- إصابتان في استهداف طائرة مسيّرة (كواد كابتر) مواطنين بمنطقة الزنة شرقي خانيونس جنوب قطاع غزة
بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وتصدي المقاومة له ترتب عليه وقوع العديد من الفلسطينيين والفلسطينيات في قبضته، ليتم اعتقال المدنيين على حواجز الطرق التي تقيمها قوات الاحتلال الإسرائيلي في جميع مناطق الضفة الغربية، ونقاط التفتيش الحدودية بين المدن والمحافظات الفلسطينية الشمالية والجنوبية، ومن خلال اقتحام المدن والقرى، وعمليات الاختطاف التي تنفذها القوات الإسرائيلية الخاصة من وقت لآخر مدعومة بالقوات العسكرية. أضف إلى ذلك لجوء قوات الاحتلال الإسرائيلي في كثيرٍ من الأوقات إلى الاعتقال كوسيلة للضغط والمساومة والابتزاز على التنظيمات التي ينتمي إليها الأسرى، أو لإجبارهم على تقديم معلومات عن الآخرين أو للتعامل والتخابر مع الاحتلال، ولجأت في أحيان أخرى إلى اعتقال الأقارب من الفئة الأولى كالأمهات والأخوات والزوجات بهدف الضغط على أقربائهم الأسرى لِيُدلوا باعترافات، وبلغ الأمر إلى اعتقال عائلات المطلوبين كاملة كي يسلموا أنفسهم لقوات الاحتلال، فكثيراً ما تم اعتقال الأسيرة الفلسطينية وعذبت بسبب علاقة ابنها أو زوجها أو ابنتها أو شقيقتها بالمقاومة الفلسطينية أو كان لها صلة مباشرة بالمقاومة تمثلت بالتدرب على السلاح والمشاركة في العمليات الفدائية أو تقديم المساعدة للمقاومين الفلسطينيين.
فالمرأة الفلسطينية شاركت الرجل في كافة المراحل النضالية لنيل الحرية وتحقيق المصير، وتعرضت للأسر والاعتقال منذ العام 1967م على خلفية اشتراكها في المقاومة المشروعة ضد الاحتلال، فلا تُعامل الأسـيرات الفلسطينيات في السجون والمعتقلات الإسرائيلية بشكل مختلف عن الرجال بل تتعرض بشكل دائم للإذلال، بالإضافة إلى العزل الانفرادي والتفتيش الجسدي، فهن محرومات من العلاج الطبي والزيارات الخارجية والعديد منهن أمهات لعدة أبناء، والعديد منهن تم اعتقالهن في أثناء فترة الحمل، وقد أجهضت بعضهن أثناء التحقيق وأنجبت أخريات داخل جدران السجن وهن مقيدات الأيدي دون مراعاة لألم المخاض والولادة. اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال انتفاضة الأقصى قرابة 900 أسيرة، كما تم اعتقال عددا من المقدسيات المرابطات في المسجد الأقصى، وأعيد اعتقال أسيرتين تحررتا في صفقة “شاليط”، ليتعرضن لشكل أو أكثر من أشكال التعذيب والإهانة والمعاملة اللاإنسانية، ولا زالت سلطات الاحتلال تختطف في السجون ومراكز التوقيف الإسرائيلية حتى شهر يوليو عام 2019م ثمانية وثلاثين أسيرة فلسطينية منهن ثمانية عشر موقوفة لم يتم إصدار حكم عليهن بل يتم تجديد الاعتقال الإداري بشكل دوري. أما معاناة الأسيرة الفلسطينية في سجون الاحتلال فتبدأ منذ لحظة إلقاء القبض عليها، وقبل معرفتها بالتهم الموجهة إليها وبداية التحقيق معها، لتواجه الاعتقال الإداري والتعذيب والعزل الانفرادي وظروف صحية ومعيشية قاسية، إضافة إلى منع زيارة ذويها والمحامين، فتتعرض الأسيرة الفلسطينية لثلاثة أصناف من الحكم والعقاب تتمثل فيما يلي:
– السجن: أقل حكم يمكن أن يفرض على الأسيرة هو أربعة أشهر إدارية إن لم توجه لها أي تهمة أخرى، وهناك أحكام تمتد لسنوات طويلة تصل إلى عشرات السنوات، وغالباً ما تخضع للوضع السياسي والأمني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
– الحكم مع وقف التنفيذ: غالباً ما تفرض محاكم الاحتلال على الأسيرات حكماً بوقف التنفيذ لمدة محددة، إضافة إلى الحكم الفعلي بالسجن لمدة أخرى.
