القدس المحتلة - أكد ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري لحركة فتح والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي، أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي في احتجاز جثامين الشهداء هي تجسيد فجٌّ لعقيدة نكرونية استعمارية تجعل من الموت ذاته ساحة لممارسة القهر والسيطرة، حيث يسعى الاحتلال إلى تمديد سطوته إلى ما هو أبعد من الحياة، وانتهاك قدسية الموت كجزء من مشروعه الاستيطاني الاستعماري القائم على الإبادة والتنكيل.
وأوضح دلياني أن النكرونية السياسية هي إحدى أبشع أدوات السيطرة الاستعمارية، حيث تُوظِّف دولة الاحتلال الموت ذاته كأداة للهيمنة، عبر القتل المُنظّم، واحتجاز جثامين الشهداء، وحرمان العائلات من وداع أحبائها ودفنهم وفق الشعائر التقليدية، بهدف إخضاع مجتمعنا الفلسطيني وترسيخ حالة من الصدمة الجماعية بشكل مستمر. وأضاف أن احتجاز الاحتلال الإسرائيلي لـ ٦٦٥ جثمانًا من الشهداء، سواء في ثلاجات الموتى أو في مقابر الأرقام، يمثل أحد أبشع أوجه هذه السياسة الاستعمارية، التي يكرسها الاحتلال كسلاح لمواصلة طغيانه حتى بعد قتل الضحية.
وفي سياق فضح الازدواجية العنصرية التي تحكم الخطاب السياسي والأخلاقي للمنظومة الداعمة للاحتلال وجرائمه، ألقى دلياني الضوء على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي كتب الاسبوع الماضي على منصته "تروث سوشال" أن "المرضى والمختلين فقط هم من يحتفظون بالجثث" بالإشارة لجثث الإسرائيليين في غزة، متسائلًا: إذا كان هذا هو المعيار الأخلاقي الذي يضعه ترامب، فبأي وصف يعرّف إذن حليفه الاحتلال الإسرائيلي، الذي جعل من احتجاز جثامين شهدائنا ممارسة ثابتة منذ عقود، وعرقلة تبادل الأسرى والجثامين أداة ابتزاز سياسية؟ بل كيف يبرر ولاءه ودعمه المطلق لكيان استعماري يمارس نكرونية سياسية بأبشع صورها، حيث يحتجز منذ بدء حربه الإبادية على غزة في أكتوبر ٢٠٢٣ أكثر من ٢٥٩ جثمانًا لشهداء اختطفهم من تحت أنقاض منازل غزة، إلى جانب ٦٧ شهيدًا ارتقوا تحت سياط التعذيب الوحشية في معتقلاته العسكرية خلال الأشهر الستة عشر الماضية؟ إن هذا التناقض الصارخ ليس مجرد انحياز أعمى، بل هو تكريس لهيمنة استعمارية على اسس عنصرية تتجاوز حدود الجغرافيا لتفرض شرعية الاحتلال بالقهر والموت، فيما يتواطأ من يدّعون الدفاع عن "القيم الإنسانية" في صمتٍ لا يقل بشاعة عن الجريمة ذاتها.
وأكد دلياني أن التخاذل الدولي في مواجهة هذه الجريمة الاسرائيلية، إلى جانب الازدواجية العنصرية في المعايير، يثبت أن هناك منظومة صمت متواطئة تسمح لهذا الكيان بمواصلة نهجه الإجرامي دون مساءلة. وأضاف أن احتجاز الاحتلال لـ ٥٩ طفلًا و٩ نساء من الشهداء وحرمانهم حتى من الدفن هو انعكاس صريح لوحشيته العمياء، التي تستهدف شعبنا بكل مكوناته دون تمييز، وحتى في الحياة والموت على حد سواء.