اليوم الخميس 03 إبريل 2025م
نتنياهو يزور المجر في تحد لمذكرة الاعتقال الدوليةالكوفية الاعلام العبري يستعرض أخر التطوارات السياسية بخصوص صفقة تبادل الأسرى وما العراقيل لإنجازها؟الكوفية الاعلام العبري يكشف عن خطط الجيش في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة تعرف عليها؟الكوفية مراسلتنا: الاحتلال يرتكب مجزرة بحق النازحين في جباليا ويستهدف عيادة الأونرواالكوفية الكوفية ترصد الأوضاع المأساوية للنازحين في منطقة اليرموك وسط مدينة غزةالكوفية هل يعود اليهود العلمانيين للحكم في إسرائيل بعد عودة نفتالي بينت للحياة السياسية؟الكوفية الاعلام العبري يستعرض استعدادات الجيش في صد هجمات الحوثيين في اليمنالكوفية الاعلام العبري يكشف التنسيق بين القيادة المركزية الأمريكية والجيش الإسرائيلي لضرب إيرانالكوفية توسيع العملية العسكرية بين تحقيق أهداف اليمين بالتهجير والمضي قدما بخطة الجحيم الأمريكي الإسرائيليالكوفية أونروا: الضفة تشهد أكبر موجات نزوح منذ 1967الكوفية وفق خطة الجحيم الأمريكية الإسرائيلية.. المستشفيات مهددة بالتوقف بسبب انعدام المستلزمات الطبيةالكوفية خروقات مستمرة .. قوات الاحتلال تواصل استهداف مناطق الجنوب اللبنانيالكوفية "هادي": ما يحدث في غزة ينتهك الإنسانية والقوانين الدوليةالكوفية مفوض الأونروا يعلق على مجزرة عيادة الوكالة في جبالياالكوفية حماس تقرر عدم الرد والتعاطي مع الورقة الإسرائيلية الأخيرةالكوفية شهيدان ومصابون باستهداف طائرات الاحتلال مجموعة من المواطنين في شارع المنشية ببيت لاهيا شمالي قطاع غزةالكوفية شهداء ومصابون في قصف مدفعي استهدف مواطنين في شارع المنشية ببيت لاهيا شمال قطاع غزةالكوفية مفوض الأونروا : أدعو لإجراء تحقيق مستقل للكشف عن ظروف الهجمات والانتهاكات الجسيمة التي رافقتهاالكوفية مفوض الأونروا : التجاهل التام لحماية موظفي الأمم المتحدة ومقراتها وعملياتها انتهاك للقانون الدوليالكوفية مفوض الأونروا : العائلات النازحة اضطرت للبقاء في المأوى حتى بعد استهدافه لعدم توفر مكان آخر يلجأون له.الكوفية

المطلوب من "حماس"

20:20 - 01 إبريل - 2025
هاني المصري
الكوفية:

طبيعيُّ أن يتظاهر من يعانون جريمةَ الإبادة والتهجير والتدمير الشامل، خاصّة أن معظم قطاع غزّة أصبح غير قابلٍ للحياة، بعد الحصار الخانق وغير المسبوق.
ومن الطبيعي أن تنال حركة حماس، لا بوصفها حركة مقاومة، بل بوصفها السلطة الحاكمة في قطاع غزّة، حصّتها من الغضب الشعبي، فهي جسّدت حكماً فئوياً قمعياً، ومن دون رقابة ولا مساءلة ولا محاسبة ولا مشاركة شعبية، وعليها أن تفهم دوافع التظاهر ضدّها، وتُلبّي ما يمكن تلبيته من مطالب المتظاهرين الغاضبين. مروحة المطالب المقدّمة إلى "حماس" واسعة، وهي تُقدَّم من شريحة كبيرة من الشعب، وليس من الشعب كلّه أو معظمه، وهذا يعكس التعدّدية الفلسطينية، مصدر قوّة ومناعة واستمرار القضية الفلسطينية، فهناك أيضاً شريحة كبيرة من الشعب تدعم "حماس"، وتبدأ بمطالبة بعض المتظاهرين (انطلقوا من بيت لاهيا) "حماس" بإبداء الاستعداد الجدّي للتخلّي عن حكم قطاع غزّة، لسحب الذرائع والمبرّرات من الاحتلال، الذي تدّعي حكومته أن إنهاء هذا الحال سيؤدّي إلى وقف الإبادة الجماعية، إذا ترافق مع الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين، وضمان ألا يبقى القطاع مصدراً للتهديد، مع أن الأهداف الحقيقية أكبر بكثير، كما أوضح نتنياهو الأحد الماضي، حين وضع شروطاً تعجيزية لاتفاق وقف النار، منها المضي بتهجير أهل القطاع، أي تصل الشروط الإسرائيلية إلى التهجير والضمّ، وتخلّي "حماس" عن الحكم أصبح مطلوباً من أجل سحب الذرائع من الأطراف الإقليمية والدولية، التي أعلنت عدم استعدادها لتمويل إعادة الإعمار إذا استمرّت "حماس" سلطة الأمر الواقع في قطاع غزّة، لأن هذا يمكن أن يؤدّي إلى عدوان إسرائيلي جديد يدمّر ما أُعيد بناؤه وإعماره.
خطيئة "حماس" المستمرّة أنها أعطت الأولوية لاستمرار سيطرتها الانفرادية على غزّة، ولم تولِ الاهتمام اللازم لوحدة الضفة الغربية وقطاع غزّة