– الغرامة المالية: تعتبر هذه العقوبة المضافة إلى عقوبة السجن الفعلي أو السجن مع وقف التنفيذ، وتعد شكلاً من أشكال العقوبة الجماعية لذوي الأسيرة، كونهم من يدفعون الغرامة التي تتراوح ما بين 250 دولار إلى آلاف الدولارات، مما يشكل إرهاقاً مادياً عليهم خاصة أن أغلب الأسر الفلسطينية تعاني من وضع اقتصادي صعب.
وتحاول إدارة سجون الاحتلال طمس وإلغاء كل ملامح الحياة لدى الأسيرات في السجون حيث يُحتجزن في ظروف قاسية، ويُعاملن بقسوة دون مراعاة لجنسهن واحتياجاتهن الخاصة، ويتعرضن لانتهاكات جسيمة لحقوقهن الأساسية ويقبعن في سجن الدامون الذي هو عبارة عن مخازن للدخان حتى نهاية العام الماضي، حين قامت مصلحة السجون الإسرائيلية بتفريغه وتحويله لمعتقل مجهّز بالكاميرات، ونقلت إليه الأسيرات الفلسطينيات في حين كانوا من قبل يقبعن داخل زنازين سجن هشارون المخصّص للنساء، الذي أعلنت السلطات الإسرائيلية إغلاقه مؤخراً.
وتهدف سلطات الاحتلال من وراء الاعتقال إلى إذلال الأسيرات والانتقام منهن وإفراغهن من محتواهن الوطني والسياسي والنضالي والثقافي، وقتلهن معنوياً ونفسياً وإن أمكن جسدياً داخل السجن أو توريثهن أمراضاً خطيرة تلازمهن إلى ما بعد خروجهن من السجن، في إطار سياسة ممنهجة ومنظومة من الإجراءات والقوانين المتبعة، يشارك فيها كل من يعمل في المؤسسة الأمنية بدءاً من الجندي ومروراً بالمحقق والسجان وليس انتهاءً بالطبيب والممرض، فتبدأ منذ لحظة الاعتقال ولا تنتهي بلحظة الإفراج، فالأسيرات الفلسطينيات يعشن ظروفاً قاسية لا إنسانية تهدف لتصفيتهن جسدياً ومعنوياً بشكل تدريجي، فيتعرضن للإهمال الطبي وعدم وجود طبيبات متخصصات يقمن على رعايتهن، بالإضافة إلى اقتحام غرف الأسيرات بشكل مفاجئ في وقت متأخر من الليل والاعتداء عليهن بالشتم والإهانة لإجبارهن على التفتيش، مع عدم وجود مساندة حقيقية لمطالبهن من المؤسسات الحقوقية الدولية المهتمة بشؤون المرأة، ومع بداية هذا الشهر هددت الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون بالإضراب عن الطعام وسمّينه “إضراب الحرائر الأول” إن لم تقم الإدارة بتحسين ظروف اعتقالهن.
وأثناء إعداد هذه المقالة عُثر على العديد من الأبحاث الإسرائيلية المنشورة في المجلات العلمية العالمية والتي يفترض أن تكون أبحاث علمية لكنها تنطوي ضمن الأجندة الإعلامية التي تسعى لتشويه صورة الأسيرات الفلسطينيات، فتُرجِع أسباب اعتقالهن إلى أعمال المقاومة تحت اسم الإرهاب، بالإضافة إلى العديد من الأسباب غير الأخلاقية، والجرائم والنظام الأبوي، فما تحمله من معلومات زائفة ومضللة تهدف إلى تشويه سمعة الأسيرات الفلسطينيات وذويهن والمجتمع الفلسطيني ككل.