- طائرات الاحتلال تشن غارة على شمال مدينة رفح
شهران إلى أن يتسلّم الرئيس الأميركي دونالد ترامب مسؤولياته في البيت الأبيض مضمون خلالهما، استمرار الحرب الإبادية والتصعيد.
شهران رماديّان لا يمكن خلالهما التعويل على خطوات جدّية من قبل إدارة جو بايدن، لإحداث اختراق على جبهتي الصراع المحتدم على الأراضي الفلسطينية المحتلّة ولبنان.
لا تزال إدارة بايدن تتحدّث عن تفاؤل بشأن التوصل إلى تسوية على جبهة لبنان، وحديث متواتر عن استمرار الوسطاء من أجل إبرام صفقة تبادل على جبهة غزّة تؤدّي، حسب الإدارة، إلى جريان نهر المساعدات الإنسانية لقطاع غزّة، الذي يتعرّض للتجويع، والتهجير القسري والإبادة الجماعية.
الخطاب الأميركي مليء بالطلبات، من زيادة دخول المساعدات إلى القطاع، وفتح معابر جديدة، إلى خفض التصعيد من قبل المستوطنين في الضفة، وتمكين «الأونروا» من الاستمرار في أداء دورها، إلى تجنُّب التصعيد مع إيران.. إلخ.
غير أنّ حكومة بنيامين نتنياهو تستمر في إدارة ظهرها لكلّ الطلبات الأميركية التي بدورها تواصل تقديم كلّ أشكال الدعم العسكري والسياسي، وتأكيد حق دولة الاحتلال في الدفاع عن نفسها، واستعدادها للدفاع عنها ومن دون أن يتزحزح الموقف الأميركي عن دور الشريك.
لقد أثبتت رحلة الوساطات من أجل التوصّل إلى صفقة تبادل ووقف إطلاق النار، وتدفُّق المساعدات الإنسانية للقطاع، ومن بعدها جولات المبعوثين الأميركيين لإيجاد تسوية على جبهة لبنان، أنّ أميركا لا تصلح لأن تكون وسيطاً، وإنّما طرفاً يحمل كلّ مرّة، الاشتراطات الإسرائيلية، ثم تتهم الأطراف الأخرى بأنّها من يتحمّل المسؤولية عن فشل كلّ تلك المساعي.
لا تستحق المحاولة الأخيرة التي قيل إنّها تنطوي على تفاؤل كبير لإنجاز تسوية على جبهة لبنان النظر في تفاصيلها التي تنقلها وسائل الإعلام، ذلك أنّها لا تحمل وعوداً بتسوية متوازنة، بل تطلب استسلاماً من قبل طرفي المقاومة في فلسطين ولبنان.
في لبنان مطلوب إبعاد «حزب الله» وسلاحه إلى ما بعد الليطاني ومراقبة تسلُّحه، واحتفاظ دولة الاحتلال بالحق في انتهاك سيادة لبنان وقتما تجد ذلك ضرورياً، وإضعاف الحزب في المعادلة الداخلية اللبنانية، وكلّ ذلك فقط من أجل وقف عملية تدمير لبنان.
وفي غزّة مطلوب تبادل الأسرى، وهدنة محدودة، مقابل إدخال المساعدات الإنسانية، ومن دون تغيير على طريقة ومخطّطات عمل جيش الاحتلال الإسرائيلي.
في الحالتين مطلوب من المقاومة رفع الرايات البيضاء والتسليم بالهزيمة، ما جعل رئيس مجلس النوّاب اللبناني نبيه برّي المفوّض بالمفاوضات أن يقول «مجنون فقط من يقبل بتلك الشروط». في هذه الأثناء يتبجّح نتنياهو بأنّه وبالرغم من اعتراض واشنطن، ووزراء في حكومته ومنظومته الأمنية، فهو مَنْ أمر باجتياح رفح واحتلال «محور فيلادلفيا»، وهو من يقف خلف تفجيرات «البيجر»، وهو، أيضاً، من أَمَرَ باغتيال نصر الله، وقيادات الحزب.
