"الميزان" يستنكر مجزرة المجوعين في خان يونس ويحمل مؤسسة "غزة الإنسانية" المسؤولية
نشر بتاريخ: 2025/07/17 (آخر تحديث: 2025/07/17 الساعة: 15:07)

أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان بيانا صحفيا مساء الأربعاء، استنكر خلاله مجزرة الاحتلال بحق المجوعين في خان يونس محملا مؤسسة غزة الإنسانية المسؤولية.

وفيما يلي نص البيان:

يستنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان بأشد العبارات الجريمة البشعة التي وقعت صباح اليوم في نقطة توزيع المساعدات بمحيط موراج جنوب خان يونس، والتي راح ضحيتها عشرات المدنيين المجوعين بين شهيد ومصاب جراء التدافع والاختناق أثناء انتظارهم للحصول على الغذاء، وإذ يحمل المركز مؤسسة غزة الإنسانية والقوات المشرفة على عمليات التوزيع المسؤولية الكاملة عن هذه الكارثة، فإنه يؤكد في الوقت ذاته أن هذه المجزرة كشفت عن وجه جديد من وجوه تحويل المساعدات إلى أدوات قمع ومصائد للموت.

وبحسب المعلومات الميدانية، فقد لقي20 مواطناً صباح اليوم الأربعاء 16/7/2025، حتفهم خنقاً وأصيب عشرات آخرين، جراء التدافع الشديد أثناء محاولتهم عبور البوابة الرئيسية لنقطة توزيع المساعدات المعروفة بنقطة موراج جنوب مدينةخان يونس، والتي تشرف عليها مؤسسة غزة الإنسانية، بالتنسيق مع القوات الإسرائيلية، وقوات أمريكية عاملة على الأرض.

وبحسب شهود عيان، فإن الجنود الأمريكيين المكلفين بتأمين الموقع، أغلقوا البوابة أمام آلاف المدنيين المتجمعين منذ ساعات الفجر بانتظار مساعدات غذائية، ثم عمدوا على إطلاق غاز الفلفل بشكل مباشر تجاههم، ما تسبب بحالة من الذعر الشديد والاختناق، وأدى ذلك إلى تزاحم غير مسبوق عند البوابة وبين الأسلاك الحديدية، وسقط عشرات الأشخاص أرضاً، بينهم أطفال وشباب قضوا خنقاً تحت أقدام المتدافعين، وجرى نقل الضحايا بواسطة العربات التي تجرها الحيوانات إلى مستشفى ناصر الطبي في خان يونس، إذ جرى التعرف حتى هذه اللحظة على 17 ضحية، فيما لا تزال جثث مجهولة الهوية داخل ثلاجات الموتى.

ويروي أحد شهود العيان ما حدث عند نقطة التوزيع، إذ أفاد (م. ز) 17 عام، وهو أعزب، يقطن في خيمة في مواصي خان يونس، وكان هناك وقت الحادث: مع شح المواد التموينية وإرتفاع أسعارها بشكل جنوني، ذهبت أكثر من مرة إلى نقاط توزيع المساعدات الأمريكية لجلب ما يمكنني جلبه من هناك من مواد غذائية لسد جوعنا. واليوم الأربعاء الموافق 16/7/2025، ذهبت عند حوالي الساعة 5 صباحاً، رفقة ابن عمتي (ز. ن)، إلى منطقة شارع الطينة للذهاب إلى نقطة توزيع المساعدات الأمريكية في منطقة موراج جنوب خان يونس، وبعد وصولنا، جلسنا في آخر شارع يطلق عليه شارع الليمون، وهو الطريق الوحيد الذي يؤدي إلى نقطة موراج، ويبعد عن نقطة التوزيع حوالي كيلو ونصف متراً، فجأة حدث إطلاق نار من قبل دبابة إسرائيلية كانت متمركزة في وسط الشارع، وعند حوالي الساعة 6:30 من صباح اليوم نفسه، انسحبت الدبابة، وذلك يعني أن نقطة التوزيع فتحت ويستطيع الناس عبور الشارع والتوجه إلى داخل النقظة للحصول على المساعدات، وبالفعل ركضت أنا وابن عمتي بأقصى سرعة تجاه النقطة، وكانت هناك أعداد مهولة من الناس متوجهة للحصول على المساعدات، وعند وصولنا للبوابة الرئيسية، كنا محشورين بين السياج وكأنها حلابة للتفتيش، تفاجأنا بعد وصولنا بإغلاق الجنود الأمريكان للبوابة قبل دخولنا، وأطلقوا تجاهنا غاز الفلفل، عندها حصل تدافع وتصادم بين الناس، وسقط الكثير منا على الأرض، وخاصة الأطفال وقعوا تحت الأقدام، وكان الناس من شدة الازدحام والتدافع يدوسونهم بأقدامهم، ولم يتمكن أحد وقتها من انتشالهم، الجميع كان يريد الابتعاد عن الغاز، وفي نفس الوقت الحصول على المساعدات، بعدها فتحنا البوابة التي أغلقها الجنود الأمريكان عنوة، ودخلنا لنقطة التوزيع، وأخذت بعض البقوليات وزيت الطعام ووضعتهم في كيس دقيق فارغ آخذه معي دائماً، واحتشد الناس فوقي وأنا جالس على الأرض أبحث عن بعض أكياس الدقيق حجم 1كيلو، شعرت بالاختناق الشديد، وفوراً أمسكت بالكيس الذي وضعت فيه بعض المواد الغذائية، وصرخت على الناس التي كانت فوقي ليخرجوني من بينهم، وبعد التدافع والصراخ، استطعت الخروج، وأنا خارج وبالقرب من البوابة الرئيسية، رأيت ما يقارب 15 شخصاً ملقون على الأرض، منهم من لم يكن يتحرك، ومنهم من يحاول الناس إسعافه، حملت الكيس الذي كان معي ورجعت للمنزل وأنا في حالة إرهاق شديد، وأشعر لحد هذه اللحظة من الإختناق من الغاز الذي أطلقه الأمريكان علينا.

تجدر الإشارة إلى أن الآلية الأمريكية الإسرائيلية التي تنفذ بواسطة ما يطلق عليه مؤسسة غزة الإنسانية، حصدت أرواح ما يزيد عن (650) مواطناً منذ بدء عملها بتاريخ 27/5/2025، وما يزيد عن (183) في طرق قوافل المساعدات.

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يستنكر هذه الجريمة البشعة، فإنه يحمل الجهات المسؤولة عن إدارة وتوزيع المساعدات وعلى رأسها مؤسسة غزة الإنسانية والقوات العسكرية المشرفة عليها المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة التي تضاف إلى سلسلة طويلة من الجرائم المرتكبة بحق المدنيين في قطاع غزة، واستمرار استخدام نقاط توزيع المساعدات كوسائل قمع وتحكم ومعاقبة جماعية، عبر ما أصبح يعرف بـمصائد الموت المتمثلة في آلية توزيع غير إنسانية، تستخدم التنكيل ضد المدنيين العزل المحتشدين من أجل البقاء على قيد الحياة.

وعليه، يطالب المركز المجتمع الدولي بفتح تحقيق دولي عاجل وشفاف في هذه الحادثة والحوادث الأخرى المشابهة، ومحاسبة جميع المسؤولين عن هذه الجريمة والجرائم الأخرى السابقة، سواء المشغلين أو الداعمين لهذه النقاط، وضرورة الإيقاف الفوري لهذه الآلية غير الإنسانية التي أثبتت هدفها في إعادة هندسة الجوع بما يضمن مضاعفة معاناة المدنيين وإلحاق الأذى بهم.

ويجدد المركز مطالبته للمجتمع الدولي بضرورة التدخل الفوري لإجبار دولة الاحتلال على وقف جريمة الإبادة الجماعية، وفرض وقف إطلاق النار، والإقلاع عن استخدام سياسة العقاب الجماعي والتجويع كسلاح، ورفع الحصار وضمان استمرار تدفق المساعدات الإنسانية بأقصى حد، ويشدد المركز على أن السماح بمرور إرساليات الغوث الإنساني هو واجب إنساني وأخلاقي وقانوني يقع على عاتق دول العالم كافة، ويجب ألا يخضع وصول الغوث لأي اعتبارات سياسية باستثناء معايير العمل الإنساني التي من شأنها حفظ حياة وكرامة المدنيين. وفي هذا الإطار يطالب المركز بدعم جهود الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة وعلى رأسها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأنروا، وتمكينها من مواصلة دورها وتدخلاتها المنقذة للحياة في قطاع غزة، باعتبارها الجهة الوحيدة التي أثبتت على مدار عقود التزامها بالمعايير الإنسانية الدولية، وقدرتها على تنفيذ عمليات إغاثة محايدة وآمنة تحترم كرامة الإنسان وحقوقه.

ويؤكد المركز على أن استمرار هذا النهج القائم على الإذلال والهندسة القسرية للجوع، يعد جريمة إنسانية مكتملة الأركان، ومؤشر خطير على الانحدار الأخلاقي في آليات التعامل مع الكارثة الإنسانية المستمرة في غزة