اليوم الجمعة 23 مايو 2025م
مصادر طبية: 85 شهيدا حصيلة غارات الاحتلال على قطاع غزة منذ فجر الخميسالكوفية قوات الاحتلال تطلق قنابل الغاز خلال اقتحامها مدينة نابلسالكوفية قوات الاحتلال تطلق قنابل غاز خلال اقتحام شارع فيصل بمدينة نابلسالكوفية مصابون في قصف الاحتلال منزلاً لعائلة عليوة محيط مركز الشرطة بحي الزيتون شرق غزةالكوفية مراسلنا: غارتان للاحتلال استهدفتا بلدة دير انطار في قضاء بنت جبيل جنوب لبنانالكوفية مراسلنا: طائرات الاحتلال تشن سلسلة غارات عنيفة على جنوب لبنانالكوفية تطورات اليوم الـ 67 من حرب الإبادة الجماعية على غزة بعد استئنافهاالكوفية الإعلام الحكومي: استهداف عناصر تأمين المساعدات جريمةالكوفية مدفعية الاحتلال تقصف محيط مفترق السنافور في حي التفاح شرقي مدينة غزةالكوفية مراسلنا: غارة للاحتلال على بلدة شمع جنوب لبنانالكوفية قوات الاحتلال تقتحم بلدة يعبد قضاء جنينالكوفية طائرات الاحتلال تشن 7 غارات على مناطق متفرقة في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.الكوفية طائرات الاحتلال تشن سلسلة غارات شمال شرق خانيونسالكوفية شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال منزلاً لعائلة أبو عكر في مخيم القطاطوة بمدينة خانيونسالكوفية إطلاق نار من طائرات كواد كابتر إسرائيلية على منازل المواطنين شرق حي الزيتون بمدينة غزةالكوفية طائرات الاحتلال تشن حازما ناريا على مدينة خانيونسالكوفية الهلال الأحمر: طواقمنا تتعامل مع 8 حالات حروق نتيجة قيام قطعان المستوطنين بإحراق منازل في بلدة برقينالكوفية مصابون في قصف إسرائيلي على مخيم خان يونس جنوبي قطاع غزةالكوفية 7 شهداء جراء قصف الاحتلال لعناصر تأمين المساعدات في شارع صلاح الدين شرق دير البلحالكوفية ارتفاع عدد الشهداء إلى 82 جراء غارات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة منذ فجر الخميسالكوفية

غزة التي توزع دمها بين القبائل

10:10 - 14 يناير - 2022
أكرم عطا الله
الكوفية:

لن تتوقف دموع غزة التي تنهمر بلا حساب، فقد فاض القهر الممتد من اليابسة إلى البحر. لسنوات وهي تبكي ألمًا امتلأت به كل جرار الحزن ولسنوات وهي تبحث عن كسرة حياة يلقيها القدر من جدار سميك، كأنه يصدر عليها حكمًا بالإعدام البطيء وبلا استئناف، لكثرة ما ارتطم الحلم على أرصفتها حد الإدماء.
كأنها عقدت قرانها على العذاب الذي أصبح رفيق دربها وسيد رحلتها أينما يمّمت وجهها يأتيها الموت بحبل موجة حملت أبناءها للبعيد، أو قناص يجلس على أطرافها يصطاد أبناءها كأنه في رحله صيد، أو بطائرة مسحت ذاكرة نارها ولم تعد تعرف غير سماء هذه المنطقة البائسة وشوارعها وبيوتها ومخادع أطفالها، أو من بيروقراطية موظف تحويلات حالت دون الموت لطفل أو مستشفى يغلق بابه على الوجع أو فقر ينهش عظاماً باتت تبحث فقط عن خيارات موتها لأن خيار الحياة أصبح ترفاً يتباعد كلما أوغل الزمن حاملاً معه ما يكفي من الكوابيس.
أية بقعة تلك التي يمتد فيها الوجع كل هذه السنوات أو العقود وربما القرون كأنها منسية أو يتيمة بلا أب، أو كأن أسطورة العرافة التي جاءت تقرأ مستقبلها لحظة ميلادها وكانت الطفلة الشقية غزة تبكي وتحرك أيديها لتقتلع بحركة عفوية عين العرافة لتقول الأخيرة بغضب: «كوني معذبة للأبد».. وكانت...، ومن يتابع تاريخ هذه المنطقة الصغيرة يدرك أن ما يحدث فاق حدود المنطق في الصراعات والحروب والمآسي، كنت أظن أن أطول حصار كان على العراق والذي استمر اثني عشر عامًا، ولم أتخيل أن هناك منافساً للحزن لا يقبل أن يسبقه أحد، فكانت غزة تتربع على عرشه الدامي.
من يخلّص غزة من هذا البئر الذي لا قاع له وهي تهوي باستمرار، وكل عام يحمل من البؤس ما يجعل ما سبقه أقل وطأةً بما لا يقاس؟ من يرحم غزة التي تسير في درب الآلام بلا توقف، ويندلق فيها الحنين على الطرقات وفي البيوت وعلى صفحات «السوشيال ميديا» التي تطفح بوقائع وأحداث، كأن فيكتور هوغو يكتب الجزء المائة من روايته الشهيرة.
من يرحم غزة التي ظلمتها السياسة والتاريخ والجغرافيا، وكل واحدة من هذه كانت تصب غضباً على هذه البقعة الصغيرة التي باتت تحكمها «حماس» خارج أي اعتراف، وتمنى رابين أن يصحو فيجد البحر قد ابتلعها، وتتمنى السلطة أن غزة لو كانت خارج ولايتها، وتتمنى مصر ألا تكون غزة على حدودها. فقد تحولت إلى عبء ثقيل على كل هؤلاء وحتى إلى صداع على مائدة الرئيس الأمريكي.
غزة عبء على حركة حماس التي لا تستطيع حكمها وتحمل مسؤوليتها ومسؤولية أكثر من مليونين من البشر، عندما طردت السلطة دون أن تدرك تعقيدات السياسة، وبتجربة مريرة استمرت عقداً ونصف، وستستمر أكثر لأن الانقسام هدية اسرائيل، ولن تتركها «حماس» لأنها تعتبرها مستقبل الحركة بل ومستقبل جماعة الإخوان المسلمين، باعتبارها البقعة الأخيرة لأحد نماذجهم في الحكم، غزة عبءٌ على السلطة التي انطردت بالقوة وتتمنى أن تخلي مسؤوليتها بالكامل وتلقيها على أكتاف مالكها الجديد ليغرق أكثر، والمثير أن «حماس» تطالب السلطة بتحمل مسؤولياتها كأنها تطلب من خصمها اللدود إنقاذ التجربة، «حماس» فازت في الانتخابات، والسلطة تم طردها بالقوة المسلحة، وكلٌ معه الحق. وفقط هم أبناء غزة الذين تتجسد تجربة الصراع على جلودهم وأرواحهم، وحدهم من لا يملكون أي حق حتى حق الشكوى والأنين.
غزة عبء على مصر التي شاء قدر الجغرافيا أن تجاورها براً وبحراً، ومن العبث الاعتقاد أن مصر معنية بإنجاح تجربة الإسلاميين في هذه المنطقة وهم أبناء التنظيم اللدود للدولة المصرية. وهنا يتساءل الغزيون عن رحلة السفر وكل تلك المعاناة التي تستمر لأيام، عبءٌ على مصر ولكن في تخفيف هذا العبء ثمن سياسي فادح حين تجد القاهرة أن غزة أصبحت في حضنها، فتلك ذروة تحقق المشروع الإسرائيلي بإبعادها وإلقائها خارجاً، وما بين الحلم بتخفيف الإجراءات وبين خوف الساسة الغزيين أسرى قدر ثنائية الخسارات والعذاب.
غزة كابوس لإسرائيل، فهي التي انتجت الحركة الوطنية بشقيها العلماني والإسلامي «فتح» و«حماس» و«الجهاد الإسلامي»، ودفيئة الثورة وياسر عرفاتها، وتمعن يومياً في خنقها لتصفي معها حساب التاريخ الطويل في عملية أشبه بمسح دماغ الوعي أو كيّه، لأن تلك المنطقة تجرأت على المشاكسة، وهذا ذنبها الذي ظل يرافقها ويرافق أبناءها.
رحمةً بغزة، فقد بكى فيها الرجال وعشش الحزن في أزقتها، وأصبح الرثاء مهمتها اليومية من طلوع فجرها حتى المغيب، تتأهب لانتظار مأساة أو خبر مفجع لتفتح من جديد جرار حزنها التي لا تنغلق، فالبحر من أمامها والعدو من ورائها والحزن يحيط بها من كل الجهات، ولا مفر سوى الأنين بانتظار موت لديها فائض من أسبابه ما يكفي لتغطية مساحة تتجاوز فيها الجغرافيا الصغيرة والتاريخ الطويل. مَن المسؤول عن هذا؟ لا أحد، فقد توزع دمها بين القبائل.
من يرحم غزة من واقع شديد التعقيد وجد أبناؤها فيه أنفسهم أسرى صراعات أكبر من قدرتهم على التحمل، ولسنوات طويلة كانت تكفي لحرب عالمية وسلام عالمي، ولكنها لم تكن تكفي لحل أزمة غزة وإنهاء الانقسام، فأي عبث هذا؟ الأسوأ.. هناك بشر في غزة وآدمية تشبعت وحملت للمستقبل ما يكفي من الآلام، ولم تعد تحتمل أكثر، مَن ينقذ غزة من هذا الجحيم المركب والذي يتراكم كل يوم؟ لا أحد..! سوى أن تستمر في موتها الرحيم.. وبلا رحمة..!

كن أول من يعلق
تعليق جديد
البريد الالكتروني لا يظهر بالتعليق