التطاول الإسرائيلي

حمادة فراعنة
التطاول الإسرائيلي
الكوفية ثلاثة بلدان عربية مُستباحة من قبل قوات المستعمرة الإسرائيلية: فلسطين، لبنان، سوريا، مستغلة تفوقها وقدرتها العسكرية المدعومة من قبل الولايات المتحدة، سياسياً وعسكرياً واستخبارياً وتكنولوجياً.
المستعمرة تسعى للهيمنة والسيطرة وحتى التفرد بالشرق العربي، في غياب عامل عربي متماسك موحد قادر على الرد ولجم تطاول قوات المستعمرة وكبحها، خاصة بعد أن أصاب قدرات المقاومة الفلسطينية، وإمكانات حزب الله، وتدمير كامل للجيش السوري، والوضع الإقليمي ليس أفضل حالاً في مواجهة قوات المستعمرة، بعد المس بقدرات إيران، وتحييد الخيار التركي، وانشغال موسكو في حرب أوكرانيا، والصين خياراتها مدنية غير عسكرية، لا تحبذ التدخل المباشر في مواجهة سياسات الولايات المتحدة الداعمة للمستعمرة الإسرائيلية.
التطاول الإسرائيلي على سيادة البلدان العربية الثلاثة: فلسطين ولبنان وسوريا، يتم ضمن برنامج منظم بهدف إبقاء تفوق المستعمرة وهيمنتها، في التوسع وبلع فلسطين، وإبقاء الجوار ضعيفاً، هزيلاً، غير قادر لا على المواجهة، ولا على الحفاظ على الاستقلالية والكرامة وحق الاختيار.
برامج وتطاول وسياسات المستعمرة، لا تكتفي بالمس بسيادة البلدان العربية الثلاثة، بالاحتلال الكامل لفلسطين، وجزء من جنوب لبنان، والجولان السوري، بل تتدخل في شؤونها الداخلية، فهي تعمل على تغذية الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس، بين الضفة والقطاع، وتعمل على تمزيق وحدة الشعب اللبناني وقواه السياسية والتحريض على حزب الله وفرض شروط داخلية مجحفة على لبنان بهدف إثارة الانقسام والتباعد وتضارب المصالح بين القوى السياسية اللبنانية، وبين بعضها وبين الدولة اللبنانية، كما ظهر ذلك جلياً بالتدخل الفظ في جنوب سوريا، وفرض شروط منطقة خالية من السلاح وعدم التواجد للجيش السوري، وأدوات تسليحه، والإسهام في تفجير الخلاف والصدام وتغذيته بين بني معروف والعشائر السورية الأخرى.
وهي لا تتردد في التدخل وتمزيق اللحمة الوطنية الداخلية للبدان العربية والإسلامية، كما حصل في السودان وانقسامه إلى دولتين، حيث التدخل الإسرائيلي والتسليح لقوات الجنوب، حتى تمكنت من نجاح خيارها بالانقسام والاستقلال عن السودان الموحد.
في فلسطين حينما وجه اللوم والسؤال إلى نتنياهو حول مغزى تمرير الأموال إلى حركة حماس قبل عملية 7 أكتوبر 2023، أجاب في مؤتمر الليكود: "من منكم ضد إقامة دولة فلسطينية، من منكم مع استمرار الانقسام الفلسطيني، ليقف إلى جانبي لتمرير الأموال إلى حركة حماس".
الصمت وقبول تدخل المستعمرة في الشؤون الداخلية العربية، واستباحة قواتها والمساس بسيادة البلدان العربية، وفرض الاحتلال عليها، تساهم بالتوسع الإسرائيلي، حيث لن تكتفي أطماعها إلى ما وصلت إليه، بل ستتسع وتتطاول على الأمن القومي العربي برمته، وما يُسمى بـ "السلام الإقليمي" و "اتفاقيات أبراهام" و"صفقة القرن" المفروضة من قبل الولايات المتحدة، سوى تعابير وسياسات تستهدف تعزيز النفوذ والوجود والاحتلال والتوسع الإسرائيلي، وفرضه بالكامل على العالم العربي.
ما قاله الزعيم اللبناني وليد جنبلاط، يجب أخذه بالاهتمام والاحترام، عن مخاطر المستعمرة الإسرائيلية وسياساتها العدوانية التوسعية الاستعمارية، والرئيس السوري أحمد الشرع أوضح توجهات المستعمرة وسياساتها بقوله: "إن الكيان الإسرائيلي الذي عودنا دائماً على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا، يسعى الآن مجدداً إلى تحويل أرضنا إلى ساحة فوضى، غير منتهية، يسعى من خلالها إلى تفكيك وحدة شعبنا، وإضعاف قدراتنا، وأن هذا الكيان لا يكف عن استخدام كل الأساليب لزرع النزاعات والصراعات"، لهو دلائل حسية تشكل حوافز نحو اليقظة والإدراك ومواجهة سياسات المستعمرة وإحباطها على طريق هزيمتها.