«نحن أمام أحد أكثر أنظمة الاختطاف والاعتقال والتعذيب سادية وتوحشاً في العالم»، بهذا التعبير استهل ديمتري دلياني، عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم تيار الإصلاح الديمقراطي في حركة فتح، بيانه بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني، كاشفاً عن عمق الجريمة التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي بحق أكثر من 13 ألف فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، تم اختطافهم واحتجازهم خارج نطاق القانون الدولي، في مشهد يُجسّد انهياراً كاملاً لمنظومة العدالة الدولية أمام المشروع الاستعماري الإيادي الإسرائيلي.
وأكد القيادي الفتحاوي أن الواقع المرير الذي يعيشه الأسرى والمختطفين من أبناء شعبنا ناتج عن بنية قمعية مؤسسية تعكس منظومة أيديولوجية راسخة في صلب المشروع الاستعماري الإسرائيلي، هدفها لا يقتصر على إخضاع الأفراد بل يمتد إلى تفكيك الهوية الوطنية الفلسطينية واستهداف مرتكزاتها الثقافية والاجتماعية. وأوضح أن التوسّع المتسارع في سياسات الاختطاف والاعتقال الإداري والحبس الانفرادي، واحتجاز المدنيين، خصوصاً من قطاع غزة، في مواقع عسكرية سرّية، هو مكوّن أساسي في هندسة أمنية وسياسية محكمة تسعى إلى تفتيت النسيج الوطني الفلسطيني، من خلال أدوات قسرية تعيد إنتاج السيطرة العسكرية بمفردات قانونية مزيفة تُخفي خلفها مشروعاً ممنهجاً للإلغاء والطمس.
وأضاف دلياني: «ما يجري هو تطبيق لنظام اختطاف وتعذيب يستند إلى رؤية عنصرية تنزع عن الفلسطيني إنسانيته، وتحوّل وجودنا على ارضنا إلى جريمة يستحق العقاب. إن أكثر من 3,400 من اهلنا، بينهم 400 طفل و27 من النساء، معتقلون اليوم ادارياً دون تهم أو محاكمات، في فراغ قانوني يُمثّل الوجه الأكثر توحشاً لقمع دولة الاحتلال».
وحذّر دلياني من التبعات الخطيرة لتصنيف الاحتلال لما يقارب 1,886 فلسطينياً من غزة كمحاربين غير شرعيين، وهي تسمية تُسقط عن المعتقل صفة الإنسان وتُجيز اختطافه وتغييبه قسرياً دون أي مساءلة. وأشار إلى أن المئات من ابناء شعبنا محتجزون اليوم في منشآت عسكرية سرّية لا تُعرف أماكنها ولا يُسجَّل فيها المعتقلون ضمن أي قاعدة بيانات رسمية، في ما يُشكّل تطبيقاً جلياً لسياسة محو الفرد والجماعة على حدّ سواء، بأسلوب يتجاوز مجرد الإخفاء القسري إلى الإلغاء الكلي للوجود الجَمعي.
واستعرض دلياني تصاعد هذه الانتهاكات في سياق الحرب الإبادية التي أطلقتها دولة الاحتلال على قطاع غزة منذ أكتوبر 2023، مشيراً إلى اختطاف أكثر من 7,800 فلسطيني وفلسطينية من الضفة الغربية وحدها منذ ذلك الحين، في حملة قمع منظمة رفعت إجمالي عدد الاسرى إلى أكثر من 13,000. وأوضح أن هذه الأرقام تعكس سياسة إسرائيلية ممنهجة ترى في الانتماء الفلسطيني تهديداً وجودياً، وفي التمسك بالأرض جريمة يُردّ عليها بالاختطاف والسجن والتعذيب.
وشدد دلياني على أن قضية الأسرى ليست ملفاً إنسانياً فحسب، بل تمثل جزء اساسي من قلب القضية الوطنية الفلسطينية، وأن استمرار اختطافهم واعتقالهم يُعد ركناً أساسياً في منظومة استعمارية تسعى إلى شل الإرادة الوطنية وكسر العمود الفقري للهوية الفلسطينية. وختم بالقول: «تحرير الأسرى ليس منّةً ولا خياراً عابراً، بل ضرورة وجودية، وشرطٌ لا غنى عنه لأي مشروع وطني حقيقي يسعى إلى تحقيق تقرير المصير وتجسيد السيادة واستعادة الكرامة».