لم يعد هناك مجال زمني متاح لمواجهة القرار الإسرائيلي المحمي أمريكيا، بحركة ضم رسمية بعد النجاح المطلق بالضم العملي، لأراضي من دول فلسطين الى دولة الكيان.
القرار انتقل من مرحلة نقاش في إسرائيل الى مرحلة التنفيذ المباشر، ولم يبق سوى أسابيع ليصبح الأمر "واقعا"، وينتقل الأمر من حال الى حال جديد تصبح معه كل التهديدات اللغوية ليس سوى "رصاص أطفال" في أيام العيد، صوت لا يترك أثرا، سوى عملية "تزيين المشهد".
كلمة الرئيس محمود عباس بعد الموقف الأمريكي، بان ضم الأراضي الفلسطينية أصبح قرارا إسرائيليا، جاءت "متهدجة اللغة"، كلمة بكائية الى حد الانهيار الذاتي، لم تحمل بندا واحدا يمكن ان يدفع "الطغمة الفاشية الحاكمة" في تل أبيب ان تقيم وزنا لكل عبارات "النحو البكائية"، كونها اختبرت ما هو أكثر ترهيبا وتهديدا، سادت في سنوات سابقة، وليس آخرها، "أن أبواب جهنم ستفتح على إسرائيل" لو أقدمت على المساس بالقدس، وها هي المدينة المقدسة سياسيا ودينيا ووطنيا في عرين رحلة تهويد ومصادرة ساحة البراق والحائط، وعلى طريق إعادة بناة "هيكلهم" على حساب المسجد الأقصى، وذلك لم يعد سريا فقد حمل السفير الأمريكي لواء ذلك بصور وفيديو للنفق الذي يتم العمل به، وبشر بأن "الهيكل الجديد" بات على أبواب الظهور.
"بكائية الرئيس عباس" الأخيرة مع موظفيه متعددي الأسماء والألقاب ورسائلهم تحولت، ومنذ سنوات، الى مهزلة سياسية نادرة، ليس في فلسطين بل وحولها، وبانت مادة للتندر والتنمر داخل سلطة الكيان ذاته، ومع كل رسالة منه، او "بكائية جديدة" يزدادون اندفاعا لتنفيذ مخطط الضم والتهويد، لأنهم "أمنوا العقاب".
ولنتجاهل كل ما مضى، ولا مصداقية التهديدات من السلطة واركانها، رئيسا وأدوات، ونعتبر ان هناك "صحوة ضمير وطنية" نتاج فايروس كورونا وما أحدثه من تغييرات نفسية في العالم الحديث، ونتعامل بإيجابية مع "بكائية الرئيس عباس" الأخيرة يوم 22 ابريل 2020، بانه سيقوم بإلغاء كل الاتفاقات مع إسرائيل والولايات المتحدة "لو تم تنفيذ الضم"، ورغم ان الضم والتهويد حدث منذ زمن في الضفة والقدس، لكننا سنغمض بعضا من "جانب العقل"، ونصدق أن الرئيس لا يعلم بتلك الحقيقة، ونقرأ "جدية حقيقية" في تنفيذ "وعده التهديدي".
ولكي يصبح أمر التهديد ممكنا للتفاعل الإيجابي، لتبدأ حركة تنفيذ التهديد الكبير "خطوة خطوة"، كرسالة مباشرة الى الشعب الفلسطيني أولا، أن يكن مستعدا حقا للمواجهة الكبرى، وتطوير معادلة "خليك بالبيت" الى "تحصين البيت"، كما هي رسالة تعبئة وطنية، بان الفرض الكفاحي لم يعد كلاما بل هو واقع متحرك لحماية بقايا "أرض ووطن"، وقبلهما "بقايا تاريخ" يتم تسويده وليس تهويده فحسب.
أن ينتقل الرئيس عباس من "مرحلة التهديد" طوال الـ 15 عاما دون ان تترك "خدشا" في جسد المحتلين، الى مرحلة "التنفيذ المتدحرج" ردا على كل ما كان مساسا بالحق الوطني، الى ان تصل الى لحظة قمة الفعل بفك الارتباط مع دولة الكيان، والانتقال من مرحلة السلطة الى مرحلة الدولة.
خطوات تبدأ، بتعليق وليس الغاء "الاعتراف المتبادل" بين منظمة التحرير ودولة إسرائيل، والتعليق هنا كي لا يبدو طلب الغاء الاعتراف المتبادل بأنه عمل ليس بالإمكان الآن، ولذا جاء البديل تعليق العمل، وتخاطب الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي و"الرباعية الدولية" بذلك القرار، ويطلب منها إعادة تقييم سلوكها مع إسرائيل وفقا للقرار الفلسطيني.
بالتوازي، الغاء مسمى لجان الارتباط والتنسيق مع سلطات الاحتلال، ومنها الغاء وزارة الشؤون المدنية، وتحويل عملها الى وزارتي الداخلية والخارجية، لتتعامل مع إسرائيل الدولة وليس أدوات الاحتلال.
وذلك يشمل أيضا الجانب العسكري، بحيث تتوقف عملية التنسيق الأمني في بعض جوانبه، وخاصة ما يعرف بـ "تبادل المعلومات حول النشاطات المعادية"، وكل ما يرتبط بها.
القيام بإعادة تسمية كل المؤسسات نسبة الى دولة فلسطين وليس السلطة الفلسطينية، دون ان تشمل الهويات وجواز السفر في المرحلة الحالية، والاستبدال هنا رسالة رسمية الى بداية التغيير الشامل، وتهيئة المشهد للتغيير الثوري الكبير.
التفكير العملي بتشكيل "حكومة جديدة" تأخذ بعين الاعتبار متغير المواجهة المرحلية والشاملة، حكومة ليس موالية للارتباط والتنسيق، بل للفك التدريجي منهما، تضع قواعد المرحلة القادمة، ولتكن حكومة وحدة مصغرة، والوحدة هنا مفتوحة لكل من يرغب أن يكون شريكا، ومنها حركة حماس شرط تخليها العلني عن حكومة الانقلاب.
خطوات غير صدامية بالكامل، لكنها تحمل ملامح المواجهة، يمكنها ان تشكل رافعة للمرحلة التي لن تتأخر.
هل ننتقل من "البكائية السياسية" الى "الفعل السياسي"...سؤال الضرورة الذي ينتظر ردا لو حقا ان بقايا الوطن لا زال مصلحة لكم!
ملاحظة: ربما هي المرة الأولى منذ اعلان قيام إسرائيل على حساب غالبية فلسطين، نسمع مؤشرات عن "عصيان مدني" فيها...معقول كورونا يكورن دولة البغي السياسي والعدوان... يا كورووووووونا بركاتك!
تنويه خاص: معلومات حماس عن الوضع الطبي في قطاع غزة تسودها "الضبابية"، خليط من "عنترية فارغة" الى صراخ متلعثم...احكوا الصج فهو أقصر الطرق للحقيقة والصدق..صحيح رمضان جانا والكذب حرام!