والسؤال هنا، هل المطلب عادلٌ بإنهاء حكم "حماس" من دون توافق وطني شامل، أو بلا إجراء انتخابات يختار فيها الشعب الفلسطيني من يمثّله؟ طبعاً لا، بل يُعدّ استمراراً وانعكاساً لتخلّي الأطراف العربية والإقليمية والدولية والمجتمع الدولي عن مسؤولياته، التي تفرض إلزام دولة الاحتلال بوقف الإبادة، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقّه في تقرير مصيره، وفقاً لما يحدّده القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ولكن رغم ظلمه يجب تحقيقه، لأن الحكمة تقتضي ذلك، حتى لا تتحمّل المقاومة أي قدر من المسؤولية عن استمرار جريمة الإبادة الجماعية.
تأسيساً على ما سبق، وعلى الرغم من أن من حقّ "حماس" أن تشارك في الحكم، لأنها فازت في آخر انتخابات (يناير/ كانون الثاني 2006) بالأكثرية، فإنها لم تُمكَّن من الحكم منفردة عندما شكّلت حكومتها، ولم تُمكَّن من الحكم بعد مشاركتها في حكومة الوحدة الوطنية، ما دفعها إلى تنفيذ انقلابٍ سيطرت فيه على الحكم في قطاع غزّة، وهذه جريمة لا تغتفر، رغم شروطها التخفيفية النابعة من أنها كانت قد فازت بالانتخابات، ولم تُمكَّن من الحكم من الاحتلال وأطراف داخلية وخارجية.
والحقّ يقال، إن "حماس" أبدت استعداداً لمشاركة الآخرين في الحكم في حكومة وفاق وطني، بعد أن عجزت عن الحكم بمفردها، وواجهت صعوبات جمّة لتحكم في ظلّ الحصار والمقاطعة، كما وافقت على الاحتكام إلى الشعب بالانتخابات، خصوصاً في 2021، عندما كنّا على أبواب الانتخابات، قبل إلغائها بقرار انفرادي من الرئيس محمّود عبّاس. لو جرت الانتخابات حينها كان من الممكن جدّاً ألا نصل إلى ما نحن فيه، فخطيئة "حماس" المستمرّة أنها أعطت الأولوية لاستمرار سيطرتها الانفرادية على غزّة، ولم تولِ الاهتمام اللازم لوحدة الضفة الغربية وقطاع غزّة وإقامة دولة مستقلة فيهما، مع أنها وافقت على هذا، غير أن هناك فرقاً جوهرياً حاسماً بين الموافقة على إقامة الدولة واعتبار ذلك الهدف المركزي لهذه المرحلة، ومن أخطائها أنها تصوّرت أنها بمفردها يمكنها التحرير، وهذا تناقضٌ، على الأقلّ يمكنها الحصول على الاعتراف العربي والدولي بها وبسلطتها، وصولاً إلى الاعتراف بالدولة في قطاع غزّة مرحلة في طريق التحرير.
