غزة - عمرو طبش: يعاني مرضى السرطان في قطاع غزة في سبيل الحصول على العلاج الخاص بهم، واستكمال علاجهم في مستشفيات الضفة الغربية المحتلة بعد وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي، وإغلاق المعابر، في ظل نقص الأدوية والأجهزة التشخيصية في مستشفيات القطاع، فاضطر عدد من مرضى السرطان في قطاع غزة إلى التوجه للمستشفيات الخاصة، منها مستشفى الحياة التخصصي للحصول جرعات العلاج الكيماوي والخدمات الصحية التي كانوا يتلقونها في مستشفيات الضفة الغربية، ولكن لم تكن الخدمة بالشكل المطلوب حسب البرتوكولات العالمية.
قبل شهرين أعلنت وزيرة الصحة مي الكيلة، تخصيص مستشفى الحياة التخصصي لعلاج مرضى السرطان وتقديم الخدمة العلاجية لهم في قطاع غزة.
يروي المريض محمد جاب الله تفاصيل معاناته لـ"الكوفية"، قائلًا "إنه ليس وحده المريض بالسرطان، لكن إحدى بناته تعاني من سرطان الرئتين، بينما الأخرى مصابة بمرض السمنة، ولا يستطيع مساعدتهم لإجراء العمليات وتوفير العلاج نظراً لتدني حالته الاقتصادية".
وأضاف، أنه على على معاناته من سرطان البنكرياس، فإنه مريض قلب وضغط وسكر، مشيراً إلى أنه لم يستطع الحصول على "جرعة كيماوي" لعدم تحمل الكبد ما يهدد بانفجاره.
وأوضح جاب الله، أنه في ظل الوضع الصحي المأساوي الذي تعيشه أسرته، توجه لعدد من المستشفيات وناشد الكثير من المسؤولين مساعدته في توفير العلاج، ولكن حياة لمن تنادي، لم يقدم أحد على مساعدته أو حاول النظر إلى حالته وحالته بناته بعين الرحمة.
وقال، بينما الألم يعتصر قلبه، "أنا بموت، أنا ما بقدر أمشي، أنا تعبان وعضمي كله تعبان، نفسي أنام الليل مرتاح"، متابعاً "أهم شيء بناتي يلي بيتلوعوا قدامي وما بقدر أسويلهم حاجة وأنا لما أشوفهم هيك بتعب أكثر".
ويصف جاب الله، كمّ الوجع والمعاناة التي يتعرض لها في كل دقيقة، بالقول إنه يستطيع تحمل رصاصة في جسده ولا يستطيع تحمل الوجع والألم القاسي الذي يصاحبه في كل لحظة، موضحاً أن حياته توقفت بسبب المرض.
وتابع، أنه يعجز حتى عن شراء أدوية مسكنة، في ظل الوضع الاقتصادي السيء والصعب الذي يعاني منه بشدة.
وناشد جاب الله وزارة الصحة والمسؤولين وأهل الخير، الوقوف عند مسؤولياتهم ومساعدته في توفير العلاج له ولبناته، إذ أن كل دقيقة تمر بدون علاج تعرض حياتهم للخطر.
في السياق ذاته تقول المريضة أماني القصاص لـ"الكوفية"، إنها مصابة بسرطان الأمعاء حيث تم استئصال الأمعاء ووضع وصلات مطاطية بدلاً عن الأمعاء، مؤكدةً أنها كمريضة سرطان في غزة تعيش في وضع صعب وسيء جداً، بسبب عدم توفر الأدوية الخاصة بمرضى السرطان إلا الكيماوي، في ظل أنها تحتاج إلى أدوية، وفحوصات مستمرة، وغذاء صحي.
وأوضحت، أنه يوجد نقص كبير في الأدوية داخل المستشفيات في قطاع غزة، مشيرةً أنه في حال وجود العلاج لم تستطيع بشراء بسبب الوضع الاقتصادي الصعب، منوهةً إلى أنها في ظل عدم أخذها للعلاج حالتها الصحية تزداد سوءاً، نظراً لأمعائها المطاطية التي تتعبها في كل حركة تتحركها.
وتضيف القصاص، أنها منذ عدة شهور استطاعت أخذ العلاج الإشعاعي في الخارج، ولكن بعد حالة الطوارئ والأوضاع التي يمر بها قطاع غزة وإغلاق المعابر، انقطعت عن العلاج الشعاعي، متابعةً أنها بحاجة ملحة وضرورية الى العلاج الاشعاعي لأن حالتها صعبة جداً.
وطالبت بتوفير العلاج، لجميع مرضى السرطان في قطاع غزة، وتوفير الأجهزة الخاصة بالفحوصات غير المتوفرة داخل مستشفيات غزة، نظراً لتعب وإرهاق المرضى أثناء الخروج إلى المستشفيات لتلقي العلاج بالخارج.
أما والدة المريضة أحلام أبو موسى، فتقول إن ابنتها تعاني من مرض سرطان العظام في قدمها منذ عام 2018، وبعد عامٍ بترت قدمها لعدم قدرتها على إجراء العملية اللازمة لابنتها، وتوفير العلاج اللازم لمرضها.
وتشير إلى أن الأمر الذي أدى إلى بتر قدم ابنتها، هو رفض الجانب الإسرائيلي أكثر من ثماني مرات تحويلها إلى المستشفيات بالداخل المحتل، وقلة العلاج الذي زاد الأمر سوءاً.
وتوضح أبو موسى، أن حالتها ابنتها صعبة جداً، وبعد إجراء عملية البتر بدأت تعاني من مشاكل أخرى في جسدها بسبب مرضها، منوهةً إلى أنها تتابع حالة ابنتها عند طبيب متخصص ولكنها لم تستطيع توفير العلاج لغلاء سعره وعدم قدرتها على شرائه نظراً لوضعها الاقتصادي الصعب التي تمر به.
وتابعت، أنه في حال استمرار عدم حصول ابنتها على العلاج سيتم بتر جزء آخر من قدمها، حيث تحتاج إلى المسح الذري بشكل ضروري وعاجل لأنه ستخسر جزءًا آخر وينتقل المرض إلى مكان آخر، مبينةً أن هذا العلاج غير متوفر داخل المستشفيات في قطاع غزة.
من جهته يقول مدير الإغاثة الطبية الفلسطينية في غزة عائد ياغي، إن استمرار معاناة مرضى السرطان في قطاع غزة نتيجة عدم تمكنهم من التنقل والسفر إلى مشافي الضفة الغربية والقدس بسبب إغلاق المعبر، وعدم إجراء التنسيقات اللازمة بعد وقف التنسيق مع الجانب الإسرائيلي.
وأضاف، لـ"الكوفية"، "رغم تعاقد وزارة الصحة مع مستشفى الحياة التخصصي منذ أكثر من شهرين لخدمة مرضى السرطان، إلّا أن التعاقد لم يتم تفعيله، مشيرًا إلى أن مرضى السرطان في قطاع غزة بحاجة إلى خدمات متكاملة في مقدمتها الخدمات التشخيصية، وتوفير العلاجات اللازمة حسب البرتوكولات المعمول بها سواء العلاج الكيماوي أو الإشعاعي، غير أن ما سمعه من الإعلام، أن ما تم الاتفاق عليه بين وزارة الصحة ومستشفى الحياة، هو توفير بعض أصناف العلاج الكيماوي.
وقال إنهم طالبوا كثيراً وزارة الصحة بالإعلان ونشر الاتفاق المبرم بين مستشفى الحياة للاطلاع على الخدمات التي يتوجب على المستشفى تقديمها لمرضى السرطان، لكن حتى اللحظة لم يتم نشر هذا الاتفاق ومذكرة التفاهم بين الوزارة والمستشفى.
وطالب ياغي، وزارة الصحة بالإفصاح على الاتفاقية الموقعة مع مستشفى الحياة، والعمل على توفير الخدمات المتكاملة لمرضى السرطان عن طريق الاستمرار بتحويلهم إلى مشافي القدس للخضوع لجلسات العلاج الإشعاعي، والسماح للمرضى بالتنقل في حرية وسلام عبر حاجز بيت حانون بتدخل من المجتمع الدولي، موضحاً أنه كعامل في المجال الصحي يدرك أن جميع مستشفيات قطاع غزة سواءً الحكومية أو الأهلية أو الخاصة، لا توجد بها المقومات والأجهزة المتكاملة والضرورية لتشخيص المرضى وتلقي العلاج، مثل جهاز البتي سكان، وجهاز العلاج الإشعاعي.
في السياق ذاته، يقول منسق التحقيقات والشكاوى في الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بكر التركماني، إنه في ظل وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال الإسرائيلي أصبح شبه مستحيل تمكن مرضى السرطان الذين حصلوا على تحويلة للعلاج في الخارج سواءً في المستشفيات داخل الأراضي المحتلة من تلقي العلاج.
وأشار في تصريحات لـ"الكوفية"، إلى أنه تم العمل مؤخراً بإجراءات بين وزارة الصحة ومستشفى الحياة التخصصي مرتبطة بتوطين الخدمة لمرضى السرطان في غزة، معتقداً أن هذه الإجراءات مهمة في توفير حجم النفقات الكبيرة على وزارة الصحة باتجاه العلاج بالخارج مع وجود عدة ملاحظات في هذا الإجراء.
وأوضح التركماني، أن مستشفى الحياة عملياً لا يقدم سوى سبعين نوعاً من الأدوية لمرضى السرطان بغزة، مضيفاً أنه في حال احتياج المريض إلى نوعين من الدواء أحدهما متوفر في المستشفى والآخر غير متوفر فإنه يضطر إلى التوجه لمستشفيات أخرى لأخذ الجرعة، ثم العودة إلى الحياة لأخذ جرعة أخرى.
وبين أنه يوجد أنواع أخرى من الأدوية لا يمكن توفيرها في مستشفى الحياة، وأن هذا الأمر يتطلب إجراءات لإعادة النظر في نوع الخدمة وطريقة الخدمة، ومن الضروري أن يكون هناك توجه استراتيجي لاستكمال الخدمة المقدمة للمرضى من خلال وجود مستشفى متخصص سواءً بالفحص أو المعالجة.