منظمة دولية: 2025 عام إبادة وجوع وتعذيب للأطفال الفلسطينيين
نشر بتاريخ: 2025/12/17 (آخر تحديث: 2025/12/17 الساعة: 15:53)

رام الله - قالت منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين الدولية إن العام 2025 كان عامًا مدمراً آخر عانى فيه الأطفال الفلسطينيون من الإبادة الجماعية والمجاعة والتعذيب والتهجير الجماعي والاختفاء القسري والعنف المتواصل من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين.

وبحسب وثائق جمعتها المنظمة، فإن الحرب الإسرائيلية المستمرة في غزة، إلى جانب تصاعد القمع في الضفة الغربية، قد جردت الأطفال الفلسطينيين بشكل منهجي من حقوقهم في الحياة والسلامة والصحة والطفولة.

وجاء في تقرير المنظمة: رغم الأدلة الدامغة على جرائم الفظائع الجماعية، استمر قادة العالم في حماية "إسرائيل" من المساءلة.

ونتيجة لذلك، ظل الأطفال الفلسطينيون بلا حماية، إذ استخدمت قوات الاحتلال التجويع كسلاح حرب، وتواصل تصعيد التعذيب في مراكز الاحتجاز، وإخفاء الأطفال قسراً في غزة، وقتل وتشويه الأطفال في جميع أنحاء الأراضي المحتلة دون رادع.

وقال خالد قزمار، المدير العام لمنظمة الدفاع عن الأطفال في فلسطين: "قتلت القوات الإسرائيلية وشوهت وعذبت وجوعت واختطفت وهجّرت أطفالاً فلسطينيين كل يوم في عام 2025. لم ينعم أي طفل فلسطيني بلحظة أمان واحدة، وهذا تتويج لعقود من الإفلات من العقاب الذي تمتعت به القوات والسلطات الإسرائيلية، التي لم تواجه أي عواقب على الإطلاق لجرائمها ضد الأطفال".

وبحسب وثائق منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين في فلسطين، احتجزت قوات الاحتلال جثامين ما لا يقل عن 62 طفلاً فلسطينياً منذ يونيو/حزيران 2016. ولم يُعاد إلى ذويهم سوى ستة أطفال، بينما لا تزال رفات 56 طفلاً محتجزة لدى السلطات الإسرائيلية. وتُعدّ هذه الممارسة عقاباً جماعياً، وانتهاكاً للقانون الدولي الإنساني، وحرماناً للعائلات من حقها الأساسي في دفن أبنائها بكرامة.

وفي سبتمبر/أيلول 2019، أيدت المحكمة العليا الإسرائيلية مصادرة جثامين الفلسطينيين بعد عدة طعون قانونية. وبعد أشهر، في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2019، أمر وزير الجيش نفتالي بينيت بحجب جميع جثامين الفلسطينيين المتهمين بالاعتداء على إسرائيليين إلى أجل غير مسمى.

وفي غزة، ظل حجم القتل والتشويه والإبادة لعائلات فلسطينية بأكملها كارثيًا في عام 2025. وفي فبراير، عرضت منظمة DCIP فيلمًا وثائقيًا بعنوان "من خلال عيون طفل"، وهو فيلم يسلط الضوء على شهادات الأطفال الذين نجوا من الواقع المدمر للحياة في غزة.

تتجلى هذه الأهوال في قصة أطفال عائلة حسونة الأربعة. بدأ كابوسهم عندما قتل قناصة إسرائيليون والديهم، مما أجبرهم على البقاء على قيد الحياة لمدة يومين دون طعام أو ماء بجانب جثتيهما، ينهشهم الكلاب الضالة، إلى أن أنقذهم أقاربهم. كما أصيبت لينا، البالغة من العمر أربعة عشر عامًا، برصاصة في صدرها أثناء عملية الإنقاذ، ونجت من عدة عمليات جراحية، وبعدها استمرت هي وإخوتها في مواجهة صدمة نفسية عميقة. يتولى وصيهم الآن رعايتهم، وهو نفسه الذي كان يرعى 23 طفلاً آخر.

