خلافات حول اليوم الثاني
نشر بتاريخ: 2025/10/23 (آخر تحديث: 2025/10/23 الساعة: 08:39)

أما جهل أو استغباء للرأي العام في المنطقة والعالم حول تبعية دولة إسرائيل للولايات المتحدة الأميركية، حيث بدا وكأن البعض في إسرائيل اكتشف أمر التبعية بعد الموافقة على خطة الرئيس دونالد ترمب، وتجاهلوا النفوذ الأميركي الكامل على دولتهم اللقيطة، التي لولا الغرب الامبريالي بقيادة الولايات المتحدة ما كان لها الوجود في فلسطين والمنطقة، بدءً من إقرار وعد بلفور في 1917 مرورا بصك الانتداب 1922، وتمرير قرار التقسيم الدولي 181 في 1947، وإيقاف دولة الإرهاب الإسرائيلية على قدميها، وفرض انسحاب قوى العدوان الثلاثي: بريطانيا وفرنسا وإسرائيل على الشقيقة الكبرى مصر عام 1956 وصولا للإبادة الجماعية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة على مدار العامين السابقين، التي لعبت فيها الإدارات الأميركية المتعاقبة ومازالت حتى الان دورا مركزيا في انقاذ إسرائيل من انهيارها، كما انها كانت أكبر وأهم داعم ومساند لدولة المشروع الصهيوني ماليا وعسكريا واقتصاديا ولوجستيا وبالمهاجرين اليهود الصهاينة، وبالتالي لا حاجة لاكتشاف امر التبعية، لأنها حقيقة دامغة، وواضحة وضوح الشمس.

وما الزيارات المكثفة والمكوكية لأركان الإدارة الجمهورية وعلى رأسهم الرئيس ال 47، والتدخل في ادق التفاصيل المتعلقة بتنفيذ خطة ترمب الا تأكيد على الدور المركزي الأميركي في حياة الدولة العنصرية والنازية الإسرائيلية. لأنها ليست أكثر من محمية أميركية، ولا تملك التقرير في الشأنين السياسي او العسكري دون الموافقة الأميركية.

وبشأن التداخل بين المرحلة الأولى والثانية من الصفقة برزت تباينات في ولوج المرحلة الثانية، حيث تحاول الحكومة الإسرائيلية التلكؤ والمناورة لتأجيل ذلك، لكن واشنطن تدفع بالتقدم نحوها، لأنها معنية ببلوغ مراميها في السيطرة على قطاع غزة، وفي ذات الوقت تحقيق هدفها وهدف إسرائيل في التهجير القسري للفلسطينيين من ارض وطنهم الام فلسطين ولهذا تملي على اداتها الوظيفية الانصياع لتوجهاتها، لاعتبارها ان ملف تسليم رفات جثامين الاسرى الاسرائيليين مسألة وقت، كما ذكر جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي الموجود في إسرائيل منذ اول أمس الثلاثاء 21 تشرين اول / أكتوبر الحالي، إن العملية "لن تتم بين ليلة وضحاها"، واردف قائلا أول أمس "بعضهم مدفون تحت الأنقاض، وآخرون لا يُعرف مكانهم، تحلوا بالصبر، هذا سيستغرق بعض الوقت." وأعرب عن تفاؤله بإمكانية استكمال هذه المهمة بمساعدة آلية المراقبة الدولية، حسب هيئة البث الإسرائيلية "كان 11". كما ان إسرائيل تحفظت على مشاركة تركيا الى جانب كل من مصر وأذربيجان وقطر والأردن واندونيسيا والامارات والمغرب، التي مازالت تتردد في المشاركة في القوة الدولية، غير ان إدارة ترمب تدعم انخراطها في تثبيت الاتفاق في غزة، وردا على سؤال حول دعم أنقرة لحماس، قال فانس في مؤتمره الصحفي مع افتتاح مقر قوة المراقبة الدولية أول أمس "هذا ينتمي للماضي. من يشارك في الاتفاق لا يمكنه البقاء أسيرا للماضي، نحن نركز على المستقبل والسلام". طبعا هو يقصد السلام الأميركي، الذي لا يمت للسلام بصلة.

وفي السياق برزت خلافات بين أميركا وإسرائيل ومصر حول تنفيذ المرحلة الثانية، لا سيما فيما يتعلق بنشر قوات دولية في القطاع وترتيبات تنفيذ الاتفاق، حيث ترى مصر ضرورة إدخال قوات عربية وأجنبية الى القطاع خلال الأيام المقبلة، في المقابل تعارض إسرائيل هذه الخطوة في الوقت الراهن، معتبرة أن حركة حماس تماطل في تسليم الجثث الإسرائيلية "دون أي مساعدة خارجية"، وتطالب أيضا بتسليم سلاحها، وبرزت الخلافات خلال زيارة كل من نائب الرئيس الأميركي ورئيس جهاز المخابرات المصرية حسن رشاد. حسب قناة "كان 11".

ولحسم بعض القضايا التفصيلية المتعلقة بتطبيق الخطة، سيلتقي فانس مع رئيس الأركان الإسرائيلي ايال زامير اليوم الخميس 23 أكتوبر، في اجتماع يفترض أن تكون الكلمة الأخيرة فيه للطرف الأميركي، ونقلت القناة العبرية، أن الولايات المتحدة تتابع عن كثب كل تحرك إسرائيلي في غزة عبر المقر الأميركي الذي أقيم في كريات غات، وأنها "توافق أو تمنع أحيانا تنفيذ عمليات ميدانية"، وأشارت مصادر إسرائيلية الى أن الاميركيين "يتدخلون أحيانا لمنع عمليات محددة، خشية تدهور الوضع الميداني."

وعلى صعيد أخر، صرح وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي لصحيفة "ذا ناشونال" أول أمس الثلاثاء، أن القاهرة تسعى لاستصدار قرار من مجلس الامن الدولي "بأسرع وقت ممكن"، لإنشاء قوة حفظ سلام في القطاع، وأضاف أن مهمة القوة ومجلس السلام المقترح يجب أن تكون تقديم الدعم للفلسطينيين لإدارة شؤونهم بأنفسهم، وتابع أنه "لن يكون مقبولا أن يدير الأجانب غزة." وهنا برز خلاف بين إسرائيل ومصر بشأن صياغة القرار البريطاني الفرنسي المقترح تقديمه لمجلس الامن للمصادقة على الخطة الأميركية ووجود قوة المراقبة الدولية، حيث تريد إسرائيل البقاء في شريط عازل داخل القطاع لعشر سنوات، ولكن مصر ومن يقف معها يعترضوا على ذلك.

وهناك تفاصيل عديدة نتاج عدم وضوح خطة ترمب، وعدم تحديدها الفواصل والتفاصيل المختلفة، مما يسمح لحكومة بينامين نتنياهو العبث بتنفيذ الخطة، ولكن اعتقد أن الإدارة الأميركية متعجلة أمورها في الوصول لمآربها، التي تتكامل مع مأرب إسرائيل ومشروعها الاستعماري. الامر الذي يشي ان ولوج اليوم التالي قد يحتاج لبعض الوقت، ولكن الوقت الذي تراه الإدارة الجمهورية.

باختصار شديد، هناك اخطار تتهدد الكيانية الفلسطينية، والسيطرة الكاملة على قطاع غزة، وهو ما يدعو الى تكثيف الجهود مع الاشقاء العرب والدول الإسلامية والدول الداعمة لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967 للضغط على الإدارة الأميركية وإسرائيل على حد سواء، وقطع الطريق على خيارهم المهدد للسلام في المنطقة عموما وليس على الشعب الفلسطيني فقط.