غزة الحرب والتهدئة.. بوابة نتنياهو لـ "خطف إسرائيل"
نشر بتاريخ: 2025/07/17 (آخر تحديث: 2025/07/17 الساعة: 20:13)

خلال 21 شهرا من انطلاق الحرب العدوانية الإسرائيلية على فلسطين وقطاع غزة، توضحت جوهر أهدافها، والتي أضعف نقاطها مسألة الانتقام من حركة حماس لفعلتها النكبوية يوم 7 أكتوبر 2023، بل ربما يجد رئيس حكومة دولة الفاشية نفسه مدين بتقديم شكر خاص، لما قدمته مساعدة تاريخية للذهاب نحو تحقيق ما كان مخطط قبل ذلك بكثير، كشف هو عنه بعد 48 ساعة يوم 9 أكتوبر 2023، حول تغيير الشرق الأوسط.

الهدف الكبير لاستكمال المخطط الأمريكي لترتيبات جديدة في الشرق الأوسط، بعدما فشل في المحطة المصرية ثم توالى في تونس والسودان نسبيا، ومحاصرته حيث أطل، جاء نتيناهو ليكون "فارس التغيير الكبير"، وخلال الأشهر الـ 21 حقق ما فاق التقديرات الداخلية في الكيان وخارجها، وبدأت دولة الكيان تضع قدميها في تقرير مصير الأقليم ومحيطه، قبل أن تصبح مكونا منه.

"مكاسب" دولة الكيان خلال فترة ما بعد 7 أكتوبر، لم تعد أن تكون أو لا تكون، بعيدا عن الضجيج الفارغ الخادم للأهدف الكارثية، تحت "شعارات"غالبها صناعة يهودية" استخدامية لا أكثر، فيما الوقائع تتحدث بحقائق مخالفة جدا، ما يحدث في سوريا، وقبلها مع بلاد الفرس ولبنان، وإنهاء "محور البعبعة"، فيما فتحت علاقات بلا قيود مع غالبية دول الخليج، تتراوح عمقها بين دولة وأخرى، تحولت من دولة "عدو" إلى دولة صديقة وربما لبعضهم "حليفة"، مع تهويد فلسطن الترايخية وتحويل الفلسطيني إلى ساكن ضمن "إمارات وجزر" غير متحدة، فصل قطاع غزة لزمن بعيد.

تلك الوقائع المكتسبة لدولة الكيان، لا يجب أن تزيل من الذاكرة، إن عشية 7 أكتوبر كانت تعيش أزمة داخلية هي الأخطر منذ قيامها اغتصابا 1948، حيث ملامح الحرب الأهلية بدأت تطل بقوة وسرعة، وهددت وجودها، بعد مظاهرات استمرت ما يقارب 10 أشهر، رفضا لمحاولة حكومة نتنياهو فرض تعديل قضائي يخدم "حكم الفرد" وليس "الدولة"، ما عرفت في حينه بـ الثورة القضائية"، رأتها غالبية يهودية داخل الكيان وخارجه، بأنها باب نهاية "الحلم اليهودي"، فجاءت حماس لتقدم "الهدية الكبرى" الأولى لمنع حرب أهلية تحركت بقدميها للشوارع.

وبعد 21 شهر، تعود حماس لتعيد تدوير الهدية "الكبرى" لنتنياهو وحكومته من خلال مكذبة المفاوضات المترية فيما يسمى "تهدئة غزة"، لتكون بوابة تعزيز ذاته الخاصة وموقفه السياسي نحو إعادة ما لم يكن ممكنا، لخطف الكيان عبر مصادرة السلطة القضائية، التي انطلقت مع قرار حكومة، في سابقة نادرة لإقالة النائب العام (المستشار القضائي)، التي مثلت عقبة أمام خطط الحكومة في الشأن الداخلي، خاصة تقييد يد نتنياهو في اقالة وتعيين كبار المسؤولين وفقا للولاء، وليس الكفاءة، كما كان مع رئيس أركان جيش الاحتلال ورئيس الشاباك، اعتبارها (تغييرات من هذا النوع ستؤدي إلى تسرب اعتبارات فئوية وسياسية من المستوى السياسي إلى المهني، ما سيحول الخدمة العامة إلى خدمة حزبية وشخصية لصالح الحكم) كما وصفت في الإعلام العبري، وأيضا فضيحة قطر غيت التي عصفت بمكتبه، بالتوازي مع أشهر محاكم الفساد التي تمر على الكيان، يخوضها شبه إسبوعيا.

مفاوضات تهدئة غزة، تمنح نتنياهو الوقت الخاص، لاستخدانها نحو تمرير التعديلات القضائية الخاصة، والتي لخصها بكثافة النائب العام السابق لحكومة الكيان مندلبليت، "الاتجاه الذي نسير فيه هو وصفة لتدمير كامل للديمقراطية وسيادة القانون في دولة إسرائيل”.

وكانت صحيفة نيويورك تايمز نشرت تحقيقيا مطولا في بداية يوليو حول كيف استغل نتيناهو حرب غزة لتحقيق "أهداف خاصة شخصية"، إلى جانب الأهداف "الاستراتيجة العامة، ولذا أصبح جاهزا للبدء في الذهاب نحو عقد صفقة التهدئة في غزة، بعدما وضع قواعد قوية لاستمرار حكم الاحتلال العسكري في القطاع، ورسخ تقسيمه عبر محاور 4 ومنطقة عازلة، وينتقل من "المفاوضات المترية" مع حماس نحو الجبهات الأكثر استراتيجية، داخليا وإقليميا.

خطف إسرائيل وتمرير تعديلات القضاء تبقى المهمة المركزية الداخلية، التي لم يتراجع عنها، رغم ما يسمى "أزمة التشكيل الحكومي" جراء قانون "تجنيد المتدينين - الحريديم"، خاصة وأنه لم يعد تحت ضغط حل الكنيست وفقدان الأغلبية لشهر أكتوبر القادم (ذكر الهدية).

غزة كانت باب العبور لمنع حرب أهلية داخلية في الكيان..وهي تعود لتكون باب العبور لنتنياهو لخطف الكيان، واستبدال نظام الحكم من الولاء للكيان إلى الولاء للفرد..فهل يتحقق "الحلم النتنياهوي"..تلك مسألة قيد الانتظار.