نجح الرئيس الأمريكي بشكل سينمائي، ان يصنع من "غزة الحاضر والمستقبل" قضية جدل نارية في جدول أعمال النظام الكوني، بعيدا عما كان حضورها من خلال جرائم حرب وإبادة جماعية، وتدمير لا مثيل له في التاريخ الإنساني نفذتها دولة الفاشية اليهودية، عندما اختارها، دون غيرها من مدن الساحل الفلسطيني، لتكون منارة سياحية، بطريقة "كاوبوية" معاصرة.
عرض ترامب لتطهير قطاع غزة وبناء منتجعات سياحية بديلا لواقعها الراهن، لتكون ريفيرا الشرق الأوسط، تنطلق من قاعدة ستكون جوهر السياسة الأمريكية لاحقا، وهي تدمير كلي لوجود "المخيمات" باعتبارها أحد رموز "النكبة الأولى 1948"، مستفيدا من النكبة الأخيرة 2023، ولن تقف حركة تدمير رمزية النكبة في قطاع غزة على هدم المخيم، بل ستطال مختلف جوانب قضية اللاجئين، بما فيها مسألة وكالة الأونروا.
خطة ترامب التي أطلقها، تتجاوز حدودها قطاع غزة، التي غرق بها الكل، فخطته الأصلية تذهب إلى مصادرة الضفة الغربية والقدس، باعتبارها جزء من "ارض إسرائيل اليهودية"، التي اعتبرها عظيمة ولكنها صغيرة جدا، ما يفتح الباب للخطة اللاحقة، التي تمثل الخطر الحقيقي على القضية الفلسطينية برمتها، ما يمكن اعتبارها تطوير مشروع بلفور نحو "ولادة دولة يهودية موسعة".
الرفض الفلسطيني ومعه العربي والدولي لخطة ترامب، والذي جاء كهبة غضب فريدة، لم يجد لها نصيرا سوى الفاشيين والعنصريين، حتى داخل الكيان ذاته من يراها خطرا، وإن كان الموقف الفلسطيني والعربي الرسمي جاء "خجولا" لم يجرؤ تسمية صاحب المشروع الأخطر على القضية الوطنية الفلسطينية منذ عام 1948، كونه يشطب جوهرها ويبقى بعض شكل منها، خجل يكشف عن "رهبة غريبة" لا مبرر لها سوى جين الرعب المسكون.
وكي لا يبقى الأمر قولا على قول، وهبة غضب عاطفية مغلفة بكلام سياسي يجب الذهاب فورا إلى خطوات عملية، دون حسابات ضيقة أو اعتبارات خارج النص الوطني:
فلسطينيا:
* عقد المجلس المركزي فورا لإعلان دولة فلسطين تطبيقا لقرار الأمم المتحدة 19/67 عام 2012، واعتبار مؤسسات السلطة الفلسطينية هي مؤسسات دولة فلسطين، باعتباره برلمان الدولة، إلى حين توفر فرصة إجراء الانتخابات البرلمانية.
* انتخاب رئيس دولة فلسطين، وفي حال إصرار فتح ترشيح محمود عباس للمنصب، يتم تعديل النظام الأساسي لانتخاب نائب رئيس له صلاحيات واسعة، ويشرف بشكل مباشر على قطاع غزة.
* مطالبة الرئيس ونائب الرئيس تشكيل حكومة فورا وعرضها على البرلمان لنيل الثقة.
* تشكيل "مجلس سياسي مصغر" من المكونات الأساسية بالتنسيق مع منظمة التحرير.
* تعليق الاعتراف المتبادل بين منظمة التحرير ودولة الاحتلال الموقع 1993، إلى حين اعترافها بدولة فلسطين.
* تفعيل الحراك لمتابعة تنفيذ قرار "العدل الدولية" حول استكمال عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة.
* تفعيل قرار الجنائية الدولية بمحاكمة قادة دولة الاحتلال وكل المسؤولين عن جرائم الإبادة.
* وقف كل أشكال التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال.
* العمل نحو تشكيل تحالف أمني ثلاثي فلسطيني مصري أردني.
* تشكيل قوة مشتركة من التحالف الثلاثي لدخول قطاع غزة تتولى مسؤولية الأمن في مرحلة انتقالية لحين إعادة بناء قوات الأمن الوطني الفلسطيني.
* إعلان حركة حماس تخليها الرسمي عن مظاهر بقايا الحكم في قطاع غزة، وحل قواتها العسكرية في القطاع دون شروط مع تولي قوات التحالف مسؤوليتها.
* ترجمة الإعلان الأردني الفلسطيني المشترك عام 2012، ببحث العلاقة الكونفدرالية بين الدولتين.
عربيا:
* دعم خطوات فلسطين في وقف الاعتراف المتبادل وإعلانها دولة فوق أرضها المحتلة.
* العمل على تجميد عضوية دولة الكيان في الأمم المتحدة.
* بحث صدور قرار من الأمم المتحدة باعتبار دولة إسرائيل دولة عنصرية تطويرا لقرار 3379 حول الصهيونية.
* دعم تشكيل "التحالف الأمني الثلاثي" سياسيا وماليا.
* وقف كل أشكال التعاون الاقتصادي مع دولة الكيان الفاشي، ومنع استخدام طيرانها الأجواء العربية.
* تعليق بعض أشكال العلاقات الديبلوماسية مع دولة الكيان، ومنع دخول مواطنيها.
* تفعيل دور "السداسي العربي"، وعدم الاكتفاء بلقاءات متباعدة بل اعتباره مجلس سياسي مصغر لتنفيذ قرارات قمة البحرين حول فلسطين، ومقررات اللقاءات السابقة.
* دراسة جادة لترجمة بعض اشكال المقاطعة لشركات تدعم المشروع الاستيطاني أو جيش الاحتلال.
* وضع الولايات المتحدة أمام خيار معادلة "استثمار مقابل سياسة" بشكل عملي.
دوليا:
* تطوير حملات سياسية إعلامية لتعزيز الاعتراف بدولة فلسطين.
* تعزيز الموقف من تنفيذ قرار الجنائية الدولية ضد قادة دولة الكيان وجيشها.
* وضع المصالح الاقتصادية جزء من المعادلة السياسية.
خطوات عملية لمواجهة العدوانية الترامبية وممكنة التنفيذ لو توفر القرار، دون ذلك سنواصل "الثرثرة السياسية" فوق بقايا فلسطين.