في هذا السياق، كان من أخطاء "حماس" أنها منذ اندلاع الحرب لم تدرك نتائجها وتداعياتها الفعلية، بل كانت أسيرة الأمنيات والتقديرات الخاطئة. ولذلك لم تبد استعداداً للتراجع خطوة، أيّ خطوات إلى الوراء، وهذا يختلف عن الاستسلام، ولم توافق بشكل جدّي وعملي على ترك الحكم، مع أنها أبدت استعدادها الشكلي لذلك، في موافقتها في إعلان بكّين (يوليو/ تمّوز 2024) على تشكيل حكومة وفاق وطني لا تشارك فيها الفصائل، ثم موافقتها على تشكيل لجنة إسناد مجتمعي من شخصيات مستقلّة. والدليل على عدم الجدّية أنها قالت في أثناء عمليات التبادل إنها هي "اليوم التالي". كما أنها بعد التوصّل إلى وقف إطلاق النار أعادت تنظيم حكومتها واللجان المنبثقة منها، وكان بمقدورها أن تفعل ذلك بالشراكة مع آخرين، وهذا يختلف عن دعوتها إلى الاستسلام، كما يختلف عن دعوتها إلى تسليم السلطة للسلطة أو لجامعة الدول العربية، لأن دولة الاحتلال احتلّت القطاع، ولا تُخفي نيتها بالبقاء فيه، وترفض عودة السلطة إلى غزّة، كما ترفض استلام جامعة الدولة العربية، وصدرت تصريحات وإشارات تدلّ على أن "حماس" غير جادّة بالتخلّي عن الحكم، وأن أقصى ما يمكن أن توافق عليه، أن تغادر الحكومة وتبقى في الحكم، وتجسّد صيغة أقرب ما تكون إلى صيغة حزب الله في لبنان قبل الحرب أخيراً. لو توفّرت الإرادة للرئيس عبّاس بتشكيل حكومة وفاق وطني لا تشارك فيها "حماس"، لما وصلنا إلى ما نحن فيه.
لا يقلل كاتب هذه السطور من مخاوف الرئيس من مخاطر الشراكة مع "حماس" ورأسها تحت المقصلة، ولكن مخاطر عدم تشكيل حكومة الوفاق، على حركتي حماس وفتح وعبّاس والسلطة والمنظّمة، ومجمل النظام السياسي والقضية الفلسطينية والشعب، أكبر وأعظم. والدليل أن المطروح تصفية القضية الفلسطينية بأبعادها كلّها، عبر التهجير والضمّ وتصفية قضية اللاجئين، وعبر تشكيل أطر جديدة في قطاع غزّة مستقلّة فعلاً عن السلطتَين، فترة "انتقالية" تُجرّد فيها السلطة ممّا تبقى لها من دور سياسي ووطني تحت مسمّى "إصلاحها"، وبما يشمل "تجديد" السلطة لتكون قادرة على تلبية متطلّبات المرحلة الجديدة، وما يقتضيه ذلك من تجريد الرئيس من صلاحياته خلال ما تبقّى من حياته، من خلال تعيين نائب رئيس بشكلٍ لا قانوني ولا شرعي، ومن دون توافق وطني تنقل إليه صلاحيات الرئيس في حياته، وهذا كلّه يسير بالتوازي مع عودة نوعٍ من الوصاية الإقليمية والدولية على الفلسطينيين، تحظى على الأقلّ برضا إسرائيل، إذا لم يكن بإشرافها.