لم تنبس إدارة بايدن ببنت شفة إزاء ذلك، ولكن الخلاف يشتدّ بين الحكومة والمنظومة الأمنية، التي راح ضحيّتها قبل الكلّ وزير الحرب يوآف غالانت.
يفعل نتنياهو ذلك، بالتزامن مع موجة الاتهامات والتحقيقات بشأن تسريب معلومات متورّط فيها مكتبه، وتفتح الباب على مصراعيه أمام تبادل الاتهامات بين المستوى السياسي والأمني.
لكن في ظلّ صمت الإدارة الأميركية يأتي العقاب من أكبر تجمُّع سنوي لقادة اليهود في أميركا، الذي يضمّ الاتحادات اليهودية في أميركا الشمالية، والذي استبعد على غير العادة دعوة نتنياهو للحضور، واكتفى بدعوة رئيس الدولة العبرية اسحق هيرتسوغ.
ثمّة تزامن بين أحداث خطيرة، فبينما لم تتبيّن الإدارة الأميركية بعد طبيعةَ الردّ اللبناني الأخير على المبادرة التي يحملها المبعوث الأميركي يعلن جيش الاحتلال الانتقال للمرحلة الثانية من الحرب البرّية وكأنّه أنجز شيئاً مهماً خلال المرحلة الأولى.
ويتزامن ذلك، أيضاً، مع قرب استدعاء نتنياهو للمثول أمام المحكمة، بشأن التهم الموجّهة إليه والمعروفة بملفات(1000) و(2000) و(4000).
التصعيد يوفّر لنتنياهو الذريعة لتعزيز مطالبته المحكمة لتأجيل مثوله أمامها إلى شهر شباط القادم.
الذريعة أنّ البلاد في حالة حرب، وأنّ نتنياهو لا يجوز أن يتواجد في مكان لمدّة طويلة، لكونه مستهدفاً، بعد أن وصلت صواريخ الحزب إلى غرفة نومه.
المستشارة القضائية للحكومة الفاشية رفضت ذلك، ورفض ذلك، أيضاً، المدّعي العام، الأمر الذي قد يدفع الحكومة إلى إقالتهما قبل الموعد المنتظر.
السجال بين المستشارة القضائية التي طالبت بإقالة إيتمار بن غفير لمخالفته القانون والسيطرة على الشرطة والتحريض لإثارة الفتن ضد المواطنين العرب في الداخل، قوبلت بمطالبة الأخير نتنياهو بإقالتها.
ويتزامن التصعيد، أيضاً، بتصعيد نوعي في الضفة الغربية إثر تصريحات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، للبدء بفرض السيادة والضمّ.
نتنياهو لم يترك سموتريتش وحده، يتلقّى الإدانة والتحذير من قبل المجتمع الدولي، فأوضح أنّ مسألة فرض السيادة على أراض في الضفة، ستكون على جدول أعمال العام القادم.
يبدو أنّ حكومة الاحتلال في انتظار دخول ترامب إلى البيت الأبيض، بأمل أن يتّخذ قرارات تدعم قيام دولة الاحتلال بفرض السيادة الاحتلالية على الضفة، كما فعل بالنسبة للقدس والجولان السوري قبل أكثر من أربعة أعوام.
تؤكّد الوقائع على الأرض أنّ حكومة نتنياهو تخطّط لما هو أبعد وأوسع بكثير مما يجري الإعلان عنه من أهداف للحرب الإجرامية.
قالها منذ البداية، إنّه يخوض «حرب الاستقلال الثانية» و»حرب الدفاع عن الوجود، ومستقبل النهوض»، وهو لن يتوقّف عن شنّ الحروب التدميرية، طالما بقي وحكومته الفاشية، ذلك أنّها السبيل الوحيد لتجنُّب السقوط ونيل الأوسمة.