غزة - تتفاقم الأوضاع الصحية والمعيشة سوءًا وصعوبة في قطاع غزة، في ظل الحصار المطبق ومنع وصول المساعدات الغذائية والطبية، للشهر الثاني على التوالي، ما تسبب في بدء ظهور علامات سوء التغذية على المواطنين لا سيما الشرائح الأكثر هشاشة كالأطفال والنساء الحوامل.
وقال رئيس قسم الأطفال والولادة بمجمع ناصر الطبي أحمد الفرا، إن أطفال غزة يعيشون أوضاعًا كارثية منذ خرق التهدئة واستئناف الحرب وإغلاق المعابر؛ حيث ارتفعت أعداد الأطفال المصابين بحالات سوء التغذية.
وأضاف الفرا في حديثه لوسائل الإعلام "بدأنا نشاهد عدم كسب الوزن ونقص التركيز والفيتامينات ونقص الدم وشحوب الأطفال؛ وهي أعراض ناتجة عن سوء التغذية".
وأوضح أن المعلبات باتت شيحة، وهي عوامل إن استمرت قد تُحدث كارثة في جيل كامل من الأطفال، وتتمثل في جيل سيعاني من كثير الأمراض منها صعب استدراكه، بمعنى لو توفرت الفيتامينات مرة أخرى فلن تشفي الطفل من الأمراض التي أصابته.
وبيّن الطبيب أنه مع نزوح المواطنين من رفح، زاد العبء على مجمع ناصر الطبي خصوصا في قسم الأطفال والولادة؛ وقال: "نتحدث عن أعداد مراجعين بازدياد؛ تصل لـ400 حالة يوميا بعدما وصلنا لمئة حالة يوميا فترة التهدئة.
استهداف ممنهج للأطفال..
وذكر أن غالبية الإصابات في صفوف الأطفال حرجة جدا؛ منها الحرق وكسر الجمجمة وجروح قطعية في الأمعاء؛ مضيفا: "بعد التصعيد ارتفعت نسبة الأطفال لـ40%؛ في استهداف ممنهج لفئة الأطفال".
وأردف: "الاحتلال يستخدم أسلحة فتاكة جدا تتسبب بالحروق والأضرار للأطفال؛ على غرار مشهد الصحفي الذي ارتقى حرقا على بوابة ناصر الطبي؛ وكما شاهدنا في عائلة أبو الروس في الخيام بمواصي خانيونس، ومؤخرا مسح الاحتلال عوائل كاملة من السجل المدني؛ فهو يمعن بإبادة أسر كاملة".
وذكر أن من بين الأطفال الذين ارتقوا طفل مقعد يعاني من الشلل الدماغي؛ ارتقى حرقا نتيجة هذا العدوان.
وأوضح أن الأمهات بتن يعانين من نقص التغذية بشكل كبير؛ وقال: "الطفل في أحسن أحواله يولد بـ1 ونصف الكيلو، إضافة لكثرة نزوح الأم المتكرر الذي يؤثر على نفسيتها، ولا تجد قوت يومها لتكون قادرة على إرضاع طفلها، مع العلم أن البديل الصناعي غير موجود أساسا؛ والبدائل عنه لا تتوفر أيضًا".
وفي السياق، أشار الفرا لوجود شح كبير في الأدوية، مؤكدًا أن الأوضاع تتفاقم بشكل كارثي في ظل إغلاق محكم لأكثر من شهرين، حيث يوجد نقص مهول في هذه المستلزمات؛ ما يضع حياة العديد الأطفال في حالة حرج؛ ويجعلها عرضة للوفاة.
الأطفال الخدج يواجهون خطر الموت..
من جهته، حذّر المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة خليل الدقران، من كارثة صحية وشيكة تهدد حياة مئات الأطفال الخدج في مستشفيات القطاع، نتيجة الحصار الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من شهرين، والذي يمنع إدخال الوقود والمستلزمات الطبية الأساسية.
وقال الدقران "القطاع الصحي يعيش وضعًا كارثيًا بكل معنى الكلمة، بفعل الحصار الخانق الذي يمنع إدخال الوقود والأدوية، مما يؤثر بشكل مباشر على أقسام العناية المركزة، وخاصة الحاضنات التي ترعى الأطفال الخدج في ما تبقى من مستشفيات تعمل بشكل مؤقت".
وأكد أن توقف هذه الحاضنات عن العمل بسبب انعدام الوقود، يعني "موتًا محققًا لعشرات بل مئات الأطفال الذين يعتمدون على الرعاية المكثفة"، مشيرًا إلى أن مستشفى الولادة في مجمع الشفاء الطبي، والذي يعد الأكبر في غزة ويقدم نحو 80% من الخدمات الصحية لمدينتي غزة وشمالها، قد توقف عن العمل بعد إحراقه للمرة الثانية، وعاد للعمل بشكل جزئي ومحدود لا يلبي الحد الأدنى من الاحتياجات.
وأشار إلى أن قسم الحضانة المتبقي يعاني من نقص حاد في الأسرّة، وتهديد مستمر بالتوقف التام بسبب نفاد الوقود، إلى جانب نفاد الحليب البديل والمكملات الغذائية الأساسية التي يحتاجها الأطفال الخدج.
حالات إجهاض
وتابع الدقران: "رصدنا مؤخرًا زيادة مقلقة في حالات الإجهاض نتيجة سوء التغذية، إضافة إلى انخفاض شديد في أوزان الأطفال حديثي الولادة، وظهور أمراض مرتبطة بهذا النقص، ما يضاعف الحاجة لإدخالهم إلى الحضانة، بنسبة أعلى بكثير من الفترة التي سبقت العدوان."
وأكد أن هذه الفئة تعتبر الأكثر هشاشة وخطورة في ظل الظروف الحالية، لافتًا إلى أن مئات الأطفال الخدج تم إعدامهم فعليًا خلال الاجتياحات الإسرائيلية المتكررة لمجمع الشفاء ومستشفيات أخرى.
وأوضح أن النظام الصحي يفتقر إلى الفيتامينات، والمكملات الغذائية، والأدوية الخاصة بالأطفال حديثي الولادة والنساء الحوامل، في وقت تم فيه تدمير مستشفى خاص بالولادة في مدينة رفح، بالإضافة إلى تدمير مراكز الرعاية الأولية التي تُعنى بمتابعة النساء خلال فترات الحمل وبعد الولادة.
وختم الدقران تصريحه بالتأكيد على أن استمرار هذا الوضع يعرّض حياة الأجنة والأمهات لخطر بالغ قبل وأثناء وبعد الولادة، داعيًا إلى تحرك دولي عاجل لفتح المعابر، وتوفير المستلزمات الطبية والوقود اللازم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
وتُحكم "إسرائيل" إغلاق معابر قطاع غزة، وتمنع إدخال أي من المساعدات الغذائية والطبية والإنسانية، منذ استئناف الحرب على قطاع غزة في 18 مارس/ آذار الماضي، ما تسبب بنفاد المواد الغذائية، وإغلاق المخابز وتفشي المجاعة من جديد في القطاع.