الحل
نحن في فلسطين عرب ننتمي لجغرافيا عربية ولغة عربية واحدة وتاريخ عربي مشترك واحد وحدود مشتركة وين واحد مشرك، وعادات وتراث عربي واحد، حدثت أخطاء منا ومن محيطنا العربي نتيجة إضطراب في بعض المنظومات والحكومات والمؤامرات فرقت العرب عنا وافترقنا عنهم، زهقنا منهم أو زهقوا منا في لحظات إرتباك، قلنا وتصرفنا خطأ بإستقلالية القرار فأخرجناهم أو منحناهم فرصة الهروب من المسؤولية، وفعلا هربوا ونحن قنعرنا الطاقية كام سنة وتوهمنا بإستقلال قرارنا أن هناك إمكانية للخلاص منفردين، فإذا بنا نسقط على وجوهنا دون حسم أو تحرير، لا بالمفاوضات ولا بالمقاومة، وإنشغلنا نحن بخلافاتنا بدل إنشغالنا بالإحتلال، وحاولنا إستئصال أو إستبعاد كل منا للآخر فتعاظم الخلاف بيننا، ووجدها بعض العرب فرصة ليس فقط للهروب من المسؤولية بل أخذوا يسقطون علينا خلافاتهم لتوسيع شقة الخلاف بيننا، وتصنيفنا حسب الولاء لهم، ومحاولات البعض منهم تمرير مخططات تصفية لقضيتنا، وللأسف الشديد كنا مطواعين لجيوبهم، ونسينا أن خلافاتنا وصراعنا على سلطة تحت الإحتلال ستطيح بقضيتنا التي صُناها لفترة طويلة من الزمن، وها نحن في وضع لا نحسد عليه، سلطة ورئيس وفصائل كلها تحمل أسماء للتحرير ولم نر فعل لمواجهة الصفقة حتى الآن، ولا أدري ما هو عمل هذه التنظيمات؟
المشروع الصهيوني لاحقنا ولاحق العرب عبر أخطائنا، في أوسلو الذي تركه الإحتلال ولازلنا نتمسك ببعضه الضار، وفي عدم قدرتنا على إدارة أرض وشعب فأضعفناه وعاقبناه أكثر ما عاقبنا الإحتلال، حتى أحدثنا ما لم يكن في الحسبان بأن قتلنا بعضنا وعاقبنا بشدة كل من يختلف معنا أو يعارضنا من أبناء فلسطين.
المشروع الصهيوني لاحق أيضا العرب المهادن منهم وغير المهادن عبر المؤامرات على دولهم ومكوناتهم الإستراتيجية حتى درجة كسر. وإسقاط الدولة في بعض دولهم ومحاولةإحتوائها ونهب ثرواتها كما حدث في دمار العراق وسوريا وليبيا واليمن وسد النهضة في الحبشة،وكلها كانت بوصلتها إسرائيلية لخدمة المشروع الصهيوني، وانتهت تلك الحقبة بصفقة ترامب التي تصادر ما تبقى من فلسطين والأغوار والجولان، وبالمناسبة هناك فرق بين إسرائيل والمشروع الصهيوني، فإسرائيل دولة المركز والمشروع الصهيوني هو مكون من عدة دول وأنظمة تحكم في كثير من الدول والمؤسسات في العالم.
لاحظوا حتى الإمس القريب في إجتماع الجامعة العربية كنا نترجاهم بألا يخذلوننا ونطلب منهم فقط أن يقبلوا ما نقبله كفلسطينيين ولا غير، ونقولها بفهمنا المغلوط ويقبلونها بإستهبال وهروبية، وكلانا لا يعرف أو هو يهرب من دوره، بأنهم أصحاب الصراع بجانبنا ضد المشروع الصهيوني ونحن جزء وهم ثلاثين جزء ونتبجح بأن يقبلوا ما نقبل ومصرين على خطئنا الذي أوردنا لصفقة ترامب، و كأن الصراع معنا وليس معهم بدل أن نرميها في حجرهم ليتحملوا مسؤولياتهم ونحن بذلك نصر على إننا قادرون على حسم الصراع، فنحن وهم أي العرب بتنا غير مدركين ما هي طبيعة الصراع مع إسرائيل.
المشروع الصهيوني حي وحيوي وله مقومات استمرار حتى يصلوا بدولة اسرائيل من النيل للفرات .. الآن هل مازال هناك شك بأن المشروع الصهيوني ودولة إسرائيل الكبرى ستقام؟ وإن لم تصحو أمة العرب فعليهم أن يتهودا لصالح بقائهم على أراضيهم، فمن الخيال الآن أن لهم مخططات تهويدنا ولكن كل شيء أصبح لهم يتقدم مادام الجميع العربي يتراجع ويهرول لإعتماده في تل أبيب فلا شيء مستبعد.
هذه حلقة (3) من (4) حلقات قابلة للزيادة.