القدس المحتلة: قال الناطق باسم تيار الاصلاح الديمقراطي في حركة فتح ديمتري دلياني، إن ما نشهده اليوم هو حرب إرهابية استعمارية اسرائيلية تهدف إلى إعادة رسم جغرافيا الضفة الفلسطينية المحتلة على نحوٍ ينسف أي إمكانية مستقبلية لقيام دولة فلسطينية ذات سيادة." بهذه الكلمات، استهل ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، تصريحه، محذرًا من أن المشروع الاستيطاني الإسرائيلي لم يعد يقتصر على تكثيف الوجود الاستيطاني في المنطقة (ج)، بل بات يتغلغل بعمق في المنطقة (ب) في خطوةٍ استراتيجية لتفكيك أي وحدة جغرافية قد تؤسس لدولة فلسطينية مستقبلية.
وأضاف، أن كل بؤرة استيطانية يتم زرعها، وكل طريق استيطاني غير شرعي يتم شقه، وكل عملية تطهير عرقي تُنفذ بحق العائلات الفلسطينية، هي أدوات في خدمة مخطط استعماري شامل يعيد هندسة الأرض والديموغرافيا بما يرسخ السيطرة الإسرائيلية الاستعمارية المطلقة." ويوضح دلياني أن "الهدف من هذا المخطط هو مصادرة الأراضي وتحويل الوجود الفلسطيني الأصيل في فلسطين إلى كيان جغرافي متشظٍ، منهك اقتصاديًا واجتماعيًا، وغير قابل للحياة، بحيث تصبح فكرة الدولة الفلسطينية مجرد سراب لا يمت للواقع بصلة.
وأشار دلياني، إلى أن إذا أردنا إدراك حجم الكارثة، فلننظر إلى الأرقام التي لا تقبل التأويل: خلال عام 2024 وحده، تم إنشاء 59 بؤرة استيطانية استعمارية جديدة، أي بمعدل بؤرة واحدة كل أسبوع، في تصعيد غير مسبوق يفوق بكثير معدلات التوسع في الأعوام السابقة." ويؤكد دلياني أن هذه البؤر الاستعمارية "هي واقعياً قواعد استراتيجية لفرض السيطرة على الأرض، عبر استحداث شبكات طرق غير شرعية تخترق العمق الفلسطيني، والسيطرة على الموارد المائية الحيوية التي اعتمد شعبنا عليها لأجيال، وتحويل الأراضي الزراعية الفلسطينية إلى مزارع استيطانية استعمارية، في إطار عملية تطهير عرقي تقتلع الوجود الفلسطيني من جذوره.
وفي سياق متصل، يربط دلياني بين هذه الموجة الاستيطانية غير المسبوقة وجرائم الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي في غزة، مؤكدًا أن "منذ ان أطلقت دولة الاحتلال حربها الابادية في غزة في تشرين اول/أكتوبر 2023، شهدت الضفة الفلسطينية المحتلة قفزة خطيرة في حجم الاعتداءات الاستيطانية الإرهابية، حيث تم تهجير 1,400 فلسطيني وفلسطينية قسرًا من منازلهم خلال عام واحد فقط، مقارنة بـ 100 حالة فقط في العام الذي سبقه، فيما شهدت الأراضي التي حُرم شعبنا من الوصول إليها بسبب إرهاب المستوطنين تضاعفًا مخيفًا خلال السنوات الثلاث الماضية، لتصل إلى 800,000 دونم، أي ما يعادل 12% من مساحة الضفة الغربية المحتلة.
ويحذر دلياني من أن امتداد التوسع الاستيطاني الاستعماري إلى المنطقة (ب) هو خطوة محسوبة لاستكمال عملية الخنق الجغرافي، عبر حشر شعبنا في تجمعات سكانية مكتظة وغير قابلة للحياة، مما يحوّل أي تصور لحل سياسي مقبول فلسطينياً إلى وهم لا يمت للواقع بصلة.
ويختتم دلياني تصريحه بتأكيده أن ما يجري اليوم هو الفصل الأخير من استراتيجية الاحتلال الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية جغرافيًا في القدس وباقي انحاء الضفة المُحتلة قبل أي استحقاق سياسي. فإذا استمر هذا النهج الاستعماري الارهابي دون ردع، فإن ما تبقى من الترابط الجغرافي الفلسطيني سيتلاشى بالكامل، وستكتب دولة الاحتلال الإسرائيلي آخر سطور مخططها الاستعماري، في محاولة لدفن القضية الفلسطينية على الأرض قبل أي حديث عن حلول سياسية واقعية.