- الإعلام العبري: الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين سيبدأ الساعة 5 مساءً
تنفّست غزة الصعداء، وتنفّس بعض المعتقلين/ات هواء الحرية، منذ بدأ تنفيذ اتفاق الدوحة لوقف إطلاق النار، في التاسع عشر من شهر كانون الثاني، من العام ألفين وخمسة وعشرين.
التقط أهالي القطاع أنفاسهم، بعد وقف القتل والقصف والتفجير والحرق، وبدأ النازحون/ات على الفور بالتخطيط للعودة إلى بيوتهم التي هجّروا منها، فور انتهاء تسليم الدفعة الثانية من المحتجزات الإسرائيليات، وأولويتهم البحث عن أحبائهم الذين دفنوا تحت الأنقاض، أو فقدت آثارهم، رغم معرفتهم أن معظم البيوت قد دُمّرت، وسُوّيت بالأرض، ورغم إيمانهم بأن هذه العودة هي العودة الصغرى، إلى بيوتهم التي نشؤوا فيها، وليست العودة الكبرى، إلى بيوتهم التي هجّروا منها عام 1948، والتي طالما حلموا بإمكانية تحقيقها.
لم تكن حرباً حتى تقاس بمقياس الحروب، وليست معركة بين جيشين يخوضان معركة متكافئة، تكون نتيجتها نصر أو هزيمة. كان عدواناً بربرياً متواصلاً، شنّه جيش الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري العنصري، الذي استخدم أعتى أسلحته وذخائره لإبادة الشعب الفلسطيني في غزة بأكمله، وتطهيره عرقياً، بارتكاب المجزرة تلو المجزرة، وكانت مقاومة من أبناء فصائل مقاومة فلسطينية، استخدموا حقهم الشرعي، الذي كفلته لهم القوانين الدولية، في مقاومة هذه الإبادة، وفي الدفاع عن النفس، وكان صموداً أسطورياً من أبناء القطاع كافة، الذين قاوموا شروط قهرهم وتهجيرهم وإبادتهم، وأصرّوا على البقاء شوكة في حلق المحتلّ.
*****
هي إبادة جماعية..لا نصر ولا هزيمة
*****
في الوقت الذي بدأ فيه أهالي القطاع بالتنفس، وبدؤوا يمشون باتجاه بيوتهم؛ بقيت أرض غزة تئنّ تئنّ بآلاف الشهيدات والشهداء الذين تحتضنهم، أو تحتضن أشلاءهم؛ نساء ورجالاً، وتئنّ معها أحلامهم، وخططهم، وألعاب أطفالهم، وكتبهم، وجدران بيوتهم، ونوافذها، وأبوابها، التي هدمها الجيش الإسرائيلي فوق رؤوسهم.
كما بقيت تئنّ مدن غزة، وقراها، ومخيماتها، وملاعبها، وأشجارها، ونباتاتها، وأزهارها، ومقابرها، ومدارسها، وجامعاتها، وجوامعها، وكنائسها، ومعاهدها، ومتاحفها، التي دُمِّرت عن بكرة أبيها.
وبقيت تئنّ مستشفياتها، ومستوصفاتها، ومراكزها الطبية، التي خرجت عن الخدمة، وممرّضوها، ومسعفوها، وخيام النازحين، ومراكز الإيواء، وبقي يئنّ جرحاها، وأطباؤها، وممرّضوها، ومسعفوها، وفرق إنقاذها، ودفاعها المدني، ومتطوّعوها، وماؤها وهواؤها.
وبقيت تئنّ جنين؛ مخيمها ومدينتها، والقدس، ونابلس، والخليل، وبيت لحم، وكل مدينة وقرية ومخيم في الضفة الغربية من الوطن المحتلّ.
*****
هي إبادة جماعية..لا نصر ولا هزيمة.
*****
ليس نصراً، وليست هزيمة؛ بل إبادة جماعية وتطهير عرقي.
ليس نصراً؛ لأن نصر الشعب الفلسطيني يتحقق فقط حين تتحرّر الأرض الفلسطينية من المحتلّ المستعمر. صحيح أن الشعب الفلسطيني صمد وصبر واحتمل فوق ما يستطيع أي بشر أن يحتمل؛ لكنه لم يصل إلى هدفه المركزي، في التحرّر من الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري الاستيطاني، وبناء دولته الفلسطينية على ترابه الوطني.
وليست هزيمة؛ لأن الشعب الفلسطيني، رغم خسائره البالغة نتيجة الإبادة الجماعية؛ بقي جلّه في أرضه، ولم يرفع راية الاستسلام، ولم يتوان عن النضال ضدّ المحتلّ، مستخدماً أساليب المقاومة كافة، للدفاع عن أرضه ووطنه، ولم يتنازل عن المطالبة بحقه في الحرية والاستقلال والعودة وتقرير المصير.
هي إبادة جماعية في غزة، وتطهير عرقي، وتهجير على امتداد الضفة الغربية، وخاصة في شمالها؛ مدنها وقراها ومخيماتها.
*****
ما الذي يمكن أن يلجم العدو الإسرائيلي، ويوقف الإبادة الجماعية، والتطهير العرقي في غزة، وفي جنين، وعلى امتداد أرض فلسطين؟
وما الذي يمكن أن يعزِّز من صمود الشعب الفلسطيني، ويحقق أهدافه المشروعة؟
أسئلة قديمة جديدة، لن نملّ من تكرار طرحها، ومحاولة الإجابة عليها.
من الواضح أن العامل الذاتي أساسي وملحّ، وتزداد إلحاحيته مع ازدياد وتعاظم التحديات التي تعصف بالشعب الفلسطيني، على الصعيد الوطني والعربي والدولي.
لا نختلف على أهمية وجدوى المقاومة؛ لكنا نحتاج أن نتوافق على استراتيجية المقاومة، التي تستجيب لتحديات المرحلة السياسية، بعد مراجعة أساليب عملنا، وأدواتنا النضالية، وتحالفاتنا الإقليمية والدولية، وخطابنا الإعلامي، ضمن رؤية نقدية.
ولا نختلف على أهمية الوحدة؛ لكنا نحتاج توافقاً على برنامج سياسي، يجسّد هذه الوحدة.
وحين نتوافق على برنامج واستراتيجية سياسية؛ نستطيع إعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية، وفقاً لهذا البرنامج وتلك الاستراتيجية، كما نستطيع تغيير ميزان القوى لصالح قضيتنا الفلسطينية العادلة.
الكرة في ملعبنا أولاً وثانياً وثالثاً. هلاّ نبدأ؟