في قلب الحرب وبين خيام النزوح في قطاع غزة وُلدت قصة حقيقية لا تشبه غيرها. بطلها شاب فلسطيني اسمه حامد عاشور وكلبه الذي تبنّاه في لحظة نزوح ويأس فأصبح رفيقًا له في رحلة القهر والبقاء.
القصة لم تبقَ حبيسة غزة بل تخطّت حدودها وانتشرت عبر منصات التواصل حتى وصلت إلى ملايين القرّاء حول العالم وتُرجمت إلى سبع لغات وأثارت ضجّة إنسانية كبيرة.
البداية.. لقاء غير متوقع في زمن الحرب.
وسط الدمار التقى حامد بكلب من نوع "جيرمن شيبرد" كان تائهًا وخائفًا بلا مأوى. لم يتردد للحظه احتضنه وأخذه معه إلى خيمة النزوح ليصبح أكثر من مجرد حيوان أليف أصبح صديقا ورفيقا في رحلة النجاة من حرب لا تُبقي ولا تذر .
كتب حامد يومياته مع الكلب على وسائل التواصل الاجتماعي. يوميات بسيطة لكنها صادقة وصارت نافذة إنسانية وسط عالم غارق في الأخبار القاسية. صورة شاب وكلبه في خيمة مهترئة يتقاسمون فتات الطعام. جسّدت هذه المشاهد المصورة. وجع غزة بطريقة لم تفعلها الكلمات وحدها.
انتشار القصة جذب انتباه جمعية أوروبية من دبلن إيرلندا تواصلوا مع حامد وطلبوا الاطمئنان على صحة الكلب وعرضوا خطة كاملة لإجلائه إلى أوروبا حيث ينتظره بيت دافئ ورعاية كاملة.
لكن الصدمة أن الحديث كان عن الكلب فقط. لم يطلب أحد الاطمئنان على حامد الإنسان الذي يعيش في خيمة لا تصلح لعيش أي كائن حي وهو بطل القصة وصاحبها الحقيقي.
كتب حامد بمرارة
تواصلوا معي ليطمئنوا على الكلب وبحثوا في طرق إخراجه من غزة بينما أنا صاحب القصة لم يشر أحد إليّ كأنني لا أرقى أن أكون حتى حيوانًا.
تحوّلت يوميات حامد وكلبه إلى ما يشبه مجلّة إنسانية تُقرأ في كل مكان. العالم تعاطف مع الحيوان، لكنه تجاهل مأساة الإنسان.
تلك المفارقة أصبحت مرآة تكشف عمق الخلل في إنسانية العصر كيف تُبذل الجهود لإنقاذ كلب بينما يُترك إنسان فلسطيني يواجه الحرب بلا مأوى بلا دواء بلا أفق.
قصة حامد عاشور ليست مجرد حكاية عن رفقة إنسانية بين شاب وكلب. بل هي شهادة حيّة على عالم متناقض. عالم يُنقذ الحيوان، ويتجاهل صاحبه مع انهما يعيشان على الاقل نفس المعاناة.
هي صرخة من قلب غزة أن حياة الفلسطيني ما زالت في نظر الكثيرين أقل قيمة من حياة أي كائن آخر.
قصة حامد والكلب لم تنتهِ،
فهي ما زالت حيّة في وجدان كل من قرأها بلغاته السبع. لكنها تطرح سؤالًا أكبر من غزة وأكبر من الحرب.. لسنا ضد الرحمة وحقوق الحيوان والدليل ما فعله هذا الشاب الفلسطيني لكن.
أي إنسانية هذه التي تنتصر لحيوان وتنسى صاحبه الإنسان واكثر من 2 مليون انسان يعيشون بنفس الظروف.
والله غالب.