الأوضاع الكارثية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل، حيث أصبح كثر من 2.2 مليون لاجئ في قطاع غزة يتعرضون لحصار خانق، وتجويع ممنهج، وعمليات تهجير قسري متكررة، وأن هذه الممارسات تعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، إذ يحظر استخدام التجويع كأسلوب من أساليب الحرب، بما في ذلك من خلال الحصار كما تعتبر المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة مرجعية أساسية في هذا السياق، حيث تحظر النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين من مناطقهم، وتعدّه جريمة حرب .
مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية تتعرض للانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة أيضا حيث تستمر العمليات العسكرية والتدمير الواسع للبنية التحتية، الأمر الذي أدى إلى تهجير آلاف اللاجئين، في إطار سياسة ممنهجة تهدف إلى طمس المخيمات الفلسطينية كرمز وطني وكمحطة نضالية تؤكد على حق العودة .
كما تعرضت وكالة "الأونروا"، للملاحقة في أماكن عملها مما يعني خطورة الاستهداف الممنهج والذي شمل مقراتها وموظفيها في قطاع غزة خلال العدوان المتواصل، وأن هذا الاستهداف يندرج في إطار حملة واسعة النطاق لتقويض دورها الحيوي، وخاصة في ظل الظروف السياسية والاقتصادية الراهنة، واستمرار حرب الإبادة التي تشن على أبناء شعبنا في قطاع غزة منذ أكثر من عام ونصف، والتي أسفرت عن استشهاد آلاف المدنيين، وخلفت دماراً واسعاً طال البنية التحتية والمؤسسات والمستشفيات .
الجرائم المروعة التي يرتكبا جيش الاحتلال يوميا بقصف خيام النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس وأنحاء متفرقة من قطاع غزة، والتي أسفرت عن استشهاد مئات المدنيين أغلبيتهم من الأطفال والنساء حرقا، وتحويل الخيام إلى أفران تعبر عن مستوى غير مسبوق من الاستهتار بأرواح الأبرياء ومبادئ القانون الدولي الإنساني، وتعكس مدى الانحطاط الأخلاقي وانعدام الإنسانية لدى الاحتلال .
استهداف المدنيين في ملاجئهم المؤقتة لا يمكن تبريره تحت أي ذريعة، ويشكل جريمة حرب ونمطا متواصلا من الجرائم الدموية وجرائم ضد الإنسانية، وسياسة ممنهجة للإبادة والتطهير العرقي، وأن استهداف الملاجئ المؤقتة التي احتمى بها من شردوا من منازلهم نتيجة القصف المستمر، هو تجسيد صارخ لسياسة التطهير العرقي والإبادة الجماعية التي تنفذها إسرائيل بدم بارد يهدف إلى إجبار شعبنا على الهجرة القسرية، وسط صمت مخزٍ ومريب يرقى إلى درجة التواطؤ الكامل .
وكانت حكومة الاحتلال قد صادقت مؤخرا على قوانين عنصرية تهدف إلى منع عمل الوكالة داخل مدينة القدس المحتلة، وإنهاء امتيازاتها القانونية المعترف بها دوليا، في محاولة واضحة لتجريدها من شرعيتها، وأن هذه الخطوات تأتي ضمن مخطط إسرائيلي ممنهج لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة، وتمثل "الأونروا" شريان الحياة لملايين اللاجئين الفلسطينيين، وأن المساس بها يعد تهديدا خطيرا للقضية الفلسطينية .
وفى ظل مواصلة انحياز الإدارة الأميركية لحكومة الاحتلال ودعمها المطلق للحرب باتت تتحمل المسؤولية السياسية والأخلاقية والقانونية الكاملة، التي تجاوزت حدود الظلم لتتباهى علنا بدعمها لحكومة الاحتلال، إذ تمدها بالأسلحة والقذائف وأدوات الموت لقتل الأطفال وتدمير البيوت ومحاصرة الجرحى، في محاولة لكسر إرادة شعبنا ودفعه نحو التهجير ولا يمكن استمرار الدعم الأميركي غير المحدود كونه أصبح يعني المشاركة المباشرة في الجرائم المتركبة من قبل الاحتلال ويشكل وصمة عار في جبين النظام الدولي الذي أثبت فشله وانحيازه حين تعلق الأمر بدماء الفلسطينيين، ما يفقد منظومة العدالة الدولية مصداقيتها .