من أخطاء "حماس" أنها منذ اندلاع الحرب لم تدرك نتائجها وتداعياتها الفعلية، بل كانت أسيرة الأمنيات والتقديرات الخاطئة

كان بمقدور القيادة الفلسطينية (ولا يزال) الموافقة على تشكيل حكومة الوفاق، وربط ذلك بإقرار برنامج فلسطيني واستراتيجية فلسطينية، وتشكيل قيادة فلسطينية موحّدة، تكون مسؤولة عن قرار المقاومة والمفاوضات، وتخضع لها الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة، كما يمكن أيضاً أن تدمج في جيش وطني موحّد. أمّا الإصرار على إلحاق "حماس" بالقيادة إذا أرادت دخول المنظّمة، عبر فرض الشروط الثمانية التي يكرّرها الرئيس، ومن ضمنها استمرار الالتزام بـ"أوسلو" (1993)، الذي قتلته إسرائيل منذ فترة طويلة، ولم تدفنه وتلغيه رسمياً للإبقاء على الالتزامات الفلسطينية فيه. من غير الطبيعي أن يُطلب من "حماس"، والفصائل الفلسطينية كلّها، سحب سلاحها أو مغادرة قيادتها وكوادرها ومقاتليها، لأن هذا لا يمكن أن يحدث إلا بعد إنهاء الاحتلال واستقلال دولة فلسطين، ولأن سحب السلاح سيشجّع قوات الاحتلال على ارتكاب مزيد من المجازر، والشروع في تهجير الفلسطينيين، ولنا في التجارب عبرة منذ تسليم السلاح الفلسطيني للجيوش العربية قبل النكبة، وما حدث بارتكاب مجزرة صبرا وشاتيلا، بعد انسحاب قيادة منظّمة التحرير والمقاتلين فيها من لبنان، وقتل الحكومات الإسرائيلية اتفاق أوسلو، وانتهاءً بعدم الالتزام بمواصلة تطبيق اتفاق الهدنة المطروح أخيراً، وما تشكيل إدارة خاصّة من الحكومة الإسرائيلية لتشجيع التهجير إلا دليل دامغ على أن تسليم السلاح ومغادرة "حماس" القطاع لا تُنهي تنفيذ مخطّط تصفية القضية وتهجير أهلها، ولأن سحب السلاح وطرد المقاومين بمنزلة استسلام، وهو أخطر ما يمكن أن يحدث، لأنه يصادر إمكانية استئناف المقاومة في المستقبل، وهو يختلف عن الهزيمة التي يمكن أن تلحق بالمقاومة، ولكن رفض التسليم بالهزيمة ضروري ومهم جدّاً، لأنه يؤسّس لانطلاقة فلسطينية جديدة تستوعب دروس الثورات والانتفاضات السابقة وأخطائهما، وتسير في طريق الانتصار.

لو كان الاستسلام يؤدّي إلى وقف الإبادة والتهجير، وإلى إعادة الإعمار، فأهلاً وسهلاً به، فليس هناك ما هو أغلى من الإنسان

ومع ذلك، لو كان الاستسلام يؤدّي فعلاً إلى وقف الإبادة والتهجير والضمّ، وإلى الانسحاب الإسرائيلي وفكّ الحصار والشروع في إعادة الإعمار، فأهلاً وسهلاً به، فليس هناك ما هو أغلى من الإنسان، ولكن لا يستطيع أحدٌ أن يضمن ذلك، جرّاء وجود حكومة في إسرائيل تؤمن بقدرتها على إقامة "إسرائيل الكبرى"، وبحسم الصراع مع الفلسطينيين، من خلال تصفية القضية الفلسطينية، وإيجاد شرق أوسط جديد تحت الهيمنة الإسرائيلية، ويشجّعها وجود إدارة أميركية لا تقلّ عنها تطرّفاً، وهامش الخلاف بينهما ينحصر في اختلاف الأولويات، مع وحدة الأهداف الكبرى.
تمرّ فلسطين بمنعطف تاريخي، يجري فيه إما استكمال شطب القضية الفلسطينية ومختلف مكوّناتها، بما فيها منظّمة التحرير، وتجاوز وحدانية تمثيلها للفلسطينيين والسلطة المُجسِّدة للهُويَّة ووحدة الضفة والقطاع، وإعادة الأمور إلى ما كانت عليه بعد النكبة، إذ كانت قضية لاجئين، قضية إنسانية شعبها مشرذم من دون هُويَّة وطنية، ولا وحدة ولا إطار جامع ولا برنامج مشترك ولا قيادة واحدة. أو أن في هذا المنعطف هناك بداية مقاربة جديدة تركّز في أولوية التوافق والوحدة في مواجهة المخاطر المشتركة، وعلى جمع أوراق القوة، والرهان على الذات أولاً، والقيام بما هو مطلوب فلسطينياً، ثمّ العمل من أجل أوسع دعم وتضامن عربي وإقليمي ودولي، بما يمكّن من توفير عوامل الصمود والبقاء للقضية وللشعب في أرض وطنه، بوصف الصمود أعلى أشكال المقاومة في هذه المرحلة، فضلاً عن إحباط مخطّط التصفية والإبادة والضمّ والتهجير في طريق إنجاز حقوق الشعب الفلسطيني وأهدافه الوطنية.

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق