شدّد ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، على أنّ إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على إجبار المدنيين الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، على أداء أدوار دروع بشرية خلال عملياته العسكرية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، هو تجسيد صريح لعقيدة عسكرية إسرائيلية إجرامية تقوم على محو الكينونة الإنسانية للفلسطيني والفلسطينية وتحويله إلى عنصر للتوظيف في خدمة استراتيجية عسكرية استعمارية إحلالية قائمة على الإبادة والتطهير العرقي. ولفت دلياني إلى أن هذه الجريمة، التي يُمارسها جيش الاحتلال كجزء من تكتيكه العملياتي الاعتيادي، ليست نتاج سلوكيات فردية أو تجاوزات ميدانية، بل تنبع من بنية مؤسسية محمية وموجّهة من أعلى المستويات العسكرية في دولة الاحتلال، في ظل منظومة قضائية وسياسية داخلية صامتة وراضية ومُشجعة لهكذا انتهاكات، يُراد منها حماية مرتكبي هذه الجرائم من المحاسبة، وتحصين العقيدة العسكرية الإبادية للاحتلال من أي مساءلة قانونية أو أخلاقية.
وأشار دلياني إلى أن التقارير التي نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية معارضة، استناداً إلى شهادات ضباط في جيش الاحتلال، تكشف عن أن استخدام المدنيين من ابناء شعبنا كدروع بشرية بشكل يتكرر بمعدل لا يقل عن ست مرات يومياً، ما يوازي أكثر من ألفَي حالة سنوياً، في مؤشر على أننا أمام منظومة ممنهجة تُخضع الجسد الفلسطيني لقواعد تشغيل عسكرية.
ولفت القيادي الفتحاوي إلى أن المصطلح المستخدم داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية لوصف هؤلاء المدنيين المجبرين تحت تهديد القتل على اداء دور دروع بشرية – وهو مصطلح "شواش"، الذي يعني حرفيًا "العبيد" – يعكس البنية الذهنية العنصرية للمحتل، ويضع هذه السياسة في سياق فكري استعماري لا يخجل من الإفصاح عن بنيته الاستعبادية.
وبيّن دلياني أنه وبحسب شهادات ضباط اسرائيليين لوسائل إعلام معارضة، كل كتيبة مشاة إسرائيلية تجند قسرًا ما لا يقل عن أربعة مدنيين فلسطينيين، معظمهم أطفال، لتنفيذ مهام استطلاعية أمام جنود الاحتلال، ما يعني أن كل لواء عسكري إسرائيلي يضم على الأقل 36 مدنياً يُجبَرون على أداء أدوار عسكرية خطيرة تحت التهديد بالقتل، في سلوك يكشف عن منظومة بيروقراطية كاملة لتفريغ الفلسطيني من إنسانيته وتحويله إلى درع لحماية آلة القتل والإبادة الإسرائيلية.
واعتبر دلياني أن تذرّع الشرطة العسكرية الإسرائيلية بأنها تحقق في ست حالات فقط من هذا النمط من الجرائم هو محاولة مفضوحة لتبييض وجه الاحتلال، بينما الوقائع اليومية تشير إلى سياسة راسخة من الانتهاك المُنظم، تسعى من خلالها دولة الاحتلال إلى فرض معادلة ميدانية تقوم على استباحة حياة شعبنا، وإعادة تعريفها قانونيًا وأخلاقيًا بوصفها "مادة عملياتية عسكرية قابلة للتوظيف الميداني".
وختم المتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح تصريحه بالتشديد على أن ما نشهده اليوم هو لحظة كاشفة لطبيعة العقيدة العسكرية للدولة العبرية، التي تعتمد الإبادة كخيار استراتيجي، وتُخضع الإنسان الفلسطيني لمنطق عدمي لا يميز بين الحياة والموت، بل تستخدم كليهما لتكريس مشروع استيطاني لا يقيم وزنًا للقانون أو للكرامة الإنسانية.