غزة - ارسلت الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد” مذكرة عاجلة إلى عدد من الهيئات الدولية والمنظمات الأممية، بمناسبة اليوم العالمي للغذاء، دعت فيها إلى تحرك فوري وفعّال لمنع وقوع كارثة إنسانية غير مسبوقة في قطاع غزة، في ظل استمرار سياسات الحصار الإسرائيلي وتداعيات الحرب الأخيرة، التي أدت إلى انهيار شبه كامل للأمن الغذائي والصحي في القطاع.
وشملت المراسلات كلاً من: السيد/ سيندي ماكين المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي (WFP)، والسيد/ شو دنيو المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO)، والسيد/ مايكل فخري المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء، والسيد/ تلالينغ موفوكينغ المقرر الخاص المعني بالحق في الصحة، والسيدة/ فرانشيسكا ألبانيزي المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967،
إضافة إلى المفوض العام للأونروا فيليب لازاريني، ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان (OHCHR)، واللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)، ومنظمة الصحة العالمية (WHO)، وشبكة الأمن الغذائي العالمي.
وأكدت الهيئة في مذكرتها أن الحرب الأخيرة والحصار الممتد منذ سنوات قد دمّرا البنية التحتية الزراعية والغذائية في قطاع غزة، ما جعل مئات آلاف الأسر تواجه خطر المجاعة والموت البطيء. وأشارت إلى أن تقارير أممية حديثة، منها التحليل الصادر عن وكالات الأمم المتحدة (FAO، WFP، UNICEF، WHO) بتاريخ 22 أغسطس 2025، تؤكد أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يعيشون فعليًا في مناطق مصنّفة ضمن المرحلة الخامسة من التصنيف الدولي للأمن الغذائي (IPC Phase 5)، أي مرحلة “المجاعة المؤكدة”، في حين يواجه أكثر من 1.14 مليون شخص حالة طوارئ غذائية، وقرابة 396 ألفًا يعيشون في أزمة غذائية حادة.
وبيّنت الهيئة أن أكثر من 40% من الأسر في قطاع غزة تعاني من نقص حاد في الغذاء، وأن نحو 39% من السكان لا يجدون طعامًا كافيًا لأيام متتالية، ما أدى إلى تفشي سوء التغذية، وارتفاع معدلات الوفيات خصوصًا بين الأطفال والنساء الحوامل.
ووفق ما أوردته المذكرة، فقد توفي 460 فلسطينيًا، بينهم 154 طفلًا، نتيجة التجويع وسوء التغذية، بينما يعاني أكثر من 320 ألف طفل دون سن الخامسة من خطر سوء التغذية الحاد.
كما حذّرت “حشد” من تدمير ما نسبته 98% من الأراضي الزراعية في غزة، ومنع دخول مستلزمات الإنتاج الزراعي كالوقود والبذور والأسمدة، إلى جانب إغلاق المعابر، واستهداف المخابز والمزارع ومخازن الحبوب، الأمر الذي أدى إلى انهيار منظومة الغذاء المحلية بشكل كامل.
وأشارت الهيئة إلى أن هذه السياسات تمثل استخدامًا للتجويع كأداة حرب ضد المدنيين، وتحويل الحصول على الغذاء إلى ورقة تفاوض سياسية، في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف، مؤكدة أن ما يجري في غزة هو انتهاك هيكلي ومنهجي للحق في الغذاء وليس مجرد أزمة إنسانية مؤقتة.
ودعت الهيئة المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته الأخلاقية والقانونية، واتخاذ خطوات عاجلة لوقف تفاقم الكارثة، مطالبة بـ:
ضمان فتح المعابر الإنسانية والسماح بتدفق المساعدات الغذائية والطبية بشكل منتظم وآمن إلى جميع مناطق القطاع.
زيادة الدعم الدولي للمنظمات الإنسانية لتوفير الغذاء والاحتياجات الأساسية للسكان، وتعويض النقص الحاد في الواردات الغذائية.
إعادة بناء البنية التحتية الزراعية والغذائية لضمان استدامة الإنتاج المحلي.
ربط المساعدات بآليات رقابة ومساءلة شفافة لضمان العدالة في التوزيع ومنع الاستغلال.
اعتبار الحق في الغذاء قضية مساءلة دولية تستوجب تدخلاً مستمرًا، لا أن تُختزل في إطار الإغاثة الطارئة.
تعزيز التنسيق الدولي والمحلي لضمان التوزيع السريع والعادل للمساعدات.
تفعيل آليات الرصد والتوثيق لحالات سوء التغذية والوفيات لضمان استجابة مستدامة.
وختمت الهيئة مذكرتها بالتأكيد على أن كل يوم تأخير في التدخل الإنساني قد يعني وفاة طفل آخر بسبب الجوع، داعيةً المنظمات الدولية إلى التحرك العاجل لإنقاذ حياة آلاف الأسر في غزة، وترجمة التزاماتها القانونية والإنسانية إلى إجراءات عملية ملموسة تضمن الحق في الغذاء والكرامة الإنسانية.