لا تمثل هذه القصص سوى جزء ضئيل من الأطفال الذين وثقتهم المنظمة، حيث لا يزال آلاف آخرون غير محصيين تحت الأنقاض، وفي الخيام، وفي السجون، وفي مناطق النزوح المتناثرة في جميع أنحاء قطاع غزة.

وقال التقرير: بلغ استخدام "إسرائيل" للتجويع كسلاح مستويات غير مسبوقة في عام 2025، حيث واصلت السلطات الإسرائيلية فرض حصار شامل على غزة. وتمّ منع وصول الغذاء والماء والدواء والوقود والكهرباء بشكل ممنهج، بينما دُمّرت الأراضي الزراعية والمخابز والمطاحن وشبكات المياه والمستشفيات عمداً.

ونشرت منظمة الدفاع عن الأطفال الفلسطينيين تقريرًا بعنوان "تجويع جيل"، بالتعاون مع منظمة أطباء ضد الإبادة الجماعية، يُفصّل استخدام "إسرائيل" المتعمد للتجويع لإحداث سوء تغذية مزمن ومنهجي لدى الأطفال الفلسطينيين وحديثي الولادة في غزة.

وخلصت المنظمة إلى أن هذه السياسة تُعدّ تعذيبًا بموجب القانون الدولي، وتشكل جزءًا من استراتيجية إبادة جماعية أوسع نطاقًا ضد الفلسطينيين في غزة، وهو تحليل نُشر لاحقًا في مجلة إعادة تأهيل ضحايا التعذيب ومنع التعذيب.

وكان الرضع وحديثو الولادة من بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

وداخل السجون الإسرائيلية، يعاني الأطفال الفلسطينيون المحتجزون من نقص حاد في الغذاء والماء. وشهد عام 2025 وفاة أول طفل فلسطيني داخل السجون. حيث استشهد وليد خالد عبد الله أحمد، البالغ من العمر 17 عامًا، داخل سجن مجدو، وأظهرت نتائج تشريح جثته هزالًا شديدًا في العضلات والدهون، والتهابات لم تُعالج، وجفافًا، وجربًا، وإصابات ناتجة عن صدمات قوية - دليل واضح على أن وليد تعرض للتجويع وسوء المعاملة بشكل ممنهج لأشهر حتى انهار وتوفي.

كما صعّدت قوات الاحتلال حملتها بشكل خطير لاحتجاز الأطفال الفلسطينيين دون تهمة أو محاكمة في عام 2025.

وشهرًا بعد شهر، ارتفع عدد ونسبة الأطفال الفلسطينيين المعتقلين إداريًا إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.

فهذا العام، وضعت قوات الاحتلال أصغر طفل فلسطيني مسجل في سجلاتها رهن الاعتقال الإداري. فقد اعتقلت معين غسان فهد صلاحات، البالغ من العمر 14 عامًا ، من منزله في بيت فجار، جنوب بيت لحم في الضفة الغربية المحتلة، خلال مداهمة فجرية في 19 فبراير/شباط، وأصدرت بحقه أمرًا بالاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر في 2 مارس/آذار، وفقًا لوثائق جمعتها منظمة الدفاع عن الأطفال والمواطنين في فلسطين. يُعد معين أصغر طفل فلسطيني يُحتجز إداريًا منذ أن بدأت المنظمة بمراقبة الأطفال المحتجزين إداريًا عام 2008.

وذكرت المنظمة أن حرمان الأطفال الفلسطينيين تعسفياً من حقهم في الحرية من خلال استخدام الاعتقال الإداري، وهو سجن الأفراد لفترات طويلة دون توجيه تهمة أو محاكمة، وغالباً ما يستند إلى أدلة سرية تصل إلى حد الاعتقال التعسفي.

وعلى مدار عام 2025، صعّدت القوات الإسرائيلية من وتيرة التعذيب وسوء المعاملة التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون في جميع مراحل عملية الاعتقال إلى مستويات بالغة القسوة. وخلال عمليات الاعتقال والاستجواب والاحتجاز، وصف الأطفال تعرضهم بشكل روتيني للصفع والضرب والركل والتحرش اللفظي والضرب بأعقاب البنادق والدوس.

وقدّمت المنظمة تقريرًا بديلًا للتقرير الدوري السادس ل"إسرائيل" إلى الدورة الثالثة والثمانين للجنة مناهضة التعذيب في 13 أكتوبر/تشرين الأول، مفصّلةً 325 إفادة خطية من أطفال فلسطينيين محتجزين في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس خلال الفترة من 1 يناير/كانون الثاني 2021 إلى 31 أغسطس/آب 2025.

وأفاد التقرير بأن 74% من الأطفال تعرّضوا للعنف الجسدي على أيدي ضباط السجون الإسرائيليين أثناء احتجازهم، وأن 26% منهم تعرّضوا لأوضاع تعذيبية أثناء الاستجواب، وأن 58% حُرموا من الغذاء والماء الكافيين، وأن 21% وُضعوا في الحبس الانفرادي لأغراض الاستجواب لمدة يومين أو أكثر. وتلجأ قوات الاحتلال بشكل روتيني إلى حبس الأطفال الفلسطينيين في الحبس الانفرادي لأيام أو أسابيع متواصلة. وتكون الزنازين الانفرادية عادةً صغيرة وقذرة ومظلمة. وصف الأطفال احتجازهم في غرف بلا نوافذ ذات جدران رمادية خشنة، ومراحيض بدائية تنبعث منها روائح كريهة، وفراش متسخ على الأرض. تم الاحتفاظ ببعض الزنازين في ظلام دامس، بينما تم إغراق البعض الآخر بضوء قاسٍ ليلاً ونهاراً، مما تسبب في فقدان التوجه والضيق النفسي.

كما استجوبت السلطات الإسرائيلية 94% من الأطفال الفلسطينيين المعتقلين دون حضور أحد أفراد أسرهم، ولم يُبلغ 89% منهم بسبب اعتقالهم. وتستخدم القوات الإسرائيلية أساليب قسرية، بما في ذلك الاستعانة بالمخبرين، مما يدفع الأطفال إلى الإدلاء بتصريحات تدينهم أو حتى اعترافات كاذبة دون قصد.

وفي غزة، اختطفت قوات الاحتلال أطفالاً أثناء بحثهم عن الغذاء أو المساعدات الإنسانية التي هم في أمس الحاجة إليها، ثم نُقلوا إلى سديه تيمان، وهو معسكر اعتقال عسكري إسرائيلي في جنوب إسرائيل، حيث جُرِّد الأطفال من ملابسهم، وجُوِّعوا، وضُربوا، وحُبسوا في أقفاص. وأفاد الأطفال بتعرضهم للصعق بالكهرباء، والضرب بالعصي، واحتجازهم في "غرفة الديسكو" سيئة السمعة، حيث كان الجنود يُشغِّلون موسيقى صاخبة لساعات ويعتدون على المحتجزين عشوائياً.

وشهد عام 2025 ارتفاعاً حاداً في حالات الاختفاء القسري، مما شكل أحد أخطر التطورات. فمع قيام الاحتلال باختطاف الأطفال في كثير من الأحيان أثناء سعيهم للحصول على المساعدة، تُركت العائلات بدون معلومات أو سبيل للانتصاف أو القدرة على تحديد مكان أطفالهم.

واختتم التقرير بالقول: لقد أظهر هذا العام، بوضوحٍ مؤلم، أن الأطفال الفلسطينيين يواجهون أزمةً لا تتعلق بالقانون، بل بإنفاذه. فالحماية الدولية موجودة، والالتزامات الدولية واضحة، ومع ذلك يواصل المجتمع الدولي حماية إسرائيل بينما تُجوّع قواتها الأطفال الفلسطينيين وتعذبهم وتُخفيهم وتقتلهم بوحشيةٍ غير مسبوقة.