- إطلاق نار من آليات الاحتلال شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة
غزة - عمرو طبش: مع أنفاس الصباح الأولى، ونسمات الأجواء الباردة، تتوجه الحاجة أم جميل، إلى حسبة السمك البعيدة عن منزلها سيرا على الأقدام، رغم التعب الذي يلازمها على مدار 18 عاما في مهنتها الشاقة في بيع السمك، فوجع قدمها لم يشكّل عائقا أمام الاستمرار في مهنتها.
تفترش أم جميل الأرض في شارع البحر، وأمامها صناديق الأسماك لبيع السمك بعد شرائه من التجار بسعر الجملة حتى تستطيع مساعدة زوجها في توفير العلاج لمرضٍ بات أن يقضي عليه نظرا لعدم الاستطاعة في شرائها.
الحاجة أم جميل القرعان "47 عاما"، التى تقطن في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، تعول أسرة من خمسة أفراد منهم اثنان من الأبناء يقومان بمساعدتها ببيع السمك، لسد الديون المتراكمة على العائلة.
وعلى الرغم من آلام قدمها، تقول أم جميل لـ"الكوفية"، إنها "صامدة في هذه المهنة التي تحتاج إلى شخص قوي البنية لنقل صناديق السمك لمسافات قد تصل إلى كيلو مترات، وهذا يدلل على أن المرأة الفلسطينية مكافحِة حتى بعملها".
وسط مجموعة من صناديق السمك في السوق، تؤكد الحاجة أم جميل، أنها لا تستطيع مغادرة المكان حتى نفاد الكمية لسببٍ واحد "بقدرش أروح إلا لمّا أبيع كل السمك لأنه التاجر ما بيرضى يعطيني بضاعة جديدة حتى أسدد القديم".
وتوضح أم جميل، "ليس كل السمك يباع، ففي بعض الأيام أعود بالكثير منه أو يتلف، وأحيانا لا أبيع سوى بـ 20 شيقل أو بمخسر مردود، وهو ما لا يغطي كل المصاريف"، وهذا ما يجعل ساعات عملها تمتد إلى 12 ساعة أحيانًا.
أم جميل، التي تعمل ليلا ونهارا من أجل توفير العلاج، توضح، أن زوجها مريض ويعاني من حصوات بالكلى وانزلاق غضروفي، مضيفةً "كل الناس يلي بتقبض الشؤون بنبسطو إحنا كلهم الفلوس بندفعهم ديون للصيدلية، وأنا لما بشتغل بدفع جزء قليل للعلاج".
وتؤكد أن زوجها يحتاج إلى علاجات تترواح بين 40 إلى 70 شيقل، وبلغت مديونياتها للصيدليات ما يقارب الـ1500 خلال أربعة شهور.
وتطالب أم جميل، المسؤولين أن يقفوا عند مسؤولياتهم ومد يد العون لمساعدة زوجها في السفره لإجراء اجراحة تخفف عنه آلامه، نظرا لعدم نجاحها في غزة، حيث طلب الطبيب منهم ألف دولار لإجراء العملية وهي لا تستطيع توفير مبلغ كهذا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تمر بها.
وتعد الحاجة أم جميل القرعان نموذجا للنساء الفلسطينيات الكادحات، اللواتي يصنعن المستحيل من أجل العيش بكرامة في ظل استمرار ارتفاع نسبة الفقر والبطالة في قطاع